تسعى قرية بتير الفلسطينية إلى إقامة مشاريع سياحية تستوعب الزيادة الكبيرة في عدد السياح المحليين والأجانب القادمين إليها، بعد إدراجها على لائحة التراث العالمي قبل ما يقارب العامين.
وكانت القرية ذات المدرجات المائية الأثرية، قد وضعت على لائحة التراث العالمي في اجتماع اليونسكو في دورته الثامنة والثلاثين التي انعقدت في العاصمة القطرية عام 2014.
وقالت المنظمة إنه تم إدراج القرية بشكل عاجل في ضوء "بناء جدار عازل قد يفصل بين المزارعين وحقولهم التي يزرعونها منذ قرون".
وأضافت لجنة التراث العالمي التابعة ليونسكو أن الوديان المزروعة في القرية الموجودة بالضفة الغربية قرب القدس تتميز بمصاطب حجرية خلابة تواجه خطر التعرض "لأضرار لا يمكن إصلاحها في حالة تشييد الجدار".
وأشادت وزيرة السياحة والآثار في الحكومة الفلسطينية رولا معايعة بالقرار، وقالت إن الاحتلال كانت تريد تدمير الموقع ببناء الجدار العازل، مضيفة أن المشكلة الآن أصبحت مع منظمة يونسكو.
قناة مياه بقرية بتير تمر أسفل خط السكة الحديد الرابط بين القدس والداخل (الجزيرة)
مخاطر الجدار
ويناضل أهالي القرية منذ سنوات لتسجيل منطقتهم في قائمة التراث العالمي، وإجبار إسرائيل على تعديل مسار جدارها العازل بمنطقتهم.
ويقول الخبراء إن مدرجات بتير تتعرض لخطر عاجل بسبب خطط إسرائيل لبناء قسم من جدارها الأمني بالضفة الغربية يمر عبر الوادي مباشرة بموازاة خط السكك الحديدية.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن عام 2007 عن مخطط الجدار فوق أراضي القرية، وتقدم المحامي غياث ناصر باسم الأهالي بالتماس للمحكمة الإسرائيلية العليا التي أصدرت في مايو/أيار أمرا احترازيا يمنع العمل بالجدار في مساره الحالي، وطالبت الجيش بطرح مسارات بديلة.
وأعرب أحد سكان القرية -ويدعى رائد سمارة- عن ارتياحه لقرار يونسكو، مؤكدا أن الناس يشعرون بالارتياح دون شك، وأن هناك وعيا فلسطينيا ودوليا. لكنه يشعر بالخوف من عدم التزام إسرائيل بالقرار.
كما و اوضح أكرم بدر قال لوكالة رويترز إن ما بين 200 و300 زائر كانوا يأتون للقرية سنوياً، وبعد إدراجها على لائحة التراث العالمي زارها مئة ألف خلال 2015.
ومضيفاً أن إدراج القرية على لائحة التراث العالمي، "منع "الاحتلال" من إقامة جدار كان سيصادر ثلث أراضي بتير، ويدمر أجزاء من الإرث العالمي الموجود فيها".
ويتوقع بدر زيادة كبيرة في عدد السياح، والأمر بدأ فعلاً خلال السنتين الماضيتين، وهذا ما زاد النشاط الاقتصادي والسياحي في البلد".
ودعا بدر كل من يريد الاستثمار في القطاع السياحي أن يأتي إلى بتير التي يبلغ عدد سكانها حالياً نحو 7000 نسمة، ويتعرف على فرص الاستثمار فيها.
وقال إن البلدية بدأت مشروعاً طموحاً لإقامة بيوت ضيافة لاستقبال السياح الراغبين في المكوث في القرية.
ويقدر رئيس بلدية بتير حاجة القرية إلى ما يقارب عشرة ملايين دولار للاستثمار في القطاع السياحي فيها. ويتوقع أن يصل عدد السياح المحليين والأجانب الذين سيزورون القرية إلى قرابة نصف مليون زائر بحلول العام 2020.
وأدى تسجيل قرية بتير على لائحة التراث العالمي إلى زيادة اهتمام السكان بإنتاج الأشغال اليدوية. وتوجد حالياً نحو 14 عائلة تعمل في الأشغال اليدوية، وهو ما أدى إلى تحسين دخلها في السنتين الأخيرتين، بحسب بدر.
وتتميز القرية الواقعة في جبال الضفة بتدفق المياه عبر نظام ري من الحقبة الرومانية إلى وادٍ عميق، حيث يوجد طريق للسكك الحديدية -جزء من سكك حديد يافا القدس التي شيُدت أيام العثمانيين- يؤشر لخط التقسيم بين الضفة وإسرائيل المقرر عام 1949.
وبين الأماكن الفلسطينية المدرجة على لائحة يونسكو للتراث العالمي أيضا بيت لحم، كما أن جدران المدينة القديمة بالقدس مدرجة كذلك على لائحة التراث العالمي.
وتشتهر بتير بمصاطبها المزروعة، ومنظومتها الفريدة لري الأرض منذ آلاف السنين، وقد حصلت على جائزة من منظمة التربية والعلم والثقافة التابعة للأمم المتحدة (يونسكو)؛ تقديراً لنجاحها في صيانة تراثها القديم.
وتتدفق مياه سبعة ينابيع في القرية لتروي أراضي مزروعة بأنواع مختلفة من الخضر، إضافة إلى كروم العنب والتين والزيتون، التي تزين سفوح تلال القرية الواقعة على بعد عدة كيلومترات غربي مدينة القدس.
ويمكن للزائر أن يرى مياه النبع الباردة وهي تتدفق لتسير في قنوات مكشوفة، وأخرى مغلقة، وتوزعها بين عائلات القرية الثماني ضمن نظام يعرف بالمعدود، وهو عبارة عن حصة من المياه.