أحمد موسى الدلكي من مواليد قرية ناصر الدين قضاء طبريا عام 1917م وهو من عشيرة الدلالكة التي عرف عنها التصدي والمقاومة للانتداب البريطاني وكذلك الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين، حيث شارك أحمد موسى في ثورة عام 1939م وأسهم بجهد كبير في ذلك مع المجاهدين لحماية قرى الجليل الشمالي.
هاجرت عائلته عام 1948م بعد أن حلت النكبة بالشعب الفلسطيني وذلك إلى الأردن حيث استقر به المطاف في منطقة الشونة الشمالية المحاذية لنهر الأردن، والأمر الذي ولد لديه شعوراً كبيراً من الإحباط وهو يشاهد عشرات الآلاف من شعبه الفلسطيني يهجرون من مدنهم وقراهم حيث يقوم العدو الصهيوني باقتلاعهم من الأرض بالقوة، وكذلك تدمير ونسف منازلهم.
أحمد موسى الدلكي متزوج وله تسعة أولاد (أربعة ذكور وهم قايض ، محمد، محمود، فايز وخمس بنات هن، قيضة، حمامة، ربحية، فاطمة، فايزة)
كان أحمد موسى الدلكي من أوائل المنتمين هو وأبناء عمومته إلى حركة فتح عام 1964م حيث كان أعضاء حركة فتح من عشيرة دلكي هم:
أحمد موسى دلكي – حسين غورو دلكي – حسن فرحان دلكي – حسين فرحان دلكي – حسين الضاوي دلكي – حسن أحميدي دلكي – محمد عبد الله دلكي – وحش محمود دلكي.
تدارست قيادة حركة فتح في عام 1964 إمكانية تنفيذ عملية عسكرية كبيرة تبدأ بها انطلاقتها وقد استقر الرأي على أن يذهب الأخ/ أبو عمار إلى الأردن حيث اجتمع مع أحمد موسى الدلكي الذي كان في طليعة المنتسبين إلى حركة فتح في منطقة الشونة الأردنية، حيث أسندت إليه مهمة تنفيذ عملية عسكرية مهمة تبدأ بها حركة فتح انطلاقتها وهي تدمير منشآت نفق عيلبون والتحويلات المائية والمولدات والمكاتب التي أقامتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي لسرقة مياه نهر الأردن وذلك لري مشاريعها الزراعية والسمكية والحيوانية، وكذلك رداً على استنكارات وشجب بعض الدول العربية.
أختار أحمد موسى مجموعة من أبناء عمومته حيث قام باستطلاع منطقة نفق عيلبون برفقة كل من حسين إبراهيم الدلكي، وحسن احميدي الدلكي، ووحش إبراهيم الدلكي، وذلك في شهر ايلول من عام 1964م حيث قاموا بإرسال معلومات الاستطلاع إلى القيادة المتواجدة في دمشق في شهر نوفمبر 1964 م طلب من مجموعة التوجه إلى سوريا منطقة الحمه السورية لتلقي دورة تدريبية مكثفة على المتفجرات وزرع الألغام واستخدام ساعات التوقيت، حيث استمر التدريب مدة أسبوعين، عادوا بعد ذلك إلى الأردن بانتظار تعليمات القيادة لتنفيذ أول عملية عسكرية.
تم نقل بعض الأسلحة والمتفجرات من سوريا إلى الأردن وتم تخزينها في منزل حسن حميدي الدلكي وعبدو حميدي الدلكي غرب منطقة الشونة الشمالية بالقرب من نهر الأردن.
عند وصول التعليمات من القيادة اجتمع أفراد المجموعة الخاصة بالتنفيذ يوم 28/12/1964م في منزل أحمد موسى الدلكي الساعة السادسة مساءً والتي تألفت كل من/ أحمد موسى إبراهيم الدلكي (قائد المجموعة) وحسين إبراهيم الدلكي (نائباً) وأعضاء المجموعة وهم حسن حميدي الدلكي، محمد عبد الله الدلكي، وحش إبراهيم الدلكي، محمود صالح أبو الهيجاء (أبو فتحي) على مفلح أبو الهيجاء، محمود قاسم القصاص (أبو العبد)، على اللافي (أبو حنا) وكان المنسق بين القيادة والمجموعة هو قايض أحمد موسى الدلكي ابن أحمد موسى، حيث كان دوره استطلاعي للمنطقة، وحمود موسى إبراهيم الدلكي، وأبو ناصر الحايك.
تحركت المجموعة من منزل أحمد موسى مساء الخميس الموافق 28/12/1964 بعد الساعة السابعة مساءا،ً حتى وصلوا إلى النهر الذي كان فائضاً بسبب غزارة الأمطار، عندها أصدر قائد المجموعة أحمد موسى أمراً إلى حسن حميدي الدلكي، وهو سباح ماهر بعبور النهر لاستطلاع إمكانية عبورة حيث قام بالسباحة في النهر وعاد قائلاً لهم هناك إمكانية للعبور لكن بصعوبة كبيرة، وكان رد أحمد موسى أن هنالك بعض الأخوة لا يجيدون السباحة حيث أصدر أمراً لهم بالعودة إلى المنزل، لم يبقى من المجموعة سوى خمسة أفراد يجيدون السباحة وهم أبناء العمومة: أحمد موسى الدلكي، حسين إبراهيم الدلكي، حسن حميدي الدلكي، وحش إبراهيم الدلكي، محمد عبد الله الدلكي، تم تدارسوا الأمر وقرروا العبور عن طريق جسر المجامع وذلك عند الساعة الخامسة والنصف من مساء يوم الجمعة 29/12/1964م حيث قاموا باجتياز النهر وتنقلوا بين الجبال والوديان سيراً على الأقدام يحملون المتفجرات مختبئين نهاراً ومستأنفين السير ليلاً حيث التقوا بدليل كان ينتظرهم داخل الأراضي الممثلة، ساعدهم في الوصول بتاريخ 31/12/1964م إلى المنطقة التي سيتم تنفيذ العملية فيها، فقام وحش إبراهيم وحسن حميدي بزرع المتفجرات داخل النفق، وضبطاً ساعة التوقيت للتفجير بتاريخ 1/1/1965م أي صبيحة اليوم الأول من السنة الجديدة، وعادوا أدراجهم باتجاه النهر، بعدها انقسموا إلى فريقين أخذت كل منها طريقاً تختلف وجهته عن الأخرى، عند وصولهم إلى الحدود الأردنية حتى سمع دوى انفجار اهتزت له المنطقة بأسرها، بعدها وصلت الفرقة الثانية المؤلفة من أحمد موسى ومحمد عبد الله حيث تعرضت لإطلاق النار أصيب على أثرها أحمد موسى إصابة قاتلة في القلب أدت إلى استشهاده يوم الأول من كانون الثاني 1965 وهو على مسافة لا تبعد أكثر من 500م عن مسكنه في منطقة الشونة الشمالية، فكان أول شهيد يسقط في الثورة الفلسطينية، حيث جرى تشييع جثمانه بعد صلاة العصر في نفس المنطقة، هذا وقد أعلنت حركة فتح البلاغ العسكري رقم (1) الصادر عن القيادة العامة لقوات العاصفة مطلقة العمل العسكري ضد الاحتلال الإسرائيلي حيث اعتبر ذلك التاريخ بداية انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة.
وبعد أن تم توزيع البيان على الصحافة ورجال الإعلام ووكالاته باسم العاصفة، فقد كان صدى نجاح هذه العملية عاصفة حقيقية على العدو الصهيوني، وما أن جاء مساء ذلك اليوم حتى كانت وكالات الأنباء العالمية تردد أخبار هذه العملية الجريئة وسط صمت إسرائيلي رهيب وحيرة عالمية حول هذه المنظمة (العاصفة) التي لم يسمع باسمها من قبل ولا بظروف تشكيلها ولا رموز أفرادها وقادتها فضلاً عن الأماكن التابعة لتواجدها ومصادر تمويلها وتسليحها … الخ.
وعلى أثر تلك العملية بدأت المخابرات الإسرائيلية بتجميع معلومات من خلال عملائها الذين أفادوا أن الذين نفذوا العملية هم أبناء عمومة أحمد موسى الدلكي، فجهزت وحدة خاصة قامت بمهاجمة منازل القرية في الشونة الشمالية، وقامت بنسف عدة منازل وقتل بعض أقارب الشهيد/ أحمد موسى الدلكي.
أما أبطال عملية عيلبون فمنهم من استشهد لاحقاً في عمليات أخرى مثل الشهيد / حسين غورو الدلكي، الذي استشهد خلال القيام بعملية فدائية في عام 1976م والشهيد وحش إبراهيم الدلكي الذي توفي بعد معاناته طويلة مع مرض السرطان عام 2005م أما البقية فقد انتقلوا إلى رحمة الله تعالى تباعاً رحمهم الله.
لقد ارتبط اسم الشهيد / أحمد موسى إبراهيم الدلكي دائماً بذكرى الانطلاقة المجيدة لحركة فتح والثورة الفلسطينية المعاصرة.
رحم الله الشهيد أحمد موسى الدلكي ورحمه الله أعضاء مجموعته الذين انتقلوا إلى العلا وأن يسكنهم جميعاً فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.