جمعية رابطة أهالي القباب
اللجنة الثقافية
بــيــن الــسـهــل والــجــبــل
الــقــبــاب
عليان الهندي
|
|
|
جمعية رابطة أهالي القباب
اللجنة الثقافية
بــيــن الــسـهــل والــجــبــل
الــقــبــاب
عليان الهندي
|
|
|
جمعية رابطة أهالي القباب
اللجنة الثقافية
بين السهل والجبل
القباب
عليان الهندي
2021
حقوق النشر محفوظة للجنة الثقافية
للمراسلة على الايميل: alian.alhindi@yahoo.com
هاتف: عمان 0796960776 - فلسطين - رام الله 0595011173
صورة الغلاف مأخوذة من كتابأهارون شاي: "مصير القرى العربية في دولة إسرائيل عشية حرب الأيام الستة وما بعدها - تاريخ الصورة عام 1947
الاهداء
إلى المـنـتـظرين العـودة إلى فـلـسـطـيـن وقـريـة الـقـبـاب
الفهرس
المقدمة
|
7
|
الفصل الأول: بين السهل والجبل
|
12
|
القباب
|
12
|
جيوغرافيا المنطقة
|
17
|
المساحة والملكية
|
21
|
الحدود
|
21
|
الشوارع والطرق
|
22
|
الفصل الثاني: السكان واحوالهم
|
28
|
عدد السكان
|
28
|
التركيبة السكانية للقرية
|
31
|
عدد المنازل
|
33
|
الاراضي واستخدامتها
|
36
|
وقف أراضي قرية القباب
|
39
|
الفصل الثالث: تعليم وإدارة
|
40
|
التعليم في قرية القباب
|
40
|
التركيبة الادارية
|
42
|
المؤسسات العامة
|
44
|
وجهاء قرية القباب
|
45
|
الفصل الرابع: القباب عبر التاريخ
|
48
|
عين يردا
|
56
|
الفصل الخامس: المواقع والحفريات الأثرية والمقامات
|
63
|
خربة كفر طاب
|
72
|
خربة يردة
|
72
|
مقام الشيخ تميم
|
73
|
مقام الشيخ سليمان
|
73
|
الفصل السادس: مقاومة الاحتلال البريطاني
|
75
|
الفصل السابع: هيا ننتقم - احتلال قرية القباب
|
79
|
أهمية المعركة
|
79
|
موازين القوى
|
82
|
الاقتحام الأول - عملية نحشون
|
86
|
الاحتلال الأول
|
88
|
تدمير جسر القباب - عملية مكابي "أ"
|
89
|
هجوم مضاد
|
91
|
العدوان ليلة 14-15 أيار
|
92
|
الاحتلال النهائي
|
96
|
الفصل الثامن: شهداء قرية القباب
|
99
|
الفصل التاسع: الطرد والهدم
|
101
|
طرد السكان
|
101
|
هدم قرية القباب
|
105
|
الفصل العاشر: تهويد قرية القباب
|
111
|
بعد النكبة
|
111
|
مقاومة التهويد - المتسللون
|
114
|
القباب اليوم
|
115
|
خلاصة
|
119
|
ملاحق
|
|
ملحق رقم 1: خارطة قرية القباب
|
22
|
ملحق رقم 2: خارطة سير القوافل الصهيونية
|
25
|
ملحق رقم 3: صورة لأول إحصاء عثماني لقرية القباب
|
29
|
ملحق رقم 4: جدول لعدد سكان قرية القباب في حقب تاريخية مختلفة
|
30
|
ملحق رقم 5: جدول لعدد منازل قرية القباب عام في حقب تاريخية مختلفة
|
36
|
ملحق رقم 6: جدول استخدامات الأراضي في قرية القباب عام 1948
|
39
|
ملحق رقم 7: صورة لعين يردا
|
58
|
ملحق رقم 8: غرفة تحت الأرض تضم 3 أنواع من الأكواخ
|
67
|
ملحق رقم 9: مخطط عسكري لعملية نحشون
|
87
|
ملحق رقم 10: صورة لجسر القباب قبل تدميره
|
90
|
ملحق رقم 11: مشهد عام لقرية القباب عام 1948 –خلال الحرب
|
97
|
ملحق رقم 12: جدول بشهداء قرية القباب
|
100
|
ملحق رقم 13: خبر الإعلان عن إقامة "مستعمرة كفار بن نون"
|
113
|
ملحق رقم 14: صورة لمنزل محمود ياسين –سكرتاريا المستعمرة
|
116
|
المقدمة
لطالما هممت بالكتابة عن قريتي (القباب) التي هُجر وطُرد سكانها، في عدوان ونكبة عام 1948 على أيدي العصابات اليهودية-الصهيونية المدعومة من الاحتلال البريطاني، التي أصبحت بعد دولة الاحتلال "إسرائيل".
لكنني اعتقدت مخطئا، أنني سأجد صعوبة في الكتابة عن القرية، خاصة ما يتعلق منها بالرواية الشفوية، التي سبقني إليها مشكورين اللجنة الثقافية لـ "جمعية رابطة أهالي القباب"، التي صدر عنها كتاب "من ريحة البلاد" الذي يوثق روايات ومشاهدات 37 شخصية، ممن ولد وعاش في قرية القباب، الذين كانوا شهودا على مأساة القتل والطرد من القرية، أسوة بسكان غيرها من المدن والقرى الفلسطينية، التي ما زال يعاني أبناء جيل النكبة وأحفادهم مرارتها.
كذلك سهل موقع "كي لا ننسى" الذي يوثق أحداث النكبة، وتاريخ كل فلسطين التاريخية، الذي ضم مجموعة من اللقاءات والمقالات والتعليقات من أبناء وأحفاد سكان قرية القباب، الكتابة في موضوع الراوية الشفوية بالدراسة.
وكانت مساهمة موقع المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية "هوية" المتخصص بتوثيق تاريخ العائلات الفلسطينية وبجمع شجرة العائلات وصورها، والوثائق المتعلقة بها، مساهمة مهمة في الكتابة.
بالإضافة إلى كل ذلك، أجريت مجموعة لقاءات لمن عمل في قرية القباب إن كان من ابناؤها أو أبناء القرى المجاورة، التي ساهمت بإلقاء الضوء على قرية القباب في فترة ما بعد حرب عام 1967، أو نكسة حزيران التي استكمل فيها احتلال فلسطين.
خلال الكتابة، لم يخطر في البال وأنا أبحث عن وثائق وأخبار تتعلق بقرية القباب، بأنها قرية مهمة جدا من الناحية التاريخية، ومحط أنظار المجموعات الصهيونية-المسيحية وبعض مجموعات التبشيرية الاستعمارية، في بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وغيرها من الدول، قبل أكثر من 200 عام. التي خصصت لها ،كغيرها من المدن والقرى الفلسطينية، رحلات استكشافية وأثرية، بناءا على رواية توارتية مزورة، حول الوجود اليهودي في فلسطين، الذي لم تؤكده ،لا الحقائق التاريخية ولا الحفريات الأثرية، لا بقرية القباب، ولا في غيرها من المدن والقرى الفلسطينية.
ورغم تأكد المجموعات المذكورة، من عدم وجود ما يثبت الرواية التوراتية، أصرت دولة الاحتلال الإسرائيلي على إعطاء المكان صبغة تاريخية ودينية يهودية مزورة، عندما وضعت في القرية مستعمرتين في قرية القباب باسماء توراتية هي "كفار بن نون ومشمار اييلون"، وإلى جانبها مستعمرتي "شعلابيم" على أراضي قرية سلبيت و"غيزر" على أرض قرية أبو شوشة.
خلال الكتابة واجهت العديد من المشاكل، التي كان من أهمها، عدم توفر عدد كبير من الوثائق العربية، ما دفعني إلى الاستعانة بالمراجع العبرية بكثرة خاصة في مجال الحفريات الأثرية، وما تضمنته من إشارات إلى تاريخ القرية.
مشكلة أخرى واجهتني خلال الكتابة عن قرية القباب، وهي ارتباط التاريخ والجغرافيا والدين لكل القرى المحيطة بقرية القباب، حيث كان من الصعب جدا الفصل في تاريخ القرية بمعزل عن بقية القرى.
وكذلك الأمر، ما يتعلق بالفصل بين الهجمات التي شنتها العصابات الصهيونية، ومن بعدها دولة الاحتلال الإسرائيلي على قرية القباب، عن غيرها من القرى الفلسطينية في منطقة اللطرون.
إجمالا، يمكن التأكيد أن الهدف من وراء كتابة هذه الدراسة عن قرية القباب، هو إبقاء الذاكرة حية، في عقول وقلوب أبناء وأحفاد من أجبروا على الرحيل من وطنهم ومسقط رأسهم، إلى أن يشاء الله أمرا كان مفعولا، وتتحقق العودة كاملة لكل الشعب الفلسطيني إلى أرضه ووطنه فلسطين. كما أن الهدف الثاني، من هذا الكتاب، هو مساعدة المختصين والباحثين في قضايا ومسائل اللاجئين الفلسطينيين أينما وجدوا.
خلال كتابة، قسمت الدراسة إلى عشرة فصول وخلاصة، ولم تقسم لفترات تاريخية، بل قسمت إلى عناوين مستقلة بسبب تنوع وكثرة عناوينها. حيث تحدث الفصل الأول، عن اسم القرية والجغرافيا السياسية للمكان والمساحة والملكية والشوارع والطرق، التي تحولت من نعمة إلى نقمة على القرية بفضل العصابات الصهيونية، أما الفصل الثاني، فيتحدث السكان وأحوالهم وعدد المنازل والتركيبة السكانية للقرية واستخدامات الأراضي. بينما تحدث الفصل الثالث، عن التعليم والمؤسسات العامة وقدم أسماء وجهاء القرية.
بينما تحدث الفصلان، الرابع والخامس عن قرية القباب عبر التاريخ، وعن الأثار والمواقع الأثرية الموجودة بالقرية. في حين تحدثت الفصول، السادس والسابع والثامن عن دور القرية في مقاومة الاحتلال البريطاني والمشروع الصهيوني، وعن المعارك التي شنتها العصابات الصهيونية على قرية القباب، وعن الشهداء الذسن سقطوا دفاعا عن القرية، حيث الاعتقاد أن هناك الكثير من الشهداء الذين لم تذكر أسمائهم.
أما الفصلين التاسع والعاشر، فقد تحدثا عن طرد وتدمير قرية القباب، وتهويد القرية ومحاربة من حاول الرجوع لقريته.
أخيرا، أتقدم بالشكر، لكل من ساهم في هذا الدراسة، خاصة الباحث والكاتب والمؤرخ الشيخ عباس نمر ابن قرية دير أيوب، الذي كتب مقالتين عن القرية، وزودني بسجل السكان العثماني لقرية القباب، وغيرها من المعلومات، وكان موجها لي في الكتابة بالموضوع.
كما اتقدم بالشكر إلى الدكتور عبد القادر مصطفى سطيح ،ابن قرية دير قديس، التي كانت أحد مسارات اللاجئين، الذي زودني بعدد سكان قرية القباب في الفترات المختلفة من الحكم العثماني، وقدم ملاحظات مهمة اغنت الدراسة.
كما اتقدم بالشكر للاستاذ هاني الهندي، رئيس اللجنة الثقافية في رابطة أهالي قرية القباب، الذي يعيش لاجئا في المملكة الأردنية الهاشمية، ولم يبخل بأية معلومة متوفرة عنده ومتعلقة بالقرية، خاصة كتاب "من ريحة البلاد"، وقام بمراجعة وتحرير الكتاب وتدقيقه لغويا. كذلك اتقدم بالشكر، إلى الاستاذ يوسف سمرين ابن قرية القباب المقيم في النرويج، الذي قدم مساعدة لا تقدر بثمن في جمع المعلومات والصور والوثائق والمقالات، التي فتحت مداركي على مواضيع لم تخطر في البال. وسرعة تقديمه للمساعدة، أشعرتني أنني مع شخص، ما زال يعيش في قرية القباب، أو تعيش قرية القباب فيه.
لهم جميعا كل الشكر والتقدير، راجيا من العلي القدير أن تحقق هذه الدرسة الهدف المرجو منها.
الفصل الأول
بين السهل والجبل
القباب
تختلف الأسباب والمعلومات حول تسمية قرية القباب بهذا الأسم، فالبعض يعزوها إلى التلال البيضاء الموجودة داخل القرية وتشاهد من بعيد على شكل أقبية[1]، بينما يعزوها أهل القرية الذين عاشوا فيها قبل عام 1948 إلى انتشار بعض قبور الصحابة الذين جاءوا مع حملة الصحابي الجليل أبو عبيدة ابن الجراح رضوان الله عليهم، في إطار الحملات الاسلامية المشهورة لفتح بلاد الشام، حيث انتشرت المقامات ذات الأقبية للصحابة رضوان الله عليهم، الذين توفوا جراء انتشار مرض الطاعون في منطقة السهل الساحلي الأوسط من فلسطين، ومن ضمنها قرية القباب[2]، الذي أودى بحياة 25 ألف من أبناء القرى الواقعة في المنطقة المذكورة.
والأرجح أن الفلسطينيين الأوائل، الذين سكنوا القرية، هم أول من استخدم كلمة القباب لتسمية القرية، نسبة إلى التلال البيضاء ذات الأقبية المنتشرة في القرية، لإظهار اختلافها عن مدينة ومملكة جَازِر الكنعانية الموجودة في المكان، حيث أشارت المكتشفات الأثرية التي وجدت في المنطقة، إلى وجود الحديد داخل القرية الذي اختص بصناعته الفلسطينيين، ما يعني أنهم هم أول من سكن التلال التي أصبحت تعرف بقرية القباب بعد الكنعانيين.
وقعت قرية القباب على تلة قريبة من مملكة جَازِر الكنعانية[3]. وتوفرت لها المياه والأراضي الزراعية، ولم يشكل سكانها الفلسطينيين، أي خطر على سكانها الأصليين الذين اندمجوا معهم، مشكلين نموذجا للتعايش حرص عليه العرب والمسلمين أينما حلت رحالهم.
مع ذلك، لا بد من الإشارة أن الرحالة والمؤرخ والعالم مجير الدين الحنبلي العليمي، كان أول من ذكر، أن سكان قرية القباب استخدموا الاسم قبل عام 1493 ميلادي، في كتابه المشهور "الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل".
كما ذكر اسم القرية، في لوائح الضرائب العثمانية عام 1556 ميلادي باسم قباب من دون ألـ التعريف[4]، إضافة إلى ذكر كلمة قيان، التي تعني في اللغة العربية قنوات المياه، التي يبدو أنها مدت من عين يردا القائمة في القرية إلى القرى المجاورة بهدف تزويدها بمياه الشرب والري لزيادة الضرائب عليها.
أما مجلة أسفار، الصادرة عام 1941 التي حملت عنوان "أبحاث الكتاب المقدس في فلسطين وجبل سيناء والعربية والبتراء" فقد ذُكر فيها إدوارد روبنسون أن اسم قرية القباب هو "بيت القباب".
إضافة لذلك، مر على القرية الباحث الأميركي إدوارد روبنسون المعروف بأبو الجغرافيا التوراتية مرتين، الأولى عام 1938، حيث قال أنه مر على قرية، سجلت على أنها قرية محمدية (نسبة إلى الرسول الكريم محمد عليه السلام) أي قرية مسلمة. والثانية عام 1852، حيث ذكر أنها قرية كبيرة، يوجد فيها غابة، وتقع منزلها في المنطقة الشمالية من القرية.
في المقابل، شكك كتاب حمل عنوان أبحاث الأثار "فلسطين - رحلة من عام 1873-1974 الصادر في لندن عام 1896، لتشرلز كليمنت، وقام بترجمته جون ماكفرلين، أن اسم القرية ليس القباب، بل هو "قبون" كما ورد في التوراة، وأن القرية كانت جاثمة على تلة مقابلة للقرية هي تلة كفرتا. والمعروف أن كفرتا هي إحدى خِرب قرية القباب، المعروفة باسم كفر طاب، أو خربة سليمان التي تضم مقام الشيخ سليمان، الذي سميت أحد العيون المائية في القرية على اسمه
وذكر ي. ه. بالمير في كتابه المترجم باسم "فلسطين الشرقية -أبحاث الكتاب المقدس في فلسطين وجبل سيناء والعربية والبتراء" عام 1981، أن اسم القرية هو القباب.
على نفس الصعيد، ذكر الكتاب أن الرحالة والمرخ التوراتي جيرارد سانتين وصل إلى قرية القباب صباحا، حيث شاهد أشجار الزيتون والصبر الملتف حول القرية لحمايتها، وقدر عدد سكانها بـ 500 نسمة. وأضاف سانتين، أنه شاهد خلال تجواله مخازن تضم القش والشعير وحدائق ومزارع وأكياس القمح وغيرها من المؤن، وعدد كبير من قطعان الأغنام والأبقار.
ورجح سانتين أن تكون القرية بنيت محل قرية قديمة، لكنه لم يشاهد منازل قديمة تشير إلى ذلك. وأضاف، أن اسم القرية هو "كهاب" (المحمص).
وادعى عالم الأثار والمؤرخ بريمر توم، الذي مر على قرية القباب، أنه التقى بفلسطيني من القرية يحمل اسم الحاج مصطفى عام 1862، الذي أخبره بأن السكان يحفظون أسطورة، تقول أن الملك سليمان عليه السلام، طلب من كل سكان القرية ممن يملكون أكثر من 30 ثورا 40 خروفا دفع ضريبة عليها، لكن سكان القرية قاموا بالتهرب من هذا القرار، بواسطة توزيع ثروتهم الحيوانية على بعضهم البعض، بما في ذلك النساء والأطفال لتصل إلى الحد الذي لا يمكن دفع الضريبة عليها[5].
لكن الملك سليمان أدرك الحيلة، غضب كثيرا وأرسل إليهم الجن على شكل ذئاب[6] سمراء تقذف ألسنة اللهب من أفواهها، وبدأت تحوم في المكان محولة إياه إلى نيران مشتعلة، وقاذفة الثيران والأغنام إلى مركز حكم الملك سليمان، بينما ألقيت جثث المتمردين في القرية على التلة -التي سكنها أهل القباب فيما بعد[7].
وأضاف الكاتب أن الحاج سليمان استخدم كلمة "كباب" لتسمية القرية وليس "القباب". وفي نفس الوقت، اتهم بريمر المؤرخ مجير الدن الحنبلي العليمي بالتضليل عندما استخدم اسم قرية القباب لتعريف على القرية.
واعتمدت الروايات التوراتية بخصوص منطقة اللطرون بما فيها قرية القباب، على قيام الحشمونئيم باحتلال مملكة جَازِر، وضمها لمملكة يهودا. لذلك كانت قرية القباب محطة زيارات تاريخية وحفريات أثرية قامت بها مجموعات ورحالة من مؤيدي الرواية التوراتية، لإثبات حق لليهود في فلسطين. لكن، لا الروايات ولا الحفريات الأثرية أثبتت أي وجود لليهود في فلسطين التاريخية، بما في ذلك قريتي القباب وأبو شوشة[8].
أما سجلات السكان الصادرة عن حكومة الانتداب البريطاني منذ عام 1922 وحتى خروج بريطانيا من فلسطين، وانتهاء الانتداب عليها، فقد استخدمت اسمalqubab وفق تسميتها العربية.
أما العين، التي اطلق عليها اسم "عين يردا" فتفيد المصادر التاريخية أن كلمة يردا كلمة أرامية تعني: عين المياه التي يقام فيها سوق تجاري سنوي لتبادل البضائع[9]، ما يؤشر أن الآراميين العرب، إما سكنوها أو كانت سوقا سنوية لهم، نظرا لوقوع قرية القباب وعين المياه في موقع متوسط مهم جدا من ناحية تجارية، حيث يمر من أراضيها ومن غيرها من القرى الشارع الذي يربط القارات الثلاث منها (أسيا وأقريقيا وأوروبا).
أسماء أخرى لقرية القباب موجودة في جمهورية مصر العربية، حيث توجد هناك قريتان باسم القباب الكبرى والصغرى، وهناك أيضا قرية في مملكة المغرب تحمل نفس الاسم، وقرية في العراق ومدينة قديمة في روسيا، ولا ندري إن كان هناك ترابط بين الأسماء، لكن المشترك بين هذه القرى والمدنية هو وجود الأقبية.
إجمالا يمكن القول، أن اسم قرية القباب لم يأت به العالم مجير الدين الحنبلي أو غيره من الرحالة أو المؤرخين، أو حتى من الكتب الدينية خاصة كتاب التوراة، بل هو الاسم الذي نشأ عليه أبناء القرية وتوارثوه أبا عن جد منذ نشأتها على يد الكنعانيين والفلسطينيين من بعدهم حتى اليوم، مع العلم أن توثيق الأسماء جاء بعد حكم العثمانيين لفلسطين.
جيوغرافيا المنطقة
تقع قرية القباب فوق رقعة متموجة قليلاً في الجزء الشرقي من أرض السهل الساحلي الفلسطيني، والأرض حولها منطقة انتقالية بين البيئتين الجبلية شرقاً والسهلية غربا،ً لذلك سميت من قرى العرقيات، أي أن أراضيها مشتركة بين السهل والجبل ومعدل ارتفاعها عن سطح البحر يبلغ من 150-280. وتبعد عن جنوب شرق الرملة 10 كم، وعن مدينة القدس 33 كم، وهي كما وصفها المرحوم يوسف عبد الحميد هندي حين قال :"بين السهل والجبل تقع قرية القباب"[10].
تتميز المنطقة بما فيها قرية القباب، بوجود الصخر الرسوبي وعدة انواع من الصخور البركانية والجير، وتعتبر المنطقة معتدلة من ناحية طبوغرافية وهي منطقة مريحة للسكن. في وسط هذه المنطقة تنبع عين يردا وهي من أغنى مصادر المائية وأكثرها استقرارا في المنطقة. والقباب منطقة سهلة للتحجير وبناء المغارات والمقابر[11].
من الناحية الجغرافية، تتوسط قرى اللطرون ،من ضمنها قرية القباب، والسهل الساحلي الأوسط فلسطين التاريخية. لذلك تعتبر المنطقة موقعا استراتيجيا مهما لكل من يرغب بالمحافظة على وجوده فيها. لذلك ،منذ وجود الكنعانيين، حرصت كل الحضارات والشعوب، التي عاشت في فلسطين، إلى السيطرة على هذه المنطقة، مندمجة مع سكانها السابقين، باستثناء دولة الاحتلال الإسرائيلي، التي رفضت الاندماج ومارست القتل والتدمير والتشريد بحق سكانها الأصليين.
إضافة لذلك يمر من قرية القباب ،ذات الموقع استراتيجي المهم، شارعي يافا-القدس وشارع اسدود-القدس التاريخيين منها، اللذان كانا ممران مهمان للتجارة وتنقل البشر والإمدادات العسكرية والمدنية لكل الحضارات التي حكمت، بما في ذلك الاحتلال البريطاني والعصابات الصهيونية، التي استغلت هذه الطرق للحرب والقتل بعد أن كانت ممرات وطرق للحياة.
الموقع الاستراتيجي، المهم، دفع قادة العصابات الصهيونية مبكرا، ومن بعدهم دولة الاحتلال الإسرائيلي، وفي مقدمتهم دافيد بن غوريون ضرورة السيطرة على تلك القرى، وكان مصرا على احتلالها حيث أمر، على عكس مطالب قادته العسكريين، بشن ستة عمليات عسكرية صغيرة وكبيرة للسيطرة عليها هي :نحشون وهريئيل ومكابي وبن نون (اسم لمستعمرة أقيمت على أراضي قرية القباب) ويورام وأهمها عملية "د" أو حرب الأيام العشرة، لتأمين السيطرة الصهيونية المطلقة على منطقة اللطرون وقرية القباب والشوارع المحيطة فيها، لضمان بقاء الدولة الجديدة، التي أقيمت على انقاض وأراضي الشعب الفلسطيني[12].
وحسب المصادر الإسرائيلية قتل، خلال المعارك للسيطرة على قرى مناطق اللطرون وباب الواد وراس العين، من العصابات الصهيونية أكثر مما قتل منهم في احتلال الجليل الغربي[13].
من الناحية التجارية، اعتبر موقع المنطقة، خاصة قرية القباب، ممرا إجباريا للقوافل التجارية القادمة من يافا واسدود، المتوجهة إلى أسيا وأفريقيا، ومن المنطقتين إلى القارة الأوروبية، منذ أن سكنها الكنعانيون حتى عام 1948، عندما عملت دولة الاحتلال الإسرائيلي على تغيير شبكة الطرق التجارية فيها، حين شقت شارع يمتد من مستعمرة تل ابيب إلى مدينة القدس المحتلة، الذي يمر من قرية اللطرون وعمواس، في حين حولت الميناء الأساسي لها إلى مدينة حيفا المحتلة.
علاوة على ذلك، اعتبر موقع أراضي القرى الفلسطينية الواقعة في منطقة السهل الساحلي الأوسط من فلسطين، ومن ضمنها قرية القباب من أخصب الأراضي الصالحة لزراعة الحبوب على مختلف أنواعها.
إضافة لذلك تقع قرى اللطرون، ومن ضمنها قرية القباب فوق حوض المياه الغربي (يضخ من 350-400 مليون ميتر مياه سنويا) الممتد شمالا من جنين حتى الخليل في الجنوب، ما جعلها قرية متقدمة زراعيا، إضافة إلى تحول وديانها إلى ما يشبه الانهار شتاءا، نتيجة الامطار القادمة من شمال شرقي القدس وقضاء رام الله، التي شكلت رافدا من روافد نهر العوجا. ووجود المياه فيها، وسهولة استخراجها، جعلها محل اهتمام خاص من قبل الامبراطوريات التي حكمت فلسطين
كذلك شكل موقع قرية القباب ممرا للاجئين الذين طردتهم إسرائيل من قرية عنابا والرملة التي طرد سكانها في 14\7\1948، بعد أن اعتقلت 3 ألاف منهم، وقامت بتحميلهم في حافلات، رغم الاتفاق على عدم ترحليهم بموجب وقف إطلاق النار وتسليم المدينة[14].
المساحة والملكية
بلغت مساحة أراضي قرية القباب حسب خريطة فلسطين ووثائق الانتداب البريطاني (القوة المحتلة) عام 1945 ميلادي 13169 دونم[15]، يملك الفلسطينيين منها 12235 دونم كأملاك خاصة[16]، بينما ملكت دولة الانتداب 63 دونم كأراضي عامة، كما خصص 326 كطرق وشوارع من مجموع المساحة الكلية للقرية.
وتضم القرية ستة وديان هي: وادي المطامير ووادي الخب ووادي سليمان والوادي الكبير والوادي الصغير ووادي إبراهيم، وادي أبو سكير [17].
إضافة إلى التلال، يوجد في القرية جبلين هما جبل الكيكب وجبل المَطَينة.
الحدود
تحيط بقرية القباب تسعة قرى، حيث يحدها من الشمال قرى بيت شنه والكنيسة وعنابة، ومن الشمال الغربي قرية البرية، ومن الغرب قرية أبو شوشة (تل جَازِر)، ومن الجنوب قرية الخلايل، ومن الجنوب الشرقي قرية اللطرون وعمواس، ومن الشرق قرية سلبيت.
خارطة قرية القباب
الشوارع والطرق
حبا الله قرية القباب بثلاثة مزات لم تتوفر لبقية القرى في المنطقة، ففي الأولى كانت القرية جزءا من مملكة جَازِر الكنعانية. وفي الثانية، جثمت القرية على حوض مائي ضخم كانت تنبع منه عين يردا. والثالث، الطريق التاريخي يافا-القدس واسدود- القدس ومنها إلى قارتي أسيا وأفريقيا، وبالعكس.
الوضع المذكور، تطلب إقامة الحصون وشق الشوارع، حيث أشارت الحفريات الأثرية أن الكنعانيين هم أول من شق طُرقا في المنطقة، توالت على أثرها الشوارع والطرق، كلما جاءت أمة على المكان.
وأشارت المكتشفات الأثرية، إلى وجود شبكة طرق قديمة جدا تمر عبر قرية القباب إلى الرملة واللد ويافا وإلى اسدود وعسقلان وغزة، كما تبين من الحفريات الأثرية أن بعض هذه الطرق تم رصفه بالأحجار المستوية.
وتشير المعطيات التاريخية والجغرافية، أن الطريق كانت تبدأ من يافا وتمر بيازور والرملة مرورا بالقباب واللطرون وبيت نوبا إلى قرى باب الواد مثل ساريس وابو غوش والقسطل وانتهاءا بالقدس، ومنها لقارة أسيا. كما مرت من القرية الطريق الساحلي من يافا والرملة مرورا بقرية القباب حتى ميناء أشدود، مرورا ببئر السبع ومنها إلى أفريقيا[18].
كانت الامبراطورية العثمانية تطلق اسم "الدروب" على الشوارع والطرق، لكن أطُلق على طريق يافا-القدس اسم "طريق البغال"، وفي أحيان أخرى طريق العربات أو العجلات ،نسبة إلى عجلات العربات[19].
ونظرا لأهمية الشارع، ولتصريف البضائع وتسهيل تنقل المسافرين، من وإلى القدس، أوكلت الامبراطورية العثمانية إلى شركتان (فرنسية وانجليزية) شق شارع لعربات النقل عام 1868، وطلب من سكان القرى في قطر 50 كم، بمن فيهم القرى الواقع فيها شارع مثل قرية القباب، تقديم مجموعة من العمال للعمل في شق الشارع، كعمال سخرة، أو دفع غرامة بدل العمل، وعُينَ من كل قرية تطل على الشارعن مسئولا عن تنفيذ أبناء قريته العمل في شق الشارع.
في عام 1886 انتهي العمل في الشارع، وأصبح صالح لتنقل العربات وسمي طريق القدس. وبعد انتشار ظاهرة السيارات قامت الامبراطورية العثمانية بتعبيد الشارع[20]. لذلك كانت قرية القباب، مدخلا مهما إلى القارات الثلاث حيث كانت تمر البضائع والبشر ،ذهابا وإيابا، من مينائي يافا وأسدود إلى فلسطين نفسها وإلى أفريقيا وأسيا (المشرق العربي بشقيه الأسيوي والأفريقي) ومن هاتين القارتين إلى أوروبا عِبر نفس الشارع[21].
لذك كانت السيطرة على شارع يافا-القدس، الذي يقسم قرية القباب إلى نصفين، مهمة لكل من حكم فلسطين منذ الكنعانيين ،الذين شقوا الشارع، حتى الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين الذي فضل تدمير القرى الواقعة على هذا الشارع مثل قرية القباب وعنابة واللطرون وعمواس والنعاني وساريس وغيرها من القرى، وتحويل الشارع إلى طريق فرعي، بواسطة شق طرق جديدة من مستعمرة تل أبيب إلى القدس.
خارطة سير القوافل الصهيونية
لذلك حرصت الممالك والامبراطوريات التي حكمت فلسطين قبل دولتي الاحتلال بريطانيا وإسرائيل، على التحكم بالطريق والمحافظة عليه بطريقتين هما: الأولى، الاتفاق مع سكان القرى لحماية الطريق مقابل امتيازات. والثانية، هو الاحتلال الدائم مع إقامة القلاع المختلفة لحماية هذه الطريق، من دون التعرض للسكان[22].
كذلك لا بد من الإشارة، إلى الساحة الموجودة في وسط قرية القباب قرب المسجد، التي كانت تتفرع منها بقية الشوارع داخل القرية، التي سميت بـ "الدروب"، وهي مسارات ضيقة لتنقل البشر والماشية ولحماية البيوت من السرقات ومن هجمات الحيوانات البرية[23].
وسميت الشوارع في قرية القباب بأسماء الأمكان المتجهة إليها مثل شارع عين يردا، المسمى باسم العين، الذي تشير المصادر التاريخية والأثرية إلى رصف جزا منه بالحجارة، وإلى شارع المَطيَنة الذي كان يعتبر مصنع أواني الفخار والصحون والطوب للبناء لسكان القرية، وطريق النحلة وطريق البابور (مطحنة القمح التي كانت تسمى باللغة العامية بالبابور).
إضافة إلى ذلك، تواجدت طرق فرعية أخرى ،غير معبدة، متجهة إلى القرى المجاورة مثل النعاني وعمواس واللطرون وعنابة وبيت شنه والكنيسة والبرية وأبو شوشة (تل جَازِر) والخلايل واللطرون وعمواس وسلبيت ودير محسن، وقد سميت الطرق بأسماء القرى المتجهة لها الطريق .
خلال العهد العثماني، تم رصف (تعبيد) الطريق التاريخي يافا-القدس، الذي يمر وسط القباب، في حين شق الاحتلال البريطاني طريق جديد لربط التجمعات اليهودية ببعضها البعض ،مع المرور بالحد الأدنى من القرى الفلسطينية، حيث تم شق طريق رقم واحد لربط مدينة تل أبيب (الشيخ مونس) بالتجمعات اليهودية في القدس. وخلال شق أحد الشوارع، ونتيجة لاحتراق "الزفتة"، هرب العمال من الموقع إلى الشارع، حيث صدمتهم حافلة ركاب يهودية تتبع شركة "ايغد" ما تسبب باستشهاد مواطنين، أحدهما من قرية أبو شوشة، والثاني احمد عبد الفتاح مصطفى من قرية القباب[24].
لكن نعمة الشوارع التي تمتعت بها قرية القباب على مدار التاريخ، تحولت إلى نقمة في عهد العصابات الصهيونية ودولة إسرائيل فيما بعد، حيث أشارت المعطيات إلى دهس الكثير من ابناء القرية والقرى المجاورة من قبل الحافلات الصهيونية، وإطلاقها النيران من أسلحتها الخفيفة على مواطني القرية.
الفصل الثاني
السكان واحوالهم
عدد السكان
تفتقر الدراسة إلى المعلومات حول عدد سكان القرية، في العهود التي سبقت العهد العثماني، خاصة أن دفاتر التحرير العثمانية، كانت أول إحصاء لأعداد السكان كانت تقديرية، ولم تكن دقيقة، حيث كانت الخانة هي الأساس لهذا الإحصاء. والخانة هنا، حسب علماء التاريخ، تعني أن المنزل سكنه ما يقارب من 5 أفراد[25]، حيث تواجد في القرية 44 خانة، ما يعني أن عدد سكان قرية القباب بلغ ما يقارب من 220 نسمة عام 1526. وازداد العدد خلال 50 خمسون عاما بنسب ضئيلة جدا، لكنه في أخر إحصاء بعد الخمسون عاما تراجع إلى أقل من 200 نسمة بقليل، ولا يوجد تفسير لتراجع عدد السكان خلال تلك الفترة، سوى وقوع زلزال في المنطقة، أو انتشار الأمراض أو الجفاف الناتج عن قلة الامطار، الذي أدى إلى حركة تنقل للسكان، خاصة أن القرية مشهورة بتنقل السكان منها وإليها.
وأشارت وثيقة عثمانية أخرى، أن عدد سكان القباب عام 1870 بلغ 381 نسمة من دون إحصاء عدد النساء[26]. وذكر البروفيسور تشارلز كليمنت-جانتو الذي زار القرية أنه يعتقد أن عدد سكان قرية القباب عام 1986 بلغ 500 نسمة[27].
صورة لأول إحصاء عثماني لقرية القباب
وفي إحصاء السكان، الذي أجرته سلطات الاحتلال البريطاني عام 1922 تبين فيه أن عدد سكان قرية القباب وصل إلى 1275 نسمة. في حين أشار سجل عام 1931 أن عدد سكان القرية وصل إلى 1502 نسمة، أما الاحصاء الذي أجرته سلطات الاحتلال البريطاني عام 1945، فقد تبين منه أن عدد سكان القرية بلغ 1980 نسمة، في حين أشار أخر إحصاء ،الذي أجري عام النكبة 1948، أن عدد السكان القرية وصل إلى 2297 نسمة.
عدد سكان قرية القباب في حقب تاريخية مختلفة
العام
|
عدد السكان
|
ملاحظات
|
1526
|
220 نسمة
|
|
1549
|
أقل من 200 نسمة
|
|
1577
|
300 نسمة
|
|
1596
|
42 أقل من 200
|
|
1870
|
500 نسمة
|
الاناث - عددهن 381 نسمة
|
1986
|
500 نسمة
|
تقدير
|
1922
|
1275 نسمة
|
681 إناث و594 ذكور
|
1931
|
1502 نسمة
|
793 إناث و 709 ذكور
|
1945
|
1980 نسمة
|
|
1948
|
2297 نسمة
|
|
ووفق المعطيات الفلسطينية الرسمية، ضاعف الفلسطينيين أنفسهم 5 مرات منذ نكبة فلسطين عام 1948، ما يعني أن تقدير عدد سكان قرية القباب اليوم يصل إلى أكثر من 50 ألف نسمة، مشردين في مختلف أنحاء العالم، لكن الغالبية العظمى منهم في المملكة الأردنية الهاشمية.
التركيبة السكانية للقرية
تشير دفاتر التحرير العثمانية الصادرة عام 1930، أنه تواجد في قرية القباب عائلات كثيرة هي: حمولة آل هندي (الهندي) ومن عائلاتها: هندي وعطا وأبو عيشة وعلي وسليمان وعلي سالم والشيخ إبراهيم . وحمولة آل سمرين ومن عائلاتها :سمرين وعيسى ومصلح والجريري وموسى وهيجر وخليفة. وحمولة آل حمد ومن عائلاتها: حمد وعلي حمد وحامد والأعرج وعلي حسين وأبو صبحة وأبو روفة. والمصاروة أو المصريين ومن عائلاتهم: أبو جميل وأبو اسماعيل وأبو حطب وأبو ظلام وأبو شندي ومنصور وجبرين وخميس والقطاوي. الكثير من عائلات المصاروة جاءت خلال الحكم المملوكي لفلسطين، وخلال حملة إبراهيم باشا على فلسطين[28].
والعائلات: ياسين والبيك وأبو غوش وشعبان والترمس ورضوان وأبو شتية (اشتيه) والفتياني والخطيب وأبو تاية وأبو شعيب وناصر الدين وصوالحة وشلباية وأبو صبحة وأبو غالي والنبابتة والنجار وصراصير وحوسا ومراد وحزين (إحزين) وأبو ميالة (مايلة) والعموري وخليل طه والسمايدة وبدرة ونجم وعودة[29].
ومجموعة من أبناء قبائل البدو وهم: عرب الرماضين وعرب البشاتوه وعرب الكعابنة. حيث سكنت هذه المجموعة في أطراف القرية. إضافة لذلك، توجد عدد من عشاير بئر السبع وأطلق عليهم أسم السبعاوية[30]، وهي من القبائل التي كانت تعسكر، خلال عبورها لسوق البرين السنوي في اللد لتسويق الماشية.
يشير انتشار نفس أسماء العائلات القبابية في أكثر من قرية ومدينة فلسطينية مثل عائلات النبابتة وخليفة وشلباية والهندي، حتى أن هناك عائلات مسيحية تحمل اسم هندي، إلى حالة التنقل والترحال التي مرت بها العائلات القبابية لأسباب عديدة منها: البحث عن مصادر الرزق، والانتقال بسبب عمليات الثأر العائلية أو بسبب الخلافات الحزبية مثل الخلاف التاريخي بين بالقيسيين واليمينيين، وانتشار الأمراض أو الأوبئة والأمراض، مثل مرض الكوليرا، الذي انتشر من غزة وامتد إلى مناطق اللد والرملة ويافا وقرها، حيث قتل هذا المرض العشرات من أبناء قرية القباب، عام 1902، في حين أشارت مصادر أخرى أن المرض انتشر من عام 1865-1866 م.
لكن من الواضح، ونظرا لخصوبة أراضي قرية القباب، وسهولة الحصول على المياه فيها، أنها كانت أكثر منطقة استقبال، منها قرية هجرة، مثل استقرار المصاروة وبعض القبائل البدوية من جبال الخليل والسبع فيها، ما أثر على التركيبة الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية.
نتيجة ذلك، لا يمكن الجزم من أسماء العائلات، أن عائلة بعينها هي أصل قرية القباب، نظرا لافتقار الناس للأرض وملكيتها، إلى أن صدر قانون الأراضي عام 1856 م، الذي وزعت خلاله الأراضي بين السكان وتقييدها في دفاتر الطابو[31].
لكن الأهم من كل ذلك، أن قرية القباب، لم ينقطع عنها السكان العرب الفلسطينيين الكنعانيين، منذ أن وطأت أقدامهم فلسطين قبل أكثر من 5000 عام حتى احتلالها عام 1948.
عدد المنازل
تشير المعطيات أن الحياة بدأت في قرية القباب منذ قبل التاريخ فيها. لكن الحفريات الأثرية أشارت، أن الكنعانيين ومن بعدهم الفلسطينيين، ومن تبعهم من أبناء الحضارات الأخرى من رومان وبيزنطيين ومماليك وعباسيين وعثمانيين عاشوا في المنطقة، وبنوا منازلهم وبيوتهم من الحجر. وأشارت الحفريات الجديدة، أن الأبنية الفلسطينية في قرية القباب كانت تشبه البناء في القرى الشرق أوسطية، التي بنيت منذ مئات السنوات، حيث يأتي البناء على أرض لا تصلح للزراعة، ومكان أبنية أثرية، وتتميز بالاكتظاظ[32].
تكونت بيوت قرية القباب، كغيرها من بيوت القرى الفلسطينية من أربعة أنواع من المساكن :الأول، السقيفة وهي مبنية من الطين والحجر وتضم غرفة واحدة. والثاني، الحوش، المكون من طابقين، يستخدم الطابق السفلي منه لمبيت المواشي، أما الطابق العلوي، فهو سكن للعائلة، وتنتشر في المنزل الخزانات الطينية والطاقات ،التي كانت تسمى حينها بـ "الخوابي" لحفظ الادوات المنزلية. يضم الحوش خزانات لحفظ الشعير والقمح والزيت، وقن للدجاج وطابون وموقدة خارجية، وتبلغ مساحة الحوش ما يقارب من 250 ميتر. والثالث، العلية المكونة من طابقين، التي تضم كل طابق فيها أكثر من غرفة، وتتقدم المنزل ساحة وغرف على شكل مخازن للغلال على مختلف أنواعها، وهذا النوع من الأبنية حديث، ومن امتلكه كان يعتبر من الأغنياء. والرابع، وهو البناء الحديث، الذي جاء مع الانتداب البريطاني، المتكون من شقة أمامها ساحة كبيرة جدا من الأرض من أجل الزراعة البيتية ومخازن غلال، وهي أيضا أبنية امتلكها اغنياء القرية.
في أواخر القرن الثامن عشر، وبعد شق الشارع وتعبيده، انتشر البناء في الجانب الغربي من القرية، حيث أصبح الشارع التاريخي يمر من وسط القرية، ما اعتبر تغييرا، خاصة أنها خرجت عن السياق التقليدي للأبنية في القرى .
لكن أول إحصاء لعدد المنازل في فلسطين كان في بداية العصر العثماني، حيث أظهر أنه وجد في قرية القباب عام 1526 ما عدده 44 منزل معمور[33]، من بينهم اثنان مؤهلان للزواج وغير منفصل عن العائلة وإمام جامع، ما يعني أن القرية كان فيها جامع[34]. وحسب احصاء 1549، تبين أن القرية فيها 42 منزل واثنان غير مؤهلان للزواج[35]، أما إحصاء 1577 فقد أشار إلى وجود 56 منزل[36]، بينما أشار إحصاء عام 1596 أن القرية تضم 42 منزل[37]. ووفق الاحصاء المذكور لا يوجد تفسير معين لماذا نقص عدد المنازل خلال خمسون عاما، وبالتالي عدد السكان. لكن على الأغلب أن التراجع في عدد المساكن مرده إحدى الكوارث الطبيعية أو أحد الأمراض المعدية التي اجتاحت المكان، أو ربما حدثت نزاعات في القرية دفعت بعض عائلاتها للهجرة، وتبديل مسكنها.
على نفس الصعيد، أشارت وثيقة عثمانية أن عدد المنازل في قرية القباب عام 1870 بلغ 144 منزل[38]. أما المعطيات حول عدد المنازل قبل نكبة الفلسطينيين وتهجير قرية القباب عام 1948، فقد بلغ 584 منزل[39].
حول مساكن قرية القباب، ذكر البروفيسور تشارلز كليمنت-جانتو الذي زار قرية القباب، في أواسط القرن الثامن، أنه وجد منازل مبنية من الطين، ولم يشر ما إذا كانت البيوت حجرية أم لا. وفي حال كانت البيوت مبنية من الطين ،في تلك الفترة، فربما يعني ذلك أن القرية والمنطقة مرتا بزلزال مدمر، لم يتمكن أبناء القرية من إعادة بناء مساكنهم بالطريقة والشكل الذي كان قائما قبل زيارة البروفيسور تشارلز.
عدد المنازل قرية القباب خلال حقب تاريخية متنوعة
مؤسسات عامة
|
عدد المنازل
|
العام
|
جامع
|
44
|
1526
|
جامع
|
42
|
1549
|
جامع
|
56
|
1577
|
جامع
|
42
|
1596
|
جامع
|
144
|
1870
|
جامع
|
382
|
1931
|
مستشفى وجامع ونادي رياضي ومضافات عشائرية ومدرسة
|
584
|
1948
|
الأراضي واستخداماتها
أشارت الاحصائيات التي اجراها الاحتلال البريطاني لفلسطين، ولقرية القباب عام 1945 أن مساحة الأراضي المسموح البناء فيها بلغت 54 دونم. وأفادت نفس المعطيات أن الفلسطينيين يزرعون 238 دونم مروي[40]. إضافة إلى زراعة 50 دونما من أراضي الدولة. وأوضح الاحصاء أن هناك 163 دونم أخرى صالحة للزراعة المروية ولا تزرع. ونوه الإحصاء، أن الأراضي التي تدفع الضرائب في قرية القباب تصل مساحتها إلى 226 دونم، في حين يدفع دونم واحد من أراضي الدولة الضريبة، الذي يبدو بأنه مؤجر لأحد سكان القرية.
فيما يتعلق بتخصيص الأراضي، أظهر احصاء الاحتلال البريطاني، أنه خصص لقرية القباب 54 دونم للبناء، وهي مساحة كبيرة نسبيا مقارنة مع القرى المحيطة بها، بينما خصص 326 دونم للوديان والشوارع بما فيها الشارع الرئيسي الذي يربط يافا والرملة واسدود وعسقلان وغزة بمدينة القدس وببقية أنحاء العالم العربي بريا.
سميت الأراضي، كما هو متعارف عليه في معظم قرى الريف الفلسطيني باسماء مثل الخلة (الواقعة بين تلين وهي أرض ناعمة ومنبسطة) والكرم والنجمة (الأرض المشجرة ومحيطها غير مشجر) والحبلة والتعميرة والمراح والخلايل (التي تضم أراض منبسطة من عدة قرى مثل اللطرون وسلبيت ودير محسن وبيت جيز وسوسين وصيدون وأبو شوشة والقباب. وبلغ مساحة هذه الأرض ،أو الخلايل 12127 دونم أرض) [41].
إضافة إلى ذلك، أطلقت أسماء خاصة للأراضي في قرية القباب، التي بلغ عددها 32 اسما[42].
أما المعطيات العثمانية[43]، فقد أوضحت أن دافعي الضرائب عن المنتوجات الزراعية في قرية القباب بلغ 56 مزارع[44].
وبلغت قيمة الضرائب على الحنطة 8 غرارات[45] وقيمتها (3840) أقجة [46]، أما خراج الأشجار الصيفي والقطن وخراج الأشجار فقد بلغت قيمة الضريبة (4508) أقجة، بينما بلغت ضريبة الشعير 10 غرارات وقيمتها (3400) أقجة، أما السمسم فبلغت ضريبته (400) أقجة.
وفي عام 1932 أعلنت سلطات الاحتلال البريطاني عن بداية تسجيل الأراضي في في قرية القباب وبغيرها من القرى، وطلبت من السكان تسجيل أراضيهم فيها[47].
استخدامات الأراضي في قرية القباب عام 1948
بالدونم
|
نوعية المساحة المستخدمة
|
54
|
البناء
|
296
|
مزروعة بالزيتون
|
12,308
|
مزروعة بالحبوب
|
238
|
مزروعة بالبساتين المروية
|
12,546
|
زراعة الحبوب
|
457
|
بور (غير صالحة للزراعة
|
وقف أراضي قرية القباب
أوقف السلطان العثماني سليمان القانوني نصف قرية القباب لخدمة الأماكن المقدسة في مدينة القدس[48]، بينما أوقف خربة طاب (أو خربة سليمان أو كفرتا) مع أراضيها لخدمة الحرم الإبراهيمي الشريف، وكان يقوم على فلاحتها أهالي دير دبوان[49]. ولم تتحدث المراجع إن كانت خربة طاب من ضمن هذه الأوقاف أم لا، لكن المؤكد هو أن نصف قرية القباب موقوف لصالح المكانين المقدسين في مدينتي الخليل والقدس.
الفصل الثالث
تعليم وإدارة
التعليم في قرية القباب[50]
انتشرت الكتاتيب ،وهي مدرسة صغيرة مكونة من غرفة واحدة، موجودة في مقامات الأولياء، تضم معلم ومساعده، الذي كان بالعادة من الطلاب المتفوقين، يدرس فيها الطلاب القراءة والكتابة وحفظ القرءان والحساب، في قرية القباب أسوة بقرى قضاء الرملة. وبعد تزايد عدد الطلاب انتقلت المدرسة إلى المسجد. وكان الاستاذ في القرية يتلقى بدلا من التعليم المواد الغذائية على مختلف أنواعها.
أما في العهد الاحتلال البريطاني، فلم تقدم للطلبة أو المدارس أي اهتمام، لذلك ظل التعليم في مسجد قرية القباب حتى عام 1921، حين أعلنت أن كل قرية تضم معلم سينشأ فيها مدرسة. ونظرا لتوفر معلم في قرية القباب، أنشأت مدرسة عام 1921 بمدرس واحد و 15 تلميذ. ومع اهتمام سكان القرية بالتعليم ازداد عدد الطلاب إلى 40 طالبا، يدرسون فيها حتى الصف الرابع، ثم أخذت المدرسة تتقدم حتى أصبحت عام 1947- 1948 مدرسة ابتدائية كاملة (حتى الصف السابع) تضم 233 طالب من القرية ومن القرى المجاورة، يشرف على تدريسهم 8 مدرسين تدفع القرية رواتب 4 منهم. ومن مدرسين القرية الشيخ حسن الفالوجي وحسن الكسواني وعلي الأميركاني من العباسية ومحمود فضة من جمزو وحسن أبو كمال من يافا.
علاوة على ذلك، سمحت إدارة المدرسة، لمن لم يتاح له التعليم في سن مبكر، الالتحاق بها في سن متأخرة، خاصة الذين لم يسمح لهم ،حسب قوانين الانتداب البريطاني التسجيل في المدرسة قبل أن يتم إلغاء هذه القوانين لاحقا.
وبعد إنهاء الصف السابع يتجه الطلاب إلى استكمال دراستهم الثانوية في الرملة. أما الدراسة الجامعية فكانت تتم بالجامعة الأميركية في بيروت التي درس فيها الشهيد احمد محمد منصور.
بالنسبة لتعليم البنات، فقد كانت العادات والتقاليد تحول دون ذلك، إلا أن بعض الأسر القبابية التي كانت تعيش في مدينة اللد أرسلت بناتها إلى المدارس، ما شجع أهل القرية في منتصف عام 1947 على تأسيس مدرسة للاناث لكن ظروف الحرب واحتلال القرية حالت دون استخدامها.
إضافة إلى المرافق المدرسية من ساحة ألعاب، ضمت المدرسة مكتبة بلغ عدد الكتب فيها 282 كتاب. إضافة إلى مكتبات خاصة مثل مكتبة عبد القادر نبابتة الذي حمل بعضا من كتبها بعد طرده من القرية على يد العاصابات الصهيونية.
كذلك لا بد من الإشارة، أن قرية القباب، ضمت في تلك الفترة 488 رجلا يلمون بالقراءة والكتابة.
التركيبة الإدارية
لم تتحدث المصادر التاريخية كثيرا، عن التركيبة الإدارية لقرية القباب، خاصة في العهود التي سبقت الحكم العثماني، لكن ما هو متوفر من المعلومات أنها كانت تتبع قصبة الرملة إداريا، ومن ملحقات قضاء يافا خلال العهد المملوكي، الذي أعلن عنها ضيعة، أسوة بـ 4 ألاف ضيعة منتشرة في فلسطين[51].
ونظرا لكون راضي قرية القباب، كغيرها من القرى الموجودة في السهل الساحلي الأوسط، أراض زراعية، يمكن جني ضرائب كثيرة منها، حصلت منافسة على ضمها إلى نفوذ بعض الحكام مثل ضمها لقضاء القدس أو قضاء غزة قي فترات معينة.
مع بداية سيطرة الامبراطورية العثمانية على فلسطين، ألحقت قرية القباب بمديرية الرملة عام 1877 وفق السجلات العثمانية.
من حيث الأمن وفرض هيبة الدولة وجمع الضرائب وإدارة القرى، فقد منحت لجنود السباهية، الذين طلب منهم إضافة إلى المهام المذكورة، تلقي رواتبهم من الضرائب التي يجمعونها في القرى. وتشير الوثائق العثمانية إلى تخصيص عنصرين من جنود السباهية للاقامة في كل قرية فلسطينية.
في أواسط القرن الثامن عشر، تغيرت الإدارة في قرية القباب، وفي غيرها من القرى من السباهية إلى شيخ الحارة لتمثيل سلطة الدولة وحفظ النظام وفض المنازعات والمشاكل بين أفرادها.
كان يتم انتخاب شيخ الحارة من قبل العائلات، وكلما كانت العائلات عددها أكبر، كان حظها في الحصول على هذا المنصب أعلى. وكان يتنافس مشايخ كل قرية فيما بين أنفسهم للحصول على لقب شيخ مشايخ.
في عام 1864، أصدرت الحكومة العثمانية، قانون نظام الولايات، الذي نص على تشكيل مجلس اختيارية لكل قرية، وأصبح لقب المسئول الإداري هو المختار، وفق بعض الشروط منها أن يكون قد بلغ من العمر أكثر 30 عام، وأن يكون من أصحاب الأملاك في القرية، وأن يدفع بدل المخترة 50 قرش للدولة ضريبة سنوية[52].
كان المختار في القرية، يمثل أعلى هرم السلطة الحاكمة، ومهمته إدارة أحوال السكان وتحصيل أموال الدولة والتبليغ عن الولادات والوفيات ومعاقبة المذنبين وإعطاء التعليمات حول استخدامات الأراضي، وغيرها من المهام[53].
بالإشارة إلى ما سبق، ضمت قرية القباب مجموعة من المخاتير، حيث تشير المصادر التاريخية أنها تعرفت على المختار حسين علي حمد عام 1853 م والمختار محمد أبو حسين أبو سرية كمختار أول لقرية القباب عام 1893، بينما كان حسن علي سليمان الهندي مختار ثان لقرية القباب في نفس الفترة.
أما في عهد الاحتلال والانتداب البريطاني، فقد استمرت قرية القباب الارتباط إداريا بلواء الرملة. وعرف من مخاتير القرية في تلك الفترة السادة: عبد الرحيم الهندي وحسين سمرين، وحسن محمد، وعبد الرحيم الحاج سليمان، وعبد الرحمن وعلي محمد علي كمختار ثالث[54].
المؤسسات العامة
ضمت قرية القباب مجموعة من المؤسسات العامة التي تقدم خدماتها، لكل السكان مثل الجامع، الذي لم تقتصر دوره على العبادة فقط، بل كان المدرسة الأولى، وفيه ألقيت الدروس الدينية والوطنية، كتلك التي قدمها الشيخ كامل السوافيري حول خطورة الانتداب على وجود الفلسطينيين. وطالب في خطبه، الاقتصاد في المصاريف وتخفيض المهور، وهي إشارة إلى غلاء المهور في قرية القباب قبل النكبة، وإلى الغنى الذي تمتع به سكان القرية[55].
كذلك كانت المدرسة التي ضمت العديد من الصفوف وساحة لممارسة الألعاب لطلاب المدرسة. وعيادة امتلكها الدكتور ابراهيم أبو غوش[56] ونادي تضمن ساحة للألعاب، وقدم خدمات كشفية ورياضية ونجادة، وفي المساء قدمت فيه الأمسيات الشعرية. كما شارك أعضاء النادي في الحراك الوطني ضد المستعمر البريطاني والعصابات الصهيونية التي استمدت القوة منه[57].
إضافة إلى المذكور أعلاه، ضمت القرية مجموعة من المضافات والساحات العائلية، التي بلغ عددها 7 مضافات وساحات من بينها ساحة لكل سكان قرية القباب، حيث حرصت العائلات الكبيرة على ايجاد مضافة خاصة بها، تستقبل فيها ضيوفها، وتحتفل بالمناسبات العامة فيها كالاعياد والأفراح وما شابه ذلك[58].
وجهاء قرية القباب
تشير المعطات التاريخية أن ابن قرية القباب الشيخ سراج الدين بن عمر القبابي المتوفي عام 1354 ميلادي، كان من علماء بيت المقدس، وعندما توفي دفن في باب الرحمة. كما ينسب للقرية الشيخ عبد الرحمن بن عمر القبابي المقدسي، الذي توفي في القدس عام 1234 ميلادي.
في حين شهد العهد العثماني، بروز الشيخ عبد الحميد حسن صالح نبابتة ككتاب غير رسمي، انتدبه البالب العالي محصل دار (مجمع ضرائب) وسلمه كتاب بذلك لابنه عبد القادر من بعده.
ضمت قرية القباب شخصيات مؤثرة في المجتمع المحلي مثل محمد علي بن سليمان وعلي حسين بن سليمان ومحمود نمر حسين بن علي وإبراهيم عبد الرحمن خليل، وجميعهم برز بعد عام 1985.
كما برز بعد عام 1893 كل من كافية بنت مصطفى القطامي ومحمد أبو حسين وعثمان سليم بن عثمان العموري وسلامة محمد رمضان الطاوي ومحمد الحاج بكر وأفندي الكي وعبد الرحيم بن السيد ومحمد علي ابي بكر وعلي محمد الحاج الدمنهوري وسليمان محمد القطاوي وحسين اسماعيل بن احمد[59].
وأشار كتاب الرملة في أواخر العهد العثماني، أن محمد يوسف شاهين وحسين علي حسين وعلي ياسين ابن علي، قد برزوا في بداية القرن التاسع عشر[60].
وبعد العقد الأول من القرن التاسع عشر، برز حسن بن محمـد إسماعيل (إمام قرية القباب) وعبدا الله الشيخ محمد أبو حطب ومحمـود محمـد إسماعيل يوسف محمد غيث حسن بن محمد الطويل رشيد آغا بن عمر يوسف ومحمد بن عمر يوسف
ولم تتحدث المصادر، المقتبس عنها الأسماء، الأدوار التي قامت بها هذه الشخصيات، لكن اللقاءات مع من تبقى من قرية القباب، واللقاءات التي أجراها الكاتب تفيد بأن قرية القباب كانت تسمي عشائريا بـ "كرسي البلاد" أي المرجعية العشارية للقرية ولغيرها من القرى المجاورة، فربما برز الكثير من الأسماء المذكورة في الصلح العشائري وفي غيرها من المهام العامة.
إضافة إلى الأعلام المذكورة، ضمت القرية الكثير من المناضلين الذين شاركوا في النضال والمقاومة ضد المحتل البريطاني وضد المشروع الصهيوني في ارض فلسطين مثل خليل ويوسف أبو تاية وسلامة محمود نجمة وحسن ندا وحسن الحاج هندي الذي عمل على إحضار السلاح من مصر إلى الثوار وقد نفي بعد إلقاء القبض عليه، ومن النساء زريفة أبو تاية ومعزوزة الغرباوي والدة الشهيد احمد محمد منصور.
الفصل الرابع
القباب عبر التاريخ
أثبتت الحفريات الأثرية التي جرت في فلسطين خلال الحقب التاريخية المختلفة، خاصة خلال القرن ونصف الماضيين أن الانسان عاش في فلسطين قبل مئات ألاف السنين. ولم يشذ عن القاعدة المذكورة، مناطق راس العين والسهل الساحلي الأوسط وباب الواد، التي تضم مجموعة من القرى مثل القباب ودير أيوب وساريس وابو غوش واللطرون وعمواس وبير نبالا وعنابا، وغيرها من القرى، نظرا لوجود المياه وتدفق العيون في تلك المناطق.
لكن أول تأريخ للحياة في المدن والقرى والتجمعات في فلسطين التاريخية، ومن ضمنها قرية القباب، يشير أن الحياة بدأت فيها مع العصر الحجري القديم، الذي شهد وجود الكنعانيين العرب الذين استخدموا الحجارة والكهوف للسكن، والأرض للزراعة في أنماط حياتهم، نظرا لتوفر المياه والأراضي الخصبة القابلة للزراعة[61].
لكن إنشاء المدن والقرى، بدأ في العصر الحجري الحديث الممتد من 5-10 ألاف عام قبل الميلاد، على التلال والمنحدرات المحيطة بعيون المياه، مبتعدة عنها ما يقارب 1.5 كم، كما هو حال قرية القباب التي تبعد عن عين يردا نفس المسافة.
كما أشارت الحفريات الأثرية، أن الكنعانيين وصلوا إلى المنطقة المذكورة من تاريخ 2500-3000 عام قبل الميلاد، وأنشأو فيها مملكة أو مدينة جَازِر المشهورة التي أحيطت بسور من الحجارة من الداخل والخارج، بما يشبه القلعة بسمك عشرة أقدام[62]، التي أقيمت مساكنها فوق أراضي قرية أبو شوشة الحالية، وامتدت مساحة أراضيها لقرية القباب التي اعتبرت جزءا لا يتجزأ منها، إضافة إلى القرى المحيطة التي يعود تأسيسها إلى الفترة الكنعانية[63]. وبلغت مساحة هذه المدينة 9 هيكتارات.
استخدمت مدينة جَازر عين المياه المشهورة في قرية القباب "عين يردا" ومدت لها القنوات والأنفاق المغلقة لمنع قطع المياه عنها في حال حصارها من قبل أعدائها[64].
وأشرفت مدينة جَازِر على الطرق التجارية التي تمر من وسطها وقامت بحمايتها، مثل الطريق الرئيسي التاريخي الأهم طريق القدس-يافا، المتوجه من الموانئ الكنعانية والفنيقية والأرامية والفلسطينية في ،أسدود ويافا، إلى قارتي أسيا وأفريقيا، ومن القارتين عبورا من نفس الطريق إلى أوروبا.
ذكرت مدينة جَازر في رسائل تل العمارنة، وفي رسائل الملك الفرعوني تحتمس الثالث، الذي احتلت قواته فلسطين، ومن ضمنها منطقة السهل الساحلي الأوسط ومدينة جَازِر. وورد الاسم جَازر في النصوص الأكادية والرومانية التي اسمتها غازارا (Gazara)[65].
كما أشارت الحفريات إلى وجود الحياة في العصرين النحاسي والبرونزي قرب عين يردا، التي أكدت الحفريات الأثرية أنها أقدم منطقة اكتشفت فيها مظاهر الحياة الانسانية في المنطقة[66].
كما دلت الأبحاث والحفريات أن الحياة استمرت ونمت في هذه المنطقة خاصة في منطقة جازر المقامة على أراضي قريتي أبو شوشة والقباب في العصور الحجرية ما قبل العصور الفخارية والنحاسية والبرونزية القديمة والحديثة والعصرين الحديدي والطيني، الذي استخدم فيه الطين لصناعة الاواني والطوب للبناء، ويبدو أن شارع المِطيَنة المذكور في كتاب من "ريحة البلاد" الصادر عن اللجنة الثقافية لجمعية أهالي القباب يشير إلى تلك المنطقة من القرية التي ظل يستخرج منها الطين للبناء.
وتشير الحفريات الأثرية أن الفلسطينيين سكنوا هذه المنطقة، من ضمنها قرية القباب عام 1500 قبل الميلاد، حيث تبين من المكتشفات الأثرية أن الفلسطينيين الذين اختصوا بصناعة الحديد، وعملوا في التجارة والصناعة، عمروا المنطقة وسكنوها إلى جانب من تبقى من الكنعانيين في مدينة جَازِر ومحيطها[67].
لكن الباحثين وعلماء الأثار اليهود رفضوا استخدام مصطلح القبائل الفلسطينية، مستخدمين بدلا منها "قبائل الفليست"، خوفا من انعكاس ذلك على الرواية الصهيونية المتنكرة كليا للرواية الفلسطينية والروايات التي قبلها وبعدها، التي تتعارض كليا مع الرواية الصهيونية المبنية على مجموعة من الأساطير التوراتية المزورة، التي لم تؤكدها الحفريات الأثرية بأي شكل من الاشكال[68].
عندما سيطرت الامبراطورية الرومانية على فلسطين، حافظت على منطقة السهل الساحلي الأوسط، خاصة قرى اللطرون وعمواس والقباب وأبو شوشة، وعززت قلاعها فيها، من دون أن تجري أية تغييرات في المنطقة، حيث تشير الحفريات فيها إلى تعايش واندماج بين المحتلين الجدد وبين السكان الأصليين.
وشهدت الامبراطورية البيزنطية التي امتد حكمهما إلى حين قدوم المسلمين، تطورا كبيرا في هذه المنطقة، رغم منحها مكانة خاصة لمدينة اللد، التي مدت الطرق إليها من القرى المختلفة. وتشير الحفريات المنسوبة لفترة البيزنطيين، إلى كثرة "المداسات" لعصر العنب لصناعة النبيذ والدبس، ما يعني أن المنطقة التي تضم قرية القباب كانت مزروعة في تلك الحقبة بالعنب.
خلال الحكم البيزنطي نمت القرى في تلك منطقة اللطرون ديمغرافيا، ما دفع الامبرطور إلى تثبيت التقسيم الإداري للقرى الكبيرة مثل جَازِر (أبو شوشة) وقرية القباب الواقعة قرب عين يردا.
في المقابل، لم يهتم الفرس عندما احتلوا فلسطين بتلك المنطقة، ويبدو أنهم توصلت إلى اتفاقات مع سكان القرى ومن ضمنها قرية القباب، على حماية القوافل التجارية المارة مقابل عدم محاربة أو طرد أو تشريد سكانها منها أو تدمير قراهم ومدنهم.
بدأ الحكم الإسلامي لفلسطين بشكل عام، وللسهل الساحلي الأوسط الذي يضم قرى اللطرون وعمواس والقباب وغيرها من القرى، بشكل خاص في عهد الخليفة الثاني عمر ابن الخطاب (رضي الله عنه)، عندما جَيَش الحملات العسكرية لفتح بلاد الشام، مرسلا الصحابي الجليل أبو عبيدة ابن الجراح وأحد العشرة الصحابة المبشرين بالجنة من أجل فتح فلسطين، التي وصلها في الثلث الأول من القرن السادس الميلادي، حيث حطت قواته في بلدة عمواس والقرى المجاورة، من ضمنها قريتي القباب وأبو شوشة، التي عزز وجوده فيها من خلال تحصين القلاع الموجودة فيها. لكن وباء الطاعون داهمه هو وجيشه وكل سكان تلك القرى، ما تسبب بموت ما يقارب من 25 ألف نسمة من الجيش وسكان تلك المنطقة[69]، وبتراجع إعداد السكان الفلسطينيين هناك.
الحدث المذكور، دفع المسلمين إلى الانسحاب من المنطقة وتركيز وجودهم في مدينة الرملة التي قاموا ببنائها لتكون قاعدتهم السياسية والعسكرية في وسط فلسطين، إلى حين فتح بقية البلاد وفي مقدمتها مدينة القدس.
في السياق المذكور، تبنت الحركة الصهيونية رواية مزورة تشير فيها أن المسلمين الأوائل أتخذوا من مدينة الرملة عاصمة لهم، رغم بناؤهم لها، وهي رواية غير صحيحة، ذلك أن وجهة المسلمين الدائمة كانت دائما فتح القدس وبقية بلاد الشام.
خلال العصور اللاحقة في الاسلام، لم تشهد منطقة السهل الساحلي الأوسط أية تطورات ديمغرافية مهمة، لأن المسلمين أعطوا أهمية لأسلمة المدن على حساب القرى التي أسلم معظمها بعد الحروب الصليبية.
خلال الحملات الصليبية، كانت قرى اللطرون ساحة حرب دائمة بين الغزاة الصليبيين وبين القوات الإسلامية التي قادها صلاح الدين الأيوبي، التي بدأت عام 1177 وانتهت عام 1191 باحتلالها من قبل القائد الاسلامي[70]. ونتيجة للمعارك التي وقعت عام 1192 مع القوات الصليبية، انسحبت قوات صلاح الدين الايوبي من المنطقة، وقامت بتدمير القلاع الموجودة في المنطقة، ومن ضمنها القلاع الصليبية المشيدة في قريتي أبو شوشة والقباب[71].
وأشارت مصادر أخرى، أن قرية القباب كانت مقرا للمفاوضات التي جرت بين القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي وقادة الحملات الصليبة، التي أفضت إلى مجموعة من الاتفاقيات ومن ضمنها اتفاقية الرملة[72].
ذكرت قرية القباب، لأول مرة بإسمها الحالي "القباب" في أواخر القرن الرابع عشر خلال الحكم المملوكي لفلسطين، عندما قيل أنها قرية زراعية غنية، وأن مزروعاتها بيعت في أسواق القدس وبئر السبع ويافا واللد والرملة، وإنها كانت تبيع خشب البوص لسكان قرية صوبا مقابل نصف قطعة مصرية (1\30 قرش) لصناعة السلال، وتسويقها في كل فلسطين[73].
الغنى الفاحش للقرية، أدى إلى نشوء خلافات بين الأمراء والموظفين المملوكين لضم ولايتهم على القرية، خاصة بين والي غزة قاني بيك ووالي القدس جان بلاط[74].
ويبدو أن جان بلاط كان حاكما مستبدا في تلك الفترة، ما دفع سكان قرية القباب وأبو شوشة وغيرها من القرى المجاورة إلى الانضمام للجهات المعارضة للمماليك، حيث قتل خلال أحد النزاعات أحد أنصار الأمير جان في المنطقة، ما دفع بالأخير إلى مهاجمة قرية القباب ونهب كل ما فيها من أموال وممتلكات ومزروعات، مسببا بذلك في إفقار القرية، ما دفع بسكانها إلى الرد من ممارسة عمليات النهب والسرقة وقطع الطرق، ونصب الكمائن للحملات التجارية المملوكية المارة عبر طريق يافا-القدس[75].
بعد الانتصار العثماني في معركة مرج دابق، الذي فتحت خلاله بلاد الشام ومن ضمنها فلسطين، أولى السلطان سليم الأول اهتماما خاصا بفلسطين بشكل عام وفي القدس ومحيطها بشكل خاص، حيث عملت الامبراطورية العثمانية على تعزيز المدن والقرى التي شهدت نموا ديمغرافيا وعمرانيا، وبدأت خلاله عملية توثيق عدد السكان والمساكن في كل قرية، حيث تشير المعلومات أن أول احصاء سكاني حدث عام 1526 ميلادي.
ظلت القرية تتطور عمرانيا وديموغرافيا إلى أن وصل عدد مساكنها عام 1948 ما يقارب من 548 منزلا، مع وجود الجامع ذو البناء القديم والمضافات وغير ذلك من المؤسسات العامة، كما بلغ عدد السكان في نفس الفترة 2297 نسمة.
تشير زيادات السكان في قرية القباب وبغيرها من القرى المجاورة، إلى حالة الاستقرار الاجتماعي والسياسي والاقتصادي فيها، وإلى اندماج السكان الأصليين في القرية مع الوافدين إليها من مختلف القرى والمدن الفلسطينية ومن مصر المملوكية ووالي مصر محمد علي باشا ومن الأتراك أنفسهم، الذين حدثت مصاهرة بينهم وبين أبناء القرية.
في عهد السلطان سليمان القانوني أوقفت نصف قرية القباب لخدمة الصخرة المشرفة وخربة طاب (كفرتا أو الشيخ سليمان) وأراضيها لصالح الحرم الإبراهيمي الشريف.
خلال الحرب العالمية الأولى، ورغم رفض شباب القرية التجنيد الاجباري الذي فرضته الامبراطورية العثمانية. وبضغط ومساعدة من المخاتير، انضم بعض شبان القرية لجنود الجيش العثماني وحاربوا في صفوفه، بعضهم عاد والبعض الأخر لم يعد، وعرف من بين المجندين احمد محمد منصور وعلى محمود سمرين ومحمد حسن غالية وابراهيم محمد سالم وعلى سلامة واحمد حسين ونمر احمد وعلى عبد الرحيم سمرين وحسان مصطفى الهندي وعليان ابو اشتية وعثمان العموري وعيس محمد موسى وصادق العموري واحمد يوسف الطويل ومحمود أبو اشتية، في حين وقع في الاسر كل من مصطفى حسن أبو شندي واحمد جمعة القطاوي وعبدالله أبو نجمة[76]، الذي أصبح مؤذنا لجامع قرية القباب قبل النكبة[77].
عندما احتلت القوات البريطانية فلسطين عام 1917، وفرضت انتدابها عليها عام 1922، أهملت التجمعات الفلسطينية لصالح التجمعات اليهودية قليلة العدد، وبدأت تعمل على تنفيذ وعد بلفور لمنح اليهود وطن قومي في فلسطين، ووضعت البنية التحتية لضمان انتصار العصابات الصهيونية على الشعب الفلسطيني.
عين يردا
تمحور تاريخ قرية القباب القديم والحديث حول موقعين أساسيين هما : مدينة جَازِر (أبو شوشة) وعين يردا المجاورة لها، المقامة على أرضي القرية، التي شهدت تأريخ أول تجمع عربي كنعاني في منطقة السهل الساحلي الأوسط، التي امتد نفوذها إلى المناطق المجاورة.
تبعد عين يردا المقامة عن أراضي القباب عن مساكنها ما يقارب من 1.5 كم كما هو حال القرى العربية بفلسطين، في المنطقة الواقعة غرب القرية، حيث كان يصلها سكان القرية من خلال طريق ترابي متعرج رصف بعضه بالحجارة.
تقع عين يردا على حوض مائي ضخم جدا، سمي بالحوض الغربي، وهو أكبر حوض مائي في فلسطين، الممتد من المرتفعات الجبلية للضفة الغربية المحتلة شرقا وحتى المناطق الساحلية لفلسطين غربا.
وعليه، لم تكن مصادفة استخدام سكان مدينة جَازِر الكنعانية عين المياه "يردا"، الذين قاموا بتشييد محيطها بالصخور، وحفروا القنوات الخاصة المغطاة بالحجارة لإيصال مياهها لمناطق سكانهم ونفوذهم لمنع قطع المياه عنهم في أوقات الحصار والاعتداءات.
لأجل ذلك، حفر الكنعانيين نفقين، الأول بعمق 12 ميتر وبطول يصل إلى 50 ميتر، والثاني، بارتفاع 7 أمتار بعرض 4 أمتار، حيث ساعدت قوة تدفق المياه في دفعها عبر القنوات المخصصة وسحبها لمدينة جَازِر[78].
في العصر الإسلامي الأول مُدت قناة مياه من العين وغيرها من العيون التي نبعت في القرية والقرى المجاورة لمدينة الرملة لسقاية سكانها.
مشهد حديثة لعين يردا
يعتبر نبع عين يردا، نبعا ناعما، دائري الشكل يبلغ قطره 3 أمتار، وعمقه ميترين، يضيق كلما هبطنا أسفل العين الذي يشبه فنجان القهوة. وقبل سقف العين كان سكان قرية القباب يشاهدون مياه الحوض الغربي الجارية كالنهر القادم من الجنوب، كما كانوا يسمعون صوت هدير نهر يجري تحت خربة يردا من طاقة تقع في الجانب الشرقي من العين. ويخرج من العين قناة مياه تتجه شمالا نحو البلاية لسقي الكروم والبساتين والمشاتل المختلفة[79].
اعتبرت عين يردا مصدر المياه الوحيد في القرية بفصل الصيف قبل عام 1948. ما حولها لمكان استراحة دائم لتجار المواشي القادمين من الأردن وصحراء النقب وعرب بئر السبع المتوجهين إلى سوق "البرين" في مدينة اللد، حيث كانوا يُعَسكرون ويبنون بيوت الشعر قرب العين لتوفر الماء والمراعي الخضراء. كذلك انتشرت في خربة يردا وقرب العين المُكُر[80] التي يرد إليها الرعيان من القرى المجاورة لسقاية ماشيتهم. وفي السياق المذكور، انتشر بين سكان القرية مقولة مشهورة تقول :"ما أروى بني هلال، إلا عين يردا[81].
يمتاز المرج المحيط بعين يردا بالرطوبة والنباتات المختلفة مثل برسيم المستنقعات ونبتة البطنج أو السنبلية التي تستخدم في التعقيم ونبتة السّعد الطويل (Cyperus longus) والطيون والقصب أو البوص وعشب الانجيل الذي يتواجد في الحدائق وملاعب كرة القدم، وداخل العين ينبت نبات مائي نادر، تشبه أوراقه الضفدع ويحمل الاسم العلمي (Sagittaria subulata) وورود شقائق النعمان، كما توجد بعض أشجار التين والعنب وبعض كروم الخروب القديمة التي زرعت من أصحابها الأصليين -العرب الفلسطينيين.
علاوة على ذلك، قال سكان القرية ممن أجريت معهم اللقاءات، أن الخربة والعين، نبت فيها الحنون الأصفر والأحمر والأبيض (الأقحوان) والسميعة والمهندبا، وغيرها من النباتات، وأقيمت فيها المشاتل التي امتلكها الشيخ خليل ومصطفى أبو شندي التي اختصت بزراعة القرع الأصفر والبصل[82].
توجد في قرية القباب عيون اخرى مثل عين البلد التي كانت مخصصة لشرب المياه لأبناء القرية، وهي عين صغيرة نسبيا لا تكفي أهل البلد، وعين واد سليمان القائمة على خربة سليمان وعين البصة التي جفت جميعها بفعل استخراج إسرائيل كل مياه العيون. إضافة لذلك، حفر أبناء القرية العديد من الأبار داخل القرية وفي المناطق الزراعية المنتشرة فيها.
شهدت كل الحفريات الأثرية التي أجراها علماء الأثار البريطانيين والألمان والفرنسيين، ومن بعدهم الإسرائيليين وجود مناطق معمورة قبل الميلاد بألاف السنين قرب العين، ويبدو أن الفلسطينيين هم أول من سكنها، بعد الكنعانيين، لأن الحفريات الأثرية أشارت إلى وجود تجمع سكاني صناعي أو تجاري عاش بالقرب من العين ومجاور للكنعانيين واندمج معهم. وما يؤكد وجود الفلسطينيين في هذه المنطقة هو اكتشاف أدوات الحديد مثل بعض المناجل والأزاميل في المنطقة وأنواع مختلفة من الفخار المستخدم من قبل الفلسطينيين والكنعانيين، التي اختص بصناعتها الفلسطينيين. واكتشف قرب العين مساكن الدولمن أو المناطير وهي طاولات حجرية ضخمة مكونة من صخور صوانية كبيرة، تشبه الغرف الصغيرة.
إضافة لذلك، توجد خربة يردا التي تحتوي على العين المشهورة بنفس الاسم، حيث يعتقد أنها سميت بهذا الاسم نسبة إلى الأراميين الذين أقاموا في القرية وأنشئوا سوقا سنويا لهم هناك. ويردا هي تحوير لكلمة يريدا في اللغة الارامية، وما انطبق على خربة كفرتا (عين يردة) انطبق أيضا على قرية يردا الفلسطينية القريبة من الحدود السورية.
في المقابل، تقول الأسطورة التي يتداولها سكان قرية القباب المُهجرة، أن اسم يردا يعزا إلى "جنية" جميلة كانت تظهر قرب العين على شكل فتاة اسمها وردة، ومع الزمن تحول الاسم إلى يردا[83].
توجد على أرض خربة عين يردا، مجموعة من المُغُر من بينها مغارة الدفن التي استخدمت كمدينة لدفن الأموات التي أنشأها في أوقات متقدمة الكنعانيين، التي أسماها سكان قرية القباب مغارة الجايحة، التي احتوى محيطها على العديد من النباتات التي يستخدمها سكان القرية مثل النعنع والعكوب، وغير ذلك من النباتات[84]. كان الكثير من هذه المغر ملجأً للضباع، التي بسببها خشي السكان من الذهاب إلى العين في الليل، كما توجد في منطقة عين يردا "موكرة الضباع" التي عرفت بضباع يردا، نسجت حوله الخرافات والحكايات[85]، منها أن ابراهيم الهندي قتل أحد هذه الضباع عندما هاجمه في النهار.
خلال الفترة الماضية، غيرت سلطات الاحتلال اسم العين إلى "فيرد" وهي تعني الوردة، لكنها عادات واستخدمت الاسم القديم للعين "يردا" مستثنية اسم الخربة التي تحمل اسم خربة يردا.
إضافة لذلك، توجد خربة سليمان (كفر طاب أو كفرتا) التي تضم مقام الشيخ سليمان وهو أحد الأولياء الصالحين، الذي سميت أحد العيون المائية في القرية على اسمه. ووجد في خربة سليمان جدران مهدمة وآبار منحوته بالصخر والكثير من القطع الفخارية، التي تعود لحقب تاريخية مختلفة. وسبق أن ذكر، أن خربة سليمان وأراضيها أوقفت لصالح الحرم الإبراهيمي الشريف.
الفصل الخامس
المواقع والحفريات الأثرية
كانت فلسطين، ومن ضمنها منطقة السهل الساحلي التي تضم عشرات القرى ومن ضمنها قرية القباب محط انظار الرحالة والمؤرخين والجغرافيين وعلماء الأثار والجهات التبشيرية، من انصار الرواية التوراتية، الذين تطوعوا للبحث عن المواقع اليهودية لأسباب أيديولوجية ووفق التوراة، حيث زراها توم بيرمر وإدوار روبنسون المعروف بأبو الجغرافيا التوراتية وعالم الاثار الفرنسي كلرمون-غانوا الذي زارها مرتين، وراس مكاليتسر الذي أجرى أول حفريات توراتية في المكان عام 1901، شارك فيها المئات واستمرت حتى عام 1902 -بينما ذكر في كتاب "بلادنا فلسطين، أن الحفريات بدأت عام 1902 وانتهت عام 1909- التي مولت من قبل الصندوق البريطاني لأبحاث أرض إسرائيل، وهو صندوق يهودي أنشأ في بريطانيا للبحث عن الجذور التاريخية لليهود ،الغير الموجودة في فلسطين، التي تبين أنها أساطير وروايات لم تثبتها لا الروايات التاريخية ولا الحفريات الأثرية
لكن الحفريات توقفت نتيجة انتقال مرض الكوليرا من مدينة غزة إلى القباب مسببة وفاة المئات من سكان القرى، من ضمنهم العشرات من قرية القباب[86].
كما ذكر كتاب "بلادنا فلسطين"، أنه تم التنقيب مرة أخرى في أراضي قرية القباب عام 1934 من دون أن تحقق أية نتائج وفق رواية التوراة.
في السياق المذكور، دلت الدراسات والأبحاث الأثرية التي أجريت في فلسطين ،من قبل علماء الأثار التابعين لدولة الاحتلال الإسرائيلي أن منطقة السهل الساحلي الأوسط التي تضم قرى القباب واللطرون وعمواس سلبيت وأبو شوشة وغيرها من القرى، شهدت حياة بشرية منذ فجر التاريخ.
في السياق المذكور، أشارت الدراسات والأبحاث المذكورة، أن أول تجمعل سكاني حمل اسما معينا في هذه المنطقة هم القبائل الكنعانية العربية التي هاجرت وتوطنت في فلسطين قبل أكثر من 2500-3000 ألاف عام قبل الميلاد، وأسست في تلك المنطقة مملكة جَازِر على أراضي قريتي أبو شوشة والقباب.
كما دلت الحفريات الأثرية التي أجريت من قبل علماء الاثار الإسرائيليين في منطقة قرى اللطرون ومن ضمنها قرية القباب، لصالح التحضير لبناء مستعمرة موديعين على أراضي الفلسطينيين المصادرة من عام 1948 و 1967، أن الحياة البشرية في هذه المنطقة استمرت على مدار كل العصور. إلى أن توقفت بفعل القوة العسكرية الإسرائيلية عام 1948 عندما طردت سكان تلك القرى، ومسحت حتى أوائل عام 1967، الجرافات الإسرائيلية، عن وجه الأرض أكثر من 100 قرية فلسطينية ومن ضمنها قرية القباب التي أكتشفت فيها بقايا الكنعانيين والفلسطينيين، وغيرها من أبناء الحضارات، باستثناء المستعمرين اليهود، الذين لم تجد الحفريات لهم أثر بناءا على رواية توراتية مزورة.
يذكر أن قرية القباب، أقيمت على أحد أطلال التلال الأثرية والتاريخية التي لم يحدد العصر الذي تعود إليه، لكن المكتشفات الأثرية الحديثة في أماكن ردم القرية، أشارت إلى وجود أثار كنعانية وفلسطينية وأرامية ورومانية وبيزنطية وإسلامية ومملوكية وعباسية وعثمانية لا غير. وبلغ عدد المواقع الأثرية 8 مواقع من ضمنها خربتي كفرتا (كفر طاب) ويردا ورجم سليمان والمسجد الذي أشارت المصادر العثمانية إلى وجوده قبل أكثر من 600 عام.
وقبل عملية هدم القرى الفلسطينية ومن ضمنها قرية القباب، جرت فيها حفريات أثرية في بداية ستينيات القرن الماضي تم خلالها الكشف عن خمسة أماكن للدفن، من بينها مغارة ومحجر وآبار مياه، وأثار لقرية قرب عين يردا وفخار وخزف ومداسات[87] لصناعة الدبس والنبيذ، ما يعني أن العنب كان هو الانتاج الزراعي الأهم في هذه المنطقة، خاصة في العصر البيزنطي، وغيرها من المكتشفات، كما كشفت الحفريات عن استخدام سكان تلك المنطقة أربعة لغات، لم يكن من بينها اللغة العبرية، التي تدعي الجهات اليهودة وجودها فيها، لأنه لو تبين وجودها لتم إبرازها بطريقة تعزز من الرواية اليهودية والصهيونية غير الموجودة في المنطقة[88].
وتجددت الحفريات الأثرية في قرية القباب ببداية القرن الواحد وعشرين، من عام 2006-2014، التي بلغ عددها أربعة حفريات أثرية، لصالح سلطة الأثار الإسرائيلية، صدر بعد كل حفرية تقرير نهائي يؤكد فيه، أن تاريخ تلك المنطقة، وقرية القباب من ضمنها تعود للعصور القديمة، لعصور الكنعانيين والأراميين والفلسطينيين والأمبراطوريات الرومانية والبيزنطية وإلى العصور الإسلامية الأولى وإلى العباسيين والمماليك والعثمانيين، وبقايا القرية الفلسطينية التي هدمت عام 1948 وهجر سكانها الفلسطينيين منها[89].
وتجاهلت الحفريات الإسرائيلية التي جرت في ستينيات القرن الماضي، وبدايات القرن الواحد وعشرين، المكتشفة في مدينة جَازِر الكنعانية التي أقيمت على أرض قرية أبو شوشة المهجرة، وامتدت إلى القرى المجاورة منها، ومن ضمنها قرية القباب، المكتشفات المتعلقة بالمعادن خاصة الحديد الذي كان الفلسطينيين من أوائل من استخدمه في الصناعة. كما تجاهلت تلك الحفريات الأسماء، الموجودة في القرية مثل عين يردا التي يعود اسمها إلى الأراميين العرب الذي أقاموا في القرية وأنشأوا فيها سوقا سنويا.
جاء ذلك التنكر، خوفا من أن تتضمن الرواية الإسرائيلية أي ذكر للشعب الفلسطيني الذي ترفض الاعتراف به وتتنكر لحقوقه التاريخية والوطنية في فلسطين التاريخية، ذلك أن الحفريات الأثرية القديمة والجديدة، ولا الأسماء الموجودة في القرية تثبت أية صلة لليهود أو الرواية التوراتية التي جرت على أساسها تلك الحفريات[90].
وكانت المكتشفات الأثرية عبارة عن غرفة، على شكل ثلاثة أنواع من الكهوف، تقع في المنطقة الشرقية من موقع الحفريات، ويعتقد أنها خصصت لحفظ زيت الزيتون أو النبيذ الذي امتاز في زراعته ليس فقط العرب سكان تلك المنطقة، بل كل سكان فلسطين.
غرفة تحت الأرض فيها ثلاثة أنواع من الأكواخ
وتضمنت المكتشفات سطح محفور في الصخر وبقايا مبنى وقَطِع صخري مستطيل وصهاريج (بئر نجاصة الذي اشتهر بحفره الفلسطينيين وما زالت الكثير من القرى تستخدمه، خاصة في المناطق التي لم تشهد قيام أبنية حديثة) ومقلع وجدار حقل لمنع تسرب التراب إلى الواد في الشتاء، وقطع فخارية[91].
كما أظهرت المكتشفات الأثرية في المجمع الذي يقع في الجانب الجنوبي من موقع الحفر مدفن صخري (الفستقية باللغة المحلية الدارجة، مدفن عائلي بالأساس ولا يوجد له مساحة محددة، لكنه على الأغلب بمساحة غرفة عادية، لكنها ليس بنفس الارتفاع. وزينت مداخل القبر، لأنه على ما يبدو يخص أحد الأغنياء، إن كان من عائلة واحدة أو من عدة عائلات. واكتشف في المدفن عظام بشرية متناثرة هنا وهناك. وتبين أن القبر فتح في السابق وتم نهبه[92]. ويشبه مجمع الدفن في قرية القباب مجمعات دفن مماثلة في المنطقة المجاورة في مدينة الرملة والقرى التابعة لها حتى باب الواد.
كما كشفت الحفريات الأثرية، عن بقايا فخارية وأحجار الصوان، وخزفيات تعود للعصور الرومانية والبيزنطية والعثمانية، وبقايا الزجاج التي تعود للعصر المملوكي.
واكتشف جدار استنادي لمنع تسرب مياه الفيضانات التي تحدث في الشتاء، وفي نفس الوقت منع التربة من الانجراف، وبالتالي إضعاف التربة، ما يشير إلى المعرفة والخبرة العميقة في أهمية المحافظة عليها لأهميتها للزراعة.
وتبين من الحفريات الأثرية في قرية القباب، وجود غرفة لم يتبقى منها سوى ثلاثة جدران، يعتقد أنها استخدمت للسكن.
وأظهرت الاكتشافات وجود نوعين من الصهاريج لحفظ السوائل، ربما المياه أو الزيت أو النبيذ، أحدهما مستطيل الشكل، وهما محفورين في الصخور تحت الأرض.
وكشف عن بقايا سطح مبنى محفور بالصخور، حيث شوهدت بقايا الأرضية من الجبس أو بقايا فراش من الفسيفساء، الذي غطى سطح الأساس الصخري على الجزء الجنوبي منه. وتضمنت الاكتشافات مجموعة ذات أحجام مختلفة من الفسيفساء.
كانت خزانات المياه أو الأبار، جزء من المكتشفات الأثرية، حيث وضع على باب كل خزان أو صهريج، صخرة كبيرة محفورة من الوسط (المُكر)، بعضها تضمن وجود حوض صغير، لسقاية الماشية والطيور على مختلف أنواعها.
واكتشفت أسطح وقطع صخرية ربما جزءًا من منشأة صناعية (محجر لقطع الاحجار للبناء ولغيره من الاستخدامات).
وأظهرت الاكتشافات الأثرية في المنطقة وجود الكثير من القطع الأثرية المعدنية، التي لم يحدد علماء الأثار الإسرائيليين ما هي هذه القطع، ولا مصدرها، باستثناء المناجل والأزاميل التي استخدمت في الحصاد، وفي قطع الأشجار والتحجير. والمعروف عن الحديد وصناعته كانت من ختصاص الفلسطينيين الذين كانوا أول المستخدمين له، وهو مؤشر واضح وثابت على وجودهم في هذه المنطقة.
وظهر من ضمن المكتشفات الأثرية في قرية القباب، وجود قنوات مياه محفورة في الصخر، كتلك المكتشفة في قرية أبو شوشة، ما يشير إلى أن سكان تلك المنطقة ورثوا الحضارة التي قبلهم، ولم يدمروها كما قامت إسرائيل بذلك عام 1948، معتقدة بأنها ستمسح هذه المناطق من ذاكرة أصحابها الأصليين.
لم تتوقف المكتشفات الأثرية على المدافن والغرف والخزف وغير ذلك، بل كشفت عن شبكة طرق تمر من قرية القباب إلى عمواس ومنها إلى مدينة اللد[93].
وأشارت الحفريات التي أجريت عن وجود رماد من بقايا نيران، تبين فيما بعد أنها ناتجة عن حريق عرضي أو مقصود من قبل جهة يهودية في الغابة، التي أقيمت مكان القرية، ما كشف عن بقايا الأثار الموجودة في قرية القباب[94].
الحفريات الأثرية الحديثة التي أجرتها سلطة الأثار الإسرائيلية في قرية القباب وغيرها، لا تعبر عن أي اعتراف بالتاريخ العربي والفلسطيني للقرية، التي اعتبرتها المصادر الأثرية الإسرائيلية حديثة العهد، وبالتالي يجب هدمها، رغم علمهم بقدم تاريخها، حيث أشارت "ملفات الاستطلاع لمسح القرى الفلسطينية" في أرشيف سلطة الاثار الإسرائيلية أنها قرية مغرقة بالقدم، تتطلب إشرافا صارما إثناء الهدم والحذر من النزول تحت الأرض[95].
ومع ذلك اتفقت سلطة الاثار ممثلة بعالم الاثار زئيف يفين -أحد أبناء يهوشع يفين رجل العصابات وعضو التنظيم الارهابي "الليحي" الذين حارب الكثير من أفراده في قرى منطقة اللطرون ومن ضمنها قرية القباب المجاورة- مع الجيش الإسرائيلي-والصندوق القومي لإسرائيل (الكيرن كييمت) ودائرة أراضي إسرائيل، على هدم كامل القرية في 22 أيلول عام 1966، ونفذ الهدم في شهر شباط عام 1967[96].
يذكر أنه وبعد الحفريات الحديثة، تمت الإشارة إلى الردم على أنه بقايا قرية القباب التي "تركها أهلها" وتوسع في شرح تاريخ القرية الذي حددته الحفريات الأثرية من بداية العصر الروماني وصاعدا، رافضة التعامل مع المكشفات الأثرية والمسميات التي أطلقت على القرية ومعالمها، خشية ذكر العنصر الفلسطيني والكنعاني في راوية هذه القرية. لكن هذه الحفريات، أشارت إلى العصور المختلفة للمنطقة التي بدأت فيها الحياة منذ بداية العصر الحجري.
الجريمة بحق قرية القباب لم تتوقف على هدم القرية الفلسطينية، فبعد 40 عاما تضرت البقايا الأثرية والتاريخية للقرية، عندما شقت طريق زراعي في أراضيها.
قرية القباب مثلها مثل 86 قرية فلسطينية تم هدمها وتغطيتها بالغابات في محاولة من دولة الاحتلال لمسحها من الأرض والتاريخ والذاكرة.
لم تتوقف المكتشفات الأثرية على بقايا الخزف والمنحوتات وبقايا الغرف والمدافن، بل كانت فيها خرب قديمة أسوة ببقية الخرب الموجودة في كل فلسطين، التي يعود تاريخها إلى ما قبل التاريخ مثل:
خربة كفر طاب
يوجد في القرية الخربة الأثرية كفر طاب (كفرتا) أو خربة سليمان التي يتواجد فيها مقام الشيخ سليمان، التي أوقفت مع أراضيها لصالح الحرم الإبراهيمي الشريف. كما أن هناك خربة أخرى تحمل نفس الاسم (كفرتا) موجودة في مدينة شفا عمرو شمال فلسطين التاريخية.
وجد في الخربة جدران مهدمة وآبار منحوته بالصخر والكثير من القطع الفخارية، التي تعود لحقب تاريخية مختلفة[97] .
خربة يردة
التي تحتوي على عين يردة المشهورة، حيث يعتقد أنها سميت بهذا الاسم نسبة إلى الأراميين الذين أقاموا في القرية وأنشئوا سوقا سنويا لهم هناك، وأشارت المكتشفات الأثرية في الخربة أنها كانت مسكونة في العصور الأولى قبل قدوم الكنعانيين إليها، حيث اكتشف فيها مسكن الدولمن أو المناطير، وهي طاولات حجرية ضخمة مكونة من الصخور الصوانية الكبيرة وتشكل ما يشبه الغرف الصغيرة. وما انطبق على كفرتا انطبق أيضا على قرية يردا الفلسطينية القريبة من الحدود السورية.
إضافة إلى الأثار والخرب، تواجد في القرية مقامات دينية إسلامية لم يحدد تاريخها، لكن من المقامات الموزعة في القرى المجاورة مثل عمواس واللطرون، يتبين أنها تعود للحقب الإسلامية الأولى، ومن هذه المقامات:
مقام الشيخ تميم
يقع مزار الشيخ تميم شرق القرية داخل شقيف (شبه مغارة) بجانب القبور، تزوره النساء ليلة الجمعة لإضاءته بسراج الزيت تقربا لله تعالى، وايفاء لنذورهن، وإقامة صلاة الاستقساء فيه. وكان بالعادة يرافق الأطفال أمهاتهن والمشاركة في أعمال التنظيف واللعب أمامه، ما غرس في وعي الأطفال أهمية الموقع الدينية. ويعتبر مقام الشيخ تميم من الأثار الإسلامية في قرية القباب.
مقام الشيخ سليمان
يقع مقام الشيخ سليمان، الذي عيتبر من المواقع الأثرية الإسلامية، قرب بيت شنا في أرض (غياضة) سهلية، بعيدة عن مساكن القرية، بالقرب من وادي أبو سكير، كان يضاء يوم الجمعة بالزيت. ويتميز البناء بقبته الصغيرة وبعض الأقواس القديمة.
كما تحتوي القرية على مغارة الشيخ صالح عبد الكريم، التي يبدو أنها كانت تستخدم للتعبد من قبل سكانها، إسوة بمقام الشيخين تميم وسليمان. كما يوجد في القرية مقام الشيخ موسى جنوب البلدة
واستخدمت المقامات كزوايا لبعض أصحاب الطرق الإسلامية المختلفة، ومزارات لسكان القرية ولغيرها من سكان القرى المجاورة، وكموقع لايفاء النذور، ولحلف اليمين في حل المشاكل والنزاعات بين السكان.
واهتمت سكان القرية من رجال ونساء وأطفال، بتنظيف المقامات وإضاءتها بقناديل الزيت، خاصة أيام الجمع.
الفصل السادس
مقاومة الاحتلال البريطاني[98]
لم يشذ سكان قرية القباب عن بقية القرى الواقعة في منطقة اللطرون، وعن موقف بقية المدن والقرى الفلسطينية، من الاحتلال البريطاني، الذي كان أحد أهم أسبابه هو احتلال فلسطين، ومنح وطن قومي لليهود على حساب السكان الأصليين. نتيجة لذلك، ومنذ بداية الثورة ضد الانجليز، انضم بعض الثوار من قرية القباب إلى مجموعات الشيخ حسن سلامة قائد منطقة الوسط في جيش الجهاد المقدس ضد الاحتلال البريطاني، ومع مقاومة الهجرات والوجود اليهودي في فلسطين. وكان خليل أبو تاية ويوسف أبو تايه (الذي ألقي القبض عليه في قرية البرج وحكم عليه بالإعدام) وسلامة محمود نجمة ومحمود علي صالح وابراهيم علي عيشة الهندي من ضمن الثوار. كما استعان الثوار بخدمات أبناء القرية ممن خدموا في الشرطة البريطانية، مثل: سعيد احمد رشيد وعلي ذياب عيسى ونمر توفيق[99].
وكان من بين الثوار، الذين تصدوا للهجمات التي تعرضت لها قرية القباب: حسن ومصطفى حامد حمد وخليل احمد يوسف وموسى خليفة وجابر احمد سالم الطويل وموسى يوسف وموسى رضوان
على نفس الصعيد، شاركت المرأة بقرية القباب في مقاومة المحتل البريطاني والعصابات الصهيونية، كفرق إمداد بالسلاح والغذاء للثوار من القرية وعرف من هؤلاء النسوة زريفة أبو تايه ومعزوزة الغرباوي والدة الشهيد احمد محمد منصور.
تضمن النضال ضد الاحتلال البريطاني، مقاومة للمشروع الصهيوني، بواسطة حملات إعلامية، كانت توجه بالأساس من المساجد، يوضح فيها لسكان قرية القباب خطورة المشروع الصهيوني على وجودهم[100]، ما دفعهم للمشاركة في ثورة عام 1936 بمسارين هما: الاول المقاومة العسكرية. والثاني، المشاركة في المقاومة الشعبية التي تمثلت برشق دائم للحافلات البريطانية والصهيونية التي تمر من شارع القدس-يافا الواقع وسط القرية. كذلك تعرضت الحافلات المذكورة، التي تمر من نفس الشارع لبعض الهجمات المسلحة.
نتيجة ذلك، اشتبكت قوات الاحتلال البريطاني مع المجموعات المقاومة في القرية بمناسبات عديدة، ما عرض قرية القباب لاقتحامات عديدة خلال بحثها عن المطلوبين لها. وخلال إحدى الاقتحامات، هدمت قوات الاحتلال البريطاني منزلا يعود لسلامة الجلاط، لإخفائه مجموعة من المقاومين في القرية. وفي اقتحام أخر، اعتقلت ونفت حسن الحاج هندي لتجارته بالسلاح وتزويد الثوار بها. كما استشهد في أحد الاقتحامات أحد الثوار من قرية أبو شوشة[101].
كذلك شارك ثوار القرية، في التصدي للهجمات الصهيونية على القرى الفلسطينية المختلفة مثل العباسية ويازور واللطرون وعمواس، وبالعكس.
وفي المقابل لم ينج سكان قرية القباب من هجمات العصابات الصهيونية، التي كانت تزرع الالغام بالحقول، وفي التجمعات العامة، ما زاد من عملية الاحتقان في صفوف سكان القرية[102].
زيادة الهجمات الصهيونية على قرية القباب، دفعت سكان القرية لعقد اجتماعات متكررة تقرر فيها :شراء السلاح لكل من هو قادر على ذلك، وتشكيل لجان حراسة، وتدريب شباب القرية على السلاح خاصة شباب الكشافة والنجادة. وأشرف على هذه اللجنة علي حسن ذياب الهندي، الذي حرص على ترتيب أمر الحراسة وتنفيذ دقيق لقرارات سكان القرية.
وبعد صدور قرار التقسيم عام 1947، وقع السكان القرية على عرائض وبيانات رافضة وشاجبة ومستنكرة للقرار، الذي اعتبر في صفوف السكان بداية للحرب التي بدءوا يستعدون لها، بواسطة الاستعانة بضباط مصريين، الذين حضروا ودربوا سكان القرية على إقامة الاستحكمات والمتاريس الترابية لمنع العصابات الصهيونية من التقدم. إضافة لذلك، استولى الثوار على بعض الأسلحة من بعض العصابات الصهيونية ومن الجيش البريطاني.
إجمالا نجح سكان القرية في تجنيد ما يقارب من 150-200 مقاتل مسلح بكميات محدودة من السلاح، لا يمكن مقارنتها بالأسلحة المتوفرة للعصابات الصهيونية، خاصة نقص الذخيرة التي لم تكن تكفي لخوض معركة حقيقية واحدة. وهي معلومات ذكرتها وأكدتها المصادر الصهيونية عن القرية، وعن غيرها من القرى الفلسطينية.
بالاستعدادات المذكورة استعدت قرية القباب ،كغيرها من القرى، لمواجهة الهجمات التي بدأت العصابات الصهيونية بشنها بدءا من نهاية عام 1947، وانتهاءا بشهر آب عام 1948، الذي احتلت فيه قرية القباب بشكل نهائي.
الفصل السابع
هيا ننتقم - احتلال قرية القباب
أهمية المعركة
رأت القوات الفلسطينية والعربية، خاصة الأردنية منها، التي جاءت لمساندة الفلسطينيين في مواجهة العصابات الصهيونيةالمدعومة من قبل المحتل البريطاني، مثل جيش الانقاذ، ومن بعدها قوات الدول العربية، أن السيطرة على مفترقات الطرق اعتبرت أمرا حيويا في الصراع لمنع إقامة دولة يهودية على التراب الفلسطيني. وكانت مناطق باب الواد ومنطقة السهل الساحلي الأوسط ،الواقعة من ضمنها قرية القباب، وراس العين، التي حرص الطرف الفلسطيني-العربي على بقائها تحت سيطرته، متأملا من وراء ذلك من معادلة موازين القوى التي تميل لصالح العصابات الصهيونية. لذلك لم يكن غريبا، أن حسم المعارك في هذه المناطق، اعتبر القشة التي قسمت ظهر البعير في الطريق إلى إقامة الدولة العبرية الممتدة من شمال فلسطين حتى جنوبها.
ومنذ بداية الصراع الشعبي والمسلح، شارك سكان قرية القباب، أسوة بكل سكان القرى الفلسطينية، في التصدي للمشروع الصهيوني. وتركز نشاط المقاومة الفلسطينية في شارع يافا-القدس التاريخي، الذي يمر من وسط أراضي القرية، حيث ظلت القوافل الصهيونية المارة عبره تتعرض لإلقاء الحجارة، والكمائن العسكرية التي أودت بالعديد من القتلى في صفوف وأفراد العصابات الصهيونية. والقوافل التي نجت من كمائن قرية القباب وقرى السهل الساحلي الأوسط، لم تنجوا من الكمائن الموجودة في قرى باب الواد مثل قرى أبو غوش ودير أيوب وساريس والقسطل، التي شهدت خلال حرب عام 1948 المعركة المفصلية مع الشعب الفلسطيني التي استشهد فيها القائد عبد القادر الحسيني.
في المقابل، رأت التنظيمات والعصابات الصهيونية مثل الهاغاناة والليحي والايتسل في مناطق وطرق السهل الساحلي الأوسط ومنطقتي راس العين وباب الواد وقراهما أهمية استراتيجية من الطراز الأول، لمساهمتها في قطع فلسطين إلى نصفين، وبالتالي منع إقامة دولة إسرائيل، وانهيار المشروع الصهيوني انهيارا محققا، علاوة على تشكيل هذه القرى خط الدفاع الأول عن مدينة القدس من جهة الشمال.
كذلك شكلت الطرق الموجودة في مناطق السهل الساحلي الأوسط، خاصة الطريق الذي يمر وسط قرية القباب عمواس واللطرون وسلبيت وساريس ودير أيوب وغيرها من القرى، طرق إمداد رئيسية للعصابات الصهيونية المسلحة، والوسيلة الوحيدة للتواصل بين التجمعات اليهودية في شمال فلسطين ووسطها، وهي أيضا مهمة لفك الحصار المفروض على التجمعات اليهودية غرب مدينة القدس.
نتيجة ذلك، أعطى رئيس تنظيم عصابات "الهاغاناه" دافيد بن غوريون، أهمية قصوى واستراتيجية للسيطرة على هذه المناطق، على عكس مطالب العسكريين، الذين اعتبروا المستعمرتين المقامتين في قرية أبو شوشة "غيزر" (أنشئت عام 1945) و "حولدا" (أنشئت عام 1906) المقامة على أراضي قرية خلدة، التي زيد عدد سكانها عام 1931، قاعدتان عسكريتان متقدمتان في مواجهة الشعب الفلسطيني، من شأنهما إشغال الفلسطينيين والعرب إلى حين الانتهاء من حسم المعارك في الجنوب مع القوات المصرية القادمة لمساندة الشعب الفلسطيني في محاولاتها، لمنع قيام الدولة العبرية على ترابه الوطني[103].
علاوة على ذلك، اعتبرت السيطرة على قرية القباب مهمة جدا للعصابات الصهيونية لثلاثة أمور هي: وقوع جزء كبير شارع يافا-القدس في أراضيها، وإطلالها مع قريتي ابو شوشة وعنابة وغيرها من القرى على الطريق الساحلي، وفي نفس الوقت محاذتها لقرية اللطرون التي يمر منها الطريق الرئيسية إلى مدينة القدس.
وكانت طرق القوافل اليهودية تمر عبر منطقة اللطرون من تل ابيب-الرملة-القباب- اللطرون، والثاني مستعمرة رحوبوت-النعاني-أبو شوشة- القباب.
ولتحقيق هذه الغاية شنت العصابات والتنظيمات الصهيونية ثلاثة عمليات عسكرية كبيرة، وعدة عمليات عسكرية إنهاك صغيرة، للسيطرة على كل المناطق المذكورة أعلاه، من بينها قرية القباب، التي شنت أكثر من أربعة عمليات عسكرية لاحتلالها، وعشرات الاقتحامات، التي جاءت وفق مفهوم حرب العصابات "أضرب واهرب" وهذه العمليات هي: "نحشون ومكابي "أ" و "ب" وبن نون "أ" و "ب" ويورام، التي شنت في ليلة 8/9 من شهر حزيران عام 1948، التي تمت فيها السيطرة الكاملة على منطقة اللطرون ومن ضمنها قرية القباب، لكنها انسحبت منها، نتيجة تصدي الجيش الأردني والمقاتلين من القرى الفلسطينية والمتطوعين الأردنيين البدو.
العمليات المذكورة جاءت في إطار المخطط العسكري الصهيوني "د" الذي وضعته قيادة العصابات الصهيونية في شهر مارس عام 1948، الذي كان خلاصة لمخططات عسكرية وضعت بين عامي 1946-1947، بهدف السيطرة على مدن اللد والرملة واللطرون ورام الله.
موازين القوى
ضمت القرى الفلسطينية في السهل الساحلي الأوسط عدة مئات من المقاتلين، من بينهم من 150-200 مقاتل من قرية القباب في المقابل لم يملك، الفلسطينيين أية أسلحة ثقيلة، وكل ما امتلكته القرى الفلسطينية المختلفة أسلحة خفيفة وعدد قليل جدا من الرشاشات، التي تم شراؤها من أموالهم الخاصة، ولا تكفي لمعركة واحدة، نظرا لقلة الذخيرة، خاصة الرصاص وصعوبة الحصول عليه.
إضافة لذلك، تواجد جيش الانقاذ بقيادة الضابط السوري فوزي القاوقجي، خاصة في منطقة راس العين، الذي ضم جيشه مئات المقاتلين، وبعض وحدات من الجيش العراقي.
وبعد دخول الجيوش العربية تواجد اللواء الاردني، الذي تولى قيادته حينها النقيب حابس المجالي (الذي أصبح فيما بعد رئيس أركان القوات الأردنية)، التي ضمت قواته 1200 جندي، كانت مهمتهم مع القوات المختلفة حماية مناطق راس العين والسهل الساحلي الأوسط وباب الواد.
بالإجمال تواجد في تلك المنطقة ما يقارب من 4 ألاف جندي ومقاتل، مسلحين بأسلحة خفيفة ومتوسطة وبعض المدافع، التي لا يمكن مقارنتها مع الأسلحة التي امتلكتها العصابات الصهيونية، بعد أن سلحتها بريطانيا من أسلحتها قبل خروجها من فلسطين.
نتيجة ذلك، اعتمدت الاستراتيجية العسكرية الأردنية والفلسطينية، استراتيجة الدفاع عن المنطقة الممتدة من عمواس بالغرب حتى يالوا في الشرق، ما مكنهم من تحقيق العديد من الانتصارات المهمة[104]، التي كان فيها سكان القرى الفلسطينية ومن ضمنهم سكان قرية القباب رأس حربة في الهجمات المضادة على العصابات الصهيونية المعتدية.
في المقابل، استعدت العصابات الصهيونية جيدا للمعارك التي بدأتها في الربع الأخير من عام 194، حيث جندت لمعركة اللطرون ألوية الوحدات الخاصة "البلماخ" التابع لتنظيم الهاغاناه وألوية[105] "يفتاح" و "هرئيل" و "شيبع" اللذان أنشئا خلال عام 1948 و"غفعاتي" و "عتصيوني" وتنظيمي الليحي (الذي هرب بعض أعضائه المعتقلين من المعسكر البريطاني واختبئوا في أحراش القرية)[106] والايتسل، اللذان رفضا في البداية اندماج قواتهما فيما أصبح يعرف بالجيش الإسرائيلي.
قاد العمليات العسكرية مجموعة من قادة العصابات الصهيونية الذي أصبحوا فيما بعد من كبار ضباط الجيش بعد قيام دولة إسرائيل، مثل يغيئال ألون (وزير العمل في حكومة ليفي أشكول) وموشيه ديان (وزير الدفاع في حكومة ليفي أشكول) وشلومو لاهط (أصبح رئيس بلدية تل أبيب السابق) وحاييم لاسكوب الذي أصبح من كبار ضباط الجيش الإسرائيلي، وإسحاق رابين (رئيس الوزراء الإسرائيلي على فترتين) الذي تخلى عن جنوده وترك المعركة خلال السيطرة على منطقة اللطرون، التي هدم خلالها جسر القباب وتقدمت القوات الاسرائيلية وهدمت العديد من منازل قرية القباب وفخخت البعض الأخر، وشموئيل (سولة) كوهين قائد لواء "يفتاح".
وكان من أشهر من شارك في معارك القباب من جانب دولة الاحتلال الإسرائيلي كجنود في تلك الفترة، رئيس الأركان الإسرائيلي السابق رفائيل ايتان وعضو الكنيست السابق أوروي أفنيري الذي سجل يوميات المعارك، من ضمنها ذاكرياته عن معركة القباب.
أما الضباط الذين قادوا عمليات احتلال قرية القباب فهم تسفي (تسارة) تسور قائد كتيبة 54 من لواء غفعاتي بتاريخ 15 أيار عام 1948، وأحد الضباط البريطانيين دافيد ماركوس، الذي فضل الانضمام إلى العصابات الصهيونية وقاد 7 مدرعات، وعندما توقف عن القتال شَكَك باخلاصة بعض القادة العسكريين الصهاينة، والضابط لوسيك من لواء "هرئيل"، ودان ليرنر من الكتيبة الأولى في لواء "يفتاح"، والضابط يوسف هربز أشرف على تدمير جسر القباب ومهاجمة القرية وتهديم بعض منازلها.
بخصوص الأسلحة التي استخدمتها العصابات الصهيونية للسيطرة على قرى منطقة اللطرون وقرية القباب فقد شملت أسلحة المدرعات والمدفعية والمورتر والطيران، الذي استخدم مرتين. لكن القصف العشوائي الواسع جدا لمدافع المورتر، للقرى الفلسطينية ساهم بشكل كبير في تشريد السكان من مناطق سكناهم، خاصة قرية القباب.
كانت الهجمات تبدأ بالعادة من ثلاثة محاور هي :الأول، محور تل أبيب-المسمية -مجدل الصادق-يازور وغيرها من القرى. والثاني، من بلدة القباب نفسها معتمدين في ذلك على الوجود العسكري الدائم في مستعمرتي "غيزر وحولدا". والثالث، عبر مهاجمة قرى دير أيوب ودير محسن بهدف التمدد نحو منطقة اللطرون وعمواس.
إجمالا يمكن القول أن المعركة الحقيقية للسيطرة على منطقة اللطرون، ومن ضمنها قرية القباب، بدأت من شهر ديسمبر 1947 وانتهت في شهر حزيران عام 1948.
وحتى بداية الهجمات الكبيرة للعصابات الصهيونية تخصصت الكتيبة الخامسة من "لواء هرئيل" بشن عمليات على قرى القباب ووادي الصرار وبيت جيز وبيت نقوبا والقسطل والقباب، استشهد خلالها العشرات من أبناء القرى المذكورة، وهدمت المئات من المنازل، التي فخخ بعضها ما تسبب باستشهاد الكثير من سكانها بعد انسحابها.
الاقتحام الأول - عملية نحشون
كان الهدف الأساسي من العملية العسكرية "نحشون" التي شنتها العصابات الصهيونية بتاريخ 5\4\1948 بقيادة الضابط شمعون أفيدان، انطلاقا من مستعمرة "حولدا" الواقعة في أراضي قرية خلدا، احتلال قرى القباب وأبو شوشة والنعاني ودير محسن وبيت جيز، بهدف تعزيز الوجود اليهودي في مستعمرة "غيزر" والسيطرة على الشارع الرئيسي الذي تمر منه الإمدادات العسكرية والمدنية للتجمعات اليهودية في القدس. وأعطى الضابط أفيدان أوامره للقوات الغازية بتدمير كل القرى، حتى تلك التي لم تحارب. لكن المقاومة الشديدة التي أبداها سكان القرية، مدعومة بالمتطوعين العرب ومن الجيشين العراقي والأردني أفشلتا الهجوم، لكن المصادر الإسرائيلية قالت أن الجيش الإسرائيلي انسحب من المنطقة من دون ذكر الأسباب.
لكن قبل انسحابها فجرت القوة الغازية ثلاثة جسور من بينها جسر القباب وقامت بتفخيخ العديد من المنازل الواقعة جنوب غرب قرية القباب، وفي كل القرى التي احتلتها وأجبرت على الانسحاب منها وفق العقيدة القتالية التي اعتمدت بأن يكون الهدم أحد العناصر المساعدة لطرد السكان الفلسطينيين من قراهم[107].
حول نفس المعركة، تحدث الأرشيف الصهيوني الذي ضم أرشيف "البلماخ"، أن الهجوم على القرية، تقرر ليلة 5\4\1948 لفتح الطريق إلى القدس. وقد شن الهجوم من الغرب بواسطة قوة تابعة للواء "يفتاح". وأدعت معلومات الأرشيف الصهيوني، أن القوات لم تواجه مقاومة شديدة، حيث هرب جزء من المدافعين عن القرية، في حين نجحت العصابات الصهيونية بقتل البقية بحرب شوارع جرت في القرية. وأضافت راوية الارشيف الصهيوني أن القوات تموضعت في القرية ووضعت فيها مدفعية قطرها 65 ملم من أجل استمرار الهجوم.
أما المصادر الفلسطينية فتؤكد، أن السكان لم يهربوا من القرية، بل تم إرسال النساء والأطفال والشيوخ إلى الحقول والمغارات المنتشرة حول القرية، بينما واجه المقاومين الغزاة رغم قلة السلاح، وهو ما تؤكده روايات صهيونية أخرى.
عملية نحشون (يورام) – القباب أحد محاور الهجوم
الاحتلال الأول
بعد فشل محاولة احتلال القباب في إطار عملية بن نون "أ" التي بدأت من قرية المسمية إلى منطقة اللطرون، نتيجة اكتشافها من قبل الجيش الأردني، شنت العصابات الصهيونية الهجوم العسكري الذي أسمته "نحشون"، الذي كان جزء من العملية العسكرية "يورام" التي تم شنها (5\4\1948)، بمشاركة كتائب من لوائي هرئيل ويفتاح، بقيادة رئيس وزراء إسرائيل السابق إسحاق رابين، من أجل احتلال منطقة اللطرون وشوارعها الرئيسية بما في ذلك شارع يافا-القدس، الواقع وسط قرية القباب ومحاصرة وتدمير القوات الأردنية. لكن قوة الدفاع التي أظهرها الجيشين الأردني والعراقي وجيش الانقاذ ومعه المقاتلين من القرى المجاورة، من ضمنها قرية القباب، أفشلت الهجوم الذي أوقع أكثر من 45 قتيل، وعشرات الجرحى، ما دفع إسحاق رابين إلى الهروب وحده، بينما اختبأ بقية الجنود الذين قادهم في الحقول والمغر المنتشرة في المنطقة[108].
وابتدأ الهجوم من محورين هما :الأول، بيت محسير- القباب ومن ثم التوجه نحو عمواس واللطرون. والثاني من بيت سوسين وبيت جيز باتجاه القباب وعمواس واللطرون.
وخلال الهجوم نجحت قوات من عصابات البلماخ من احتلال قرية القباب، لكنها اضطرت إلى الانسحاب بعد هزيمة القوة التي قادها إسحاق رابين في معارك اللطرون، وقاد المعركة لاحتلال قرية القباب الضابط دان لينر، الذي قام بسحب أفراد العصابات من القرية في الثامن من نفس الشهر. وقبل الانسحاب قامت العصابات الصهيونية بتفخيخ بعض منازل القرية، وتفجير البعض الأخر الواقعة، على طرفي شارع يافا-القدس[109].
تدمير جسر القباب - عملية مكابي أ
خلال العملية العسكرية مكابي المتفرعة من العملية العسكرية الأوسع نحشون التي جرت ما بين 7-8 أيار عام 1948 الهادفة إلى السيطرة على شارع القدس-يافا، ونقل المساعدات إلى التجمعات اليهودية المحاصرة في القدس ونقل الامدادات العسكرية، أرسلت كتيبة "ج" التابعة للواء غفعاتي 51، بقيادة يوسف هيربز لتفجير جسر القباب (أصبح اليوم شارع 424)، حيث خرجت القوة من مستعمرة "حولدة"، ووصلت إلى الجسر وفجرته، وعادت من دون إصابات.
في السياق المذكور، ذكر الجندي موشيه نوبيك من الذين شاركوا في المعركة أنهم وصلوا إلى الجسر، وبعد جولة استطلاع، حمل زملائه المتفجرات على ظهرانيهم ... خبراء المتفجرات وضعوا المواد الناسفة، بطريقة جيدة وقاموا بتوصيل المتفجرات ببعضها البعض، وبعد التأكد أعطى الضابط الأمر بتفجير الجسر[110].
جسر القباب قبل تدميره
لكن الرواية الإسرائيلية المطروحة في موقع الجيش الإسرائيلي رواية ناقصة، لأن الجيش الإسرائيلي هزم في هذه المعركة من قبل الجيش الأردني المرابط في تلك المنطقة ومن المقاومين من قرية القباب والقرى المجاورة. كذلك لم يشر موقع الجيش الإسرائيلي أن القوات الغازية قامت بمهاجمة القرية من جهة الغرب وفخخت بعض البيوت وفجرت البعض الأخر، ما تسبب باستشهاد العديد من سكان القرية.
وكان الجسر يعتبر أحد خطوط الإمداد للقوات العربية والفلسطينية بكثرة في المنطقة، ما تطلب من قوات الغازية تفجيره لإضعافها وتسهيل الهجوم عليها.
هجوم مضاد
ليلة 10\4\1948، وإثر فشل الهجوم الصهيوني في فك الحصار عن مستعمرة "غيزر" المقامة على أراضي أبو شوشة، التي أوقعت في صفوف سكانها 60 شهيدا، قطعت الكثير من رؤسهم بالبلطات والفؤوس، وقامت بسحب المدفعية التابعة لهم من قرية القباب، هاجمت القوات الأردنية ومعها المقاتلين من قرة القباب والقرى المجاورة المستعمرة التي شكلت قاعدة عسكرية متقدمة للعصابات الصهيونية، شنت خلالها هجمات متواصلة على القرى الفلسطينية المحيطة واحتلالها. خلال المعركة قتل 30 فردا من أفراد العصابات الصيونية وجرح 20 وأسر 30.
خلال معركة استعادة مستعمرة "غيزر" حاولت كتيبة صهيونية مكونة من 7 مدرعات فك الحصار عنها، لكن تبين لها أن الجيش الأردني انسحب بعد تدخل جيش الاحتلال البريطاني، الذي كان هو صاحب السيادة حتى ذلك الوقت. لكن كتيبة المدرعات لم تنسحب قبل أن تحدث دمار كبير في منازل قريتي أبو شوشة والقباب.
في نفس الليلة، عادت العصابات الصهيونية بقيادة لواء "يفتاح" شموئيل (سولة) كوهين بشن هجوم كبير ،في ظل وجود الجيش البريطاني، على قريتي القباب وأبو شوشة، دمرت خلالها الكثير من منازل القريتين.
وقبل انسحاب أفراد العصابات الصهيونية من قرية القباب في 10 نيسان، قام أفرد العصابات بتفخيخ وتدمير بعض منازل القرية[111]، مهاجمين بعدها قرية البرية.
العدوان ليلة 14-15 أيار
ليلة الاعلان عن قيام دولة إسرائيل، وفي إطار عملية نحشون، قامت كتائب "البلماخ" التابعة لتنظيم "الهاغاناة"، بإرسال 4 كتائب من ألوية مختلفة (أكثر من ألف جندي مشاة علاوة على المدافع والمدرعات)، بقيادة قائد لواء غفعاتي 54 تسفي (تسارة) تسور ونائبه الضابط هيلر الذي قتل، بمهاجمة قرية القباب من المنطقة الشمالية. وقبل احتلالها قُصفت القرية بمدافع الهاون والمدافع الرشاشة والقنابل اليدوية في إطار ما اسمته العصابات الصهيونية "عمليات التليين[112]". وبعد احتلالها طلب من قائد لواء غفعاتي، تطهير المنطقة والقرية من بقايا المقاومين والسكان. لكن شدة المقاومة ومساهمة الجيش الأردني المرابط في المنطقة، ونتيجة للتدخل المصري على الجبهة الجنوبية لفلسطين، انسحبت القوات الإسرائيلية المحتلة من القرية، لكنها وقبيل انسحابها من القرية قامت بتدمير وتفخيخ عدد من منازل القرية.
وحسب رواية السكان لم تفخخ المنازل فقط، بل فخخت جثث الشهداء، حيث استشهد الدكتور احمد محمد منصور عندما حاول فحص جثة أحد الشهداء من أجل دفنها، تبين أنها وضعت المتفجرات \في أحشلئه[113].
على عكس الرواية الصهيونية، القائلة بأن الانسحاب من قريتي القباب وأبو شوشة جاء بعد الهجوم المصري على النقب، ما تتطلب توجيه القوات الإسرائيلية للجبهة المصرية، فقد أكدت المصادر الصهيونية أن الانسحاب جاء نتيجة المقاومة الشرسة التي أبداها المقاومين المحليين من قرية القباب والعشرات من القرى المجاورة، ومئات المتطوعين البدو الذين قدموا خصيصا من الأردن لمقاومة المشروع الصهيوني، ومن الدعم القوي الذي قدمه الجيشين الأردني والعراقي بقيادة الضابط عبد الجعفري الشمري، الذي رابطت قواته بوادي الصرار على بعد 5 كم من قرية القباب.
وتدعي الرواية الصهيونية المتأخرة، أن القوة المهاجمة لقرية القباب تم اكتشافها، بعد أن ألقى أفراد العصابات الصهيونية الخبز والشيكولاته على الأرض، ما أدى إلى اكتشافهم، وليس استعداد الفلسطينيين والعرب للتصدي للهجوم[114].
حول المعركة الأشهر للسيطرة على قرى اللطرون وقرية القباب، ذكر الجنرال تسفي تسور في كتاب مذكراته أن المخططات العسكرية التي وضعت لقرية القباب، كانت تنص على تحويلها إلى قلاع عسكرية باعتبارها مناطق حدودية مع المملكة الاردنية الهاشمية التي سيطرت على منطقة اللطرون[115]. لكن الانسحاب منها لم يخرج هذه المخططات لحيز التنفيذ.
وفي شهادته على الهجوم على قرية القباب قال الجندي اسحاق اينجل من لواء غفعاتي :"عندما وصلنا للقرية في منتصف الليل ... وبعد أن اتضخ لنا أن التليين (القصف المدفعي العشوائي على القرية) بدأ يهفت صرخ بنا الضابط المسئول بصوت عالي "هيا شباب لننتقم لدماء أصدقاؤنا الذين قتلوا في اللطرون". في البداية، اقتحمنا البيوت الواقعة في المقطع الغربي للقرية، وبأعقاب البنادق والأقدام اقتحمنا المنازل وقمنا بإلقاء القنابل داخلها وقمنا بتكنيسها بالرشاشات"[116].
وقال جندي أخر أن الهجوم على قرية القباب بدأ في ساعات ما بعد الظهر المتأخرة من يوم 14 أيار عام 1948، في الوقت كان فيه الجنود مرهقين من التعب بعد الانسحاب من معسكر السجناء في اللطرون، وصل نائب الكتيبة وأبلغنا بأن علينا الذهاب فورا إلى غيزر لمهاجمة قرية القباب ... وصلنا هناك الساعة التاسعة والنصف، قبل ساعتين ونصف من انتهاء الانتداب البريطاني.
قبل وصولنا لقرية القباب، كانت الراجمات المنصوبة في مستعمرتي "غيزر وحولدا" من نوع "دفديكا" تقوم بقصف القرية بشكل مكثف، حيث كنا نسمع أصواتها وصداها. وبعد "تليين القرية" بالقصف المدفعي، صرخ فينا قائد الكتيبة يوسف هيربز، "هيا شباب لنذهب لننتقم لدماء شبابنا الذين قتلوا في اللطرون". بعد الأوامر مباشرة، هاجمنا المنازل التي أفرغها القصف المدفعي من سكانها، باستثناء بعض كبار السن الذين لم يكن بالإمكان إخراجهم من القرية. وبعد اقتحام المنازل وخلع أبوابها بأعقاب البنادق، قمنا بإلقاء القنابل اليدوية داخلها، بعد ذلك نطلق النار بكثافة داخل كل منزل، وفق نظرية "التكنيس"[117]، أي إزالة كل مظاهر الحياة داخل القرية.
وفي شهادته حول معركة قرية القباب، ذكر عضو الكنيست السابق وناشط في حركات السلام الإسرائيلية، الذي شارك في معركة احتلال القباب أوري أفنيري أن التقييمات في الهاغاناة كانت تتوقع معركة شديدة في القرية، حيث قمنا بعمل الاستعدادات اللازمة في الليل لخوض هذه المعركة التي جاءت بعد أن نصب رئيس منظمة "الهاغاناه" دافيد بن غوريون نفسه رئيسا لمجلس الشعب، وأعلن عن قيام دولة إسرائيل. وقال :"عندما اقتحمنا القرية التي هرب أهلها [نتيجة القصف المدفعي الذي سبق الهجوم على القرية] دخلنا إلى المنازل ووجدنا وجبات العشاء على الطاولات التي ما زال ساخنة نوعا ما، لم نسمح بعودة السكان، وكنا ندرك أن المعارك الحالية مهمة جدا من أجل قيام دولة إسرائيل. وفي صبيحة اليوم التالي، من احتلال القرية وبعد أن استتبت الأمور لصالح ما اصبح يعرف بالجيش الإسرائيلي، نقلت الكتيبة 54 التابعة للواء غفعاتي إلى الجنوب لمواجهة الجيش المصري[118].
الرواية عن المعركة، لم تثبتها الواقائع على الأرض، التي تشير إلى شن هجوم مضاد من القوات الأردنية والفلسطينية، ما أجبر قوات الجيش الإسرائيلي إلى الانسحاب. الأمر الذي دفعها للعودة إلى مهاجمة قرية القباب مرة أخرى في 19\4\1984، من دون أن تنجح في احتلالها.
الاحتلال النهائي[119]
تجددت الهجمات التي شنتها العصابات الصهيونية على قرية القباب والقرى المجاورة لها بتاريخ 14\5\1948 في إطار عملية مكابي (ب)، التي كانت جزءا من الخطة العسكرية "د" لاحتلال اللد والرملة واللطرون ورام الله، واستمرارا لمعارك السيطرة على منطقة اللطرون والشوارع المحيطة بها. وفي تاريخ 7 حزيران من عام 1948 شن ما أصبح يعرف بجيش الاحتلال الإسرائيلي هجوما على القرية، وقام باحتلالها، لكن شدة المقاومة أجبرته على الانسحاب مرة أخرى[120]، ما سمح بعودة سكان القرية إليها.
مشهد عام لقرية القباب لقرية عام 1948- خلال الحرب
لكن الجيش الإسرائيلي، عاد وشن هجوم أخير في 16\7\1948 من قرية ساريس، ومن مضخة المياه، حيث احتلت الكتيبة الرابعة من لواء هرئيل تلال القرية وبدأت بالتمدد فيها قاصفة بشكل عشوائي منازل القرية والحقول التي اختبأ فيها السكان والتلال المختلفة، ما تسبب بتدمير جزء كبير من منازلها وتشريد سكانها، وظل القصف العشوائي والمركز يتبع سكان القرية حتى موقع تواجد القوات الأردنية. وبتاريخ 19\6\1948 أعلن عن احتلال قرية القباب وكل المناطق والقرى المحيطة بها، بما في ذلك أراضي من قرية اللطرون وعمواس.
بعد ذلك أرسلت الكتيبة الرابعة في لواء كرياتي، المختصة بتعزيز المواقع اليهودية بعد احتلالها من أصحابها الأصليين، لطرد من تبقى من سكان قرية القباب .
إجمالا يمكن التأكيد، أن الفلسطينيين سكان قرية القباب وغيرها من القرى الفلسطينية، لم يخرجوا بمحض إرادتهم، كما تَدعي الرواية الصهيونية، بل جرى ملاحقتهم وطردهم بمدافع المورتر والبنادق الرشاشة والمدفعية متسببة بقتل العشرات منهم حتى وصلوا إلى المنطقة التي تواجد فيها الجيش الأردني[121]، وحتى من تبقى منهم من كبار السن والعجزة فقد تم نقلهم بحافلات إلى الجانب الأردني من الحدود.
الفصل الثامن
شهداء قرية القباب
نتيجة الاعتداءات اليهودية المسلحة على قرية القباب، على مدار أقل من عام تقريبا، سقط العشرات وربما المئات من الشهداء على أرض قرية لقباب من أبنائها وأبناء القرى المجاورة، الذين هبوا للدفاع عن وجودهم في منطقة السهل الساحلي الأوسط. لكن لا الوثائق، ولا الرواية الفلسطينية الشفوية أو حتى العربية، نجحت في توثيق عدد شهداء قرية القباب، وغيرها من القرى.
وما تم تجميعه من أسماء للشهداء من أبناء القرية، لا يتلاءم مع حجم المعارك، خاصة أن أبناء القرية كانوا ،كغيرهم من أبناء القرى رأس الحربة في أي هجوم أو تصدي لهجمات من العصابات الصهيونية.
كذلك لا بد من الإشارة، أن الكثير من الشهداء، الذي استشهدوا خلال الاحتلال البريطاني، لم تذكر أسمائهم، كما هو الحال أسماء الكثيرين من الشهداء الذين استشهدوا خلال الدفاع عن القرية.
إشارة أخرى لا بد من ذكرها وهي أن الكثير من الشهداء، سقطوا بعد احتلال قرية القباب، وهم يحاولون التسلل إلى القرية، إما بغرض القيام بعمليات مقاومة، أو استرداد بعض الحاجيات، التي تركوها بعد طردهم من القرية.
أمر أخير لا بد من الإشارة له، وهو أن قائمة الشهداء الموجودة في الكتاب هي قائمة جزئية، ربما في نسخات قادمة من الكتاب نعدلها. وشهداء قرية القباب هم[122]:
جدول بشهداء قرية القباب
الرقم
|
الشهيد
|
الرقم
|
الشهيد
|
1
|
حسن الحاج هندي
|
2
|
عبد الجواد سمرين
|
3
|
فايز رمضان هندي
|
4
|
علي محمد عيشة هندي
|
5
|
محمد خليل أبو التين
|
6
|
جبر احمد الطويل
|
7
|
احمد سليمان عاصي
|
8
|
احمد محمد سمرين
|
9
|
احمد محمد سمرين
|
10
|
وصفي ابراهيم حسن
|
11
|
احمد محمد منصور
|
12
|
محمد احمد ابو الليل
|
13
|
محمد علي صالح
|
14
|
العبد مصطفى شعبان
|
15
|
محمد أبو مايلة
|
16
|
ابراهيم الدسوقي
|
17
|
عليان ابو روفة
|
18
|
احمد مطاوع
|
19
|
رقية حسن الطويل
|
20
|
فاطمة محمد منصور
|
21
|
محمد طه رضوان عيس
|
22
|
عيسى محمد سمرين
|
الفصل التاسع
الطرد والهدم
طرد السكان
تشير الرواية التي قدمها سكان قرية القباب الذين عاشوا النكبة في كتاب "القباب - من ريحة البلاد" أن السكان لم يتركو قريتهم، حتى خلال كل المعارك لاحتلالها، خاصة تلك المعركة الأهم التي اندلعت ليلة 14-15 أيار (ليلة الاعلان عن قيام دولة إسرائيل)، التي احتلت فيها كل القرية مؤقتا، حيث تفيد الشهادات الواردة في الكتاب أن سكان القرية اختبئوا في منطقة جبلية تقع شرقي القرية تسمى "الهيش" قرب مزار الشيخ سليمان، التي تحتوي على بعض المغر، وبعد صمت المدافع وانسحاب العصابات الصهيونية ،التي أصبحت في تلك الليلة تسمى بجيش الدفاع بعد الاعلان عن قيام دولة إسرائيل، إثر تصدي المقاومين من سكان القرية المسنودين بقوة من الجيش الأردني وجيش الانقاذ والثوار من القرى المختلفة، عاد سكان القرية إلى منازلهم رغم العدد الكبير من المنازل المهدمة والمفخخة، ما تسبب بسقوط العديد منهم الشهداء[123]. وأكد نفس الرواية محمود حسين عيسى أبو اشتية، الذي أكد أن السكان كانوا يختبئون خارج المساكن عند القصف، ويعودون إليها بعد انتهاء القصف.
وحتى بعد الطرد النهائي لسكان القرية في 16\7\1948، حاول الكثير من سكان قرية القباب العودة إلى منازلهم، لكن رصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي العشوائي، تسبب باستشهاد 6 من العائدين[124]، ما دفعهم إلى العودة إلى الجانب الأردني من الحدود.
ما هو مذكور، في رواية الكثير من سكان قرية القباب، يؤكد بقية الروايات التي تحدثت عن القصف الممنهج وهدم وتفخيخ البيوت الفلسطينية خلال المواجهات مع العصابات الصهيونية.
علاوة على ذلك، تؤكد الرواية الصهيونية عمليات طرد الشعب الفلسطيني من مدنهم وقراهم وأراضيهم، التي لم تكن جزءا من الحرب، بل كانت جزءا من تصور وأيديولوجيا ترى بضرورة وحيوية طرد الشعب الفلسطيني من أراضيه. ومنذ وقت مبكر، صرح رئيس تنظيم "الهاغاناه" دافيد بن غوريون أنه لا يؤمن بدولة ثنائية القومية في فلسطين، وبالتالي يجب طرد العرب الفلسطينيين منها[125].
وجاء التطبيق العملي لهذه السياسة في العمليات العسكرية التي شنتها العصابات الصهيونية، على التجمعات الفلسطينية التي حمل بعضها أسماء مثل عملية "المكنسة" في شمال فلسطين، أي تكنيس المدن والقرى العربية الفلسطينية من سكانها، أو من خلال التنفيذ العملي لسياسة الطرد من خلال هدم القرى التي نفذها كل القادة الميدانيين للعصابات الصهيونية مثل الارهابي يوسف تبنوكين ،أحد قادة عملية نحشون، وهو ابن إسحاق تبوكين الذي كان يؤيد طرد العرب بالقوة المسلحة، وأشرف على هدم قرى القسطل وقالونيا وساريس، مصرحا بأن العصابات الصهيونية أخلت القرى من العرب[126].
في السياق المذكور، وضع قادة الحركة الصهيونية، وفي مقدمتهم دافيد بن غوريون معايير الهدم والطرد لسكان المدن والقرى الفلسطينية، التي نصت على:
- تدمير القرية كاملة وطرد سكانها منها خارج حدود دولة إسرائيل وفق قرار التقسيم إذا أبدت مقاومة شديدة.
- طرد السكان القرى التي تعتبر مهمة من ناحية عسكرية واستراتيجية، أو قريبة من تجمعات يهودية.
- نقل سكان القرى التي قاومت بطريقة متواضعة من أماكن سكناهم إلى مناطق أخرى داخل دولة إسرائيل[127].
لكن البند الثالث من هذا التوجه لم ينفذ.
لتحقيق ذلك، منح الضباط الميدانيين صلاحيات قتل الفلسطينيين، وهدم أو تفخيخ أو حرق أو تفجير، قراهم ومنازلهم خلال المعارك لدفع سكانها للتخلي عن مسقط رأسهم. علاوة على ذلك، وقبل أي هجوم كانت القرى والمدن الفلسطينية تقصف عشوائيا من قبل العصابات الصهيونية لتسهيل طرد السكان منها.
نتيجة ذلك، انطبق بندين من البنود الثلاثة على سكان قرية القباب، فمن جهة قاوم سكانها مع سكان القرى الأخرى بضراوة لإفشال المشروع الصهيوني، ومن جهة أخرى تقع بالقرب من قريتهم مستعمرة يهودية "غيزر"، ويمر من قرية القباب شارع رئيسي مهم جدا لحركة المواصلات بين يافا والقدس، وهو يربط مستعمرة تل أبيب والتجمعات اليهودية هناك مع مدينة القدس.
عملية الطرد أكدها المؤرخ ،العائد لحضن الصهيونية الاستعمارية العنصرية، بيني موريس عندما قال أن التدمير الهائل للقرى العربية، خلال الحرب وبعدها، كان هدفه منع سكان القرى العربية من العودة إلى بيوتهم، أما من تبقى بالقرى فقد تم طردهم، وهو ما حصل في قرية القباب[128].
طرد سكان قرية القباب في 16\7\1948 بعد احتلالها بشكل نهائي، ومن بقي منهم من كبار السن تم ترحيلهم إلى المناطق الأردنية، أسوة بطرد سكان الرملة الذين تم تجميعهم في 50 حافلة وتم نقلهم من قرية القباب إلى مناطق الحكم الأردني.
تعددت مسارات الطرق التي سار فيها المطرودين من قرية القباب، حيث اتجه البعض على الدواب إلى دير قديس ومنها إلى عين أيوب مرورا بقرية خربثا بني حارث، ومن هناك إلى مخيم عقبة جبر في أريحا بواسطة حافلات أحضرها الصليب الأحمر لنقلهم إلى هناك !؟.
هدم قرية القباب
تميزت سياسات العصابات والتنظيمات اليهودية-الصهيونية الارهابية، ومن بعدها دولة إسرائيل، بمنطق القتل والتدمير والتشريد اتجاه سكان وهدم المدن والقرى الفلسطينية التي احتلت عام 1948، ما تسبب بالنكبة التي ما زال يكتوي بنارها الفلسطينيون حتى اليوم. حيث كان الهدف هو منع عودة الفلسطينيين إليها مهما كان الثمن، والمحافظة على ما يسمى بيهودية الدولة العبرية الناشئة.
في نفس الوقت، تطلعت الحركة الصهيونية ومن بعدها دولة إسرائيل، إلى أن تمسح من الذاكرة الفلسطينية هذه القرى، بواسطة هدمها ومسحها عن الوجود، وتحويلها إلى أنقاض وبيع حجارتها أو دفنها تحت أشجار الغابات كما هو حال قرية القباب، لمنع الفلسطيني من الحسرة أو الحنين حتى على أطلال القرية التي ولد فيها، أو كي لا يمر من تلك المدن أو القرى أو الحارات أو التلال ويقول :"هذه الشجرة لي، وهذه القرية لي"، أو يمر سائحا يطرح مجرد سؤال عمن سكن هذه القرية أو تلك[129].
كمقدمة للسياسة التي اتبعت في هدم القرى العربية، بدأ بهدم جسر القباب التاريخي، الذي اعتبر من أهم عمليات هدم معالم القرية ليلة 5-6 أيار عام 1948، التي جاءت خلال عملية نحشون "أ" للسيطرة على الطرق في منطقة السهل الساحلي الأوسط، ولمنع قيام القرى الفلسطينية مثل النعاني وسلبيت وأبو شوشة والقباب من مساعدة القوى العسكرية الفلسطينية والعربية (الجيشين الأردني والعراقي) عسكريا ولوجستيا، المتواجدة في راس العين وقرى اللطرون.
كما شهدت نفس الليلة، هجوما على القرية أدى إلى تفجير العديد من المنازل بعد تفخيخها. وبعد ذلك بيوم، أي في السابع من الشهر شنت العصابات الصهيونية هجوما أخر على القرية، قامت خلاله بقصف القرية بقذائف الهاون، وفخخت بعض المنازل متسببة بدمار هائل في القرية.
كانت التعليمات العليا لقادة العصابات الصهيونية الارهابية، خلال حملاتهم العسكرية على المدن والقرى الفلسطينية، التي اشتدت في الربع الأخير من عام 1947، هو قتل أكبر عدد من السكان وتدمير أكبر عدد ممكن من المنازل، خاصة القريبة من القدس ومن خطوط الدفاع الإسرائيلية، حيث كان نصيب قرية القباب من هذا القتل والتدمير كبيرين، لأنها تعرضت لأكثر من عملية عسكرية لاحتلالها[130].
ووضعت العصابات الصهيونية معايير التدمير أو التفخيخ أو الحرق أو التفجير، التي نصت على تدمير القرية كاملة وطرد سكانها إذا أبدت مقاومة شديدة، ولم تستطع العصابات الصهيونية من السيطرة عليها، وطرد السكان القرى التي لا تعتبر مهمة من ناحية عسكرية، أما القريبة من المستعمرات الإسرائيلية والمهمة عسكريا مثل قرية القباب فقد كان القرار طرد وهدم.
لكن الرغبات الصهيونية بتوطين اليهود مكان الفلسطينيين، منع هدم قرية القباب مثلها في ذلك 38 قرية في فلسطين من أصل مئات القرى التي هدمت حتى عام 1950.
خلال تلك الفترة كانت العصابات الصهيونية المسلحة، هي الجهة الوحيدة المسئولة عن الهدم. ولم تتطلب عمليات الهدم أية أوامر عسكرية، لأن صلاحيات الهدم منحت مسبقا للقادة الميدانيين الذين طلب منهم هدم أكبر عدد ممكن من المنازل خلال أي عملية عسكرية[131].
وخلال عملية اقتحام القرية في إطار عملية "د" التي نفذتها العصابات الصهيونية لاحتلال اللد والرملة ورام الله والسيطرة على الطرق في السهل الساحلي الأوسط وباب الواد وقراها ليلة 13-14 أيار عام 1948 اقتحمت القرية مرة أخرى خلال عملية نحشون وفخخت العديد من المنازل، التي دمرتها ومعها العديد من شهداء القرية.
وقبل تسليم أراضي قرية القباب للمستعمرين اليهود هُدم مسجد القرية الأثري عام 1949، بناءا على أوامر من رئيس العصابات الصهيونية آنذاك، ومن أصبح رئيسا لوزراء إسرائيل لاحقا دافيد بن غوريون، الذي استجاب لمطالب الوفد الصهيوني المفاوض في لوزان بسويسرا، الذي طالبه بهدم الكنائس والمساجد بعد المفاوضات، خاصة بعد أن طلب الوفد الأميركي بعودة اللاجئين إلى قراهم ومنازلهم وأراضيهم.
لكن احتلال قرية القباب بشكل نهائي، أسوة بغيرها من القرى والمدن الفلسطينية، لم يدفع العصابات الصهيونية ودولة الاحتلال الإسرائيلي فيما بعد إلى هدم القرية، نظرا للمستوى الهندسي المتقدم لمساكن القرية، التي استقر الرأي بخصوصها، أن يتم إسكان المستعمرين اليهود في قرية القباب، أسوة بعشرات المدن والقرى الفلسطينية.
إضافة إلى ذلك، ما ساعد على تأجيل هدم قرية القباب هو إعلان الجهات الأثرية في دولة الاحتلال الإسرائيلي، أن القرية مبنية فوق أثار تاريخية قديمة، ما دفع الجهات الإسرائيلية المختلفة إلى المحافظة عليها من الهدم، معتقدين أنها أثار توراتية.
لكن الرغبة الإسرائيلية بهدم القرية، وغيرها من القرى الفلسطينية التي لم تهدم حتى عام 1950 و "تنظيفها" وفق الرواية الصهيونية من أي أثر للعرب الفلسطينيين تطلبت دراسة أثرية قامت بتمويلها وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية والجيش ودائرة إراضي إسرائيل عام 1965 لتحديد مكانة القرية الأثرية. وعندما تبين عدم وجود أية أثار إسرائيلية أو يهودية، تمت التوصية بهدم القرية عام 1965[132].
ولتنفيذ الهدم أو "تسوية القرى الفلسطينية [بالأرض]"، استدعى زئيف يفين أحد كبار علماء الأثار والموظف في دائرة أراضي إسرائيل ضابط المظليين السابق دافيد دودسون الذي طلب من مدير منطقة الشمال في الصندوق القومي الإسرائيلي نحمان الاسكندرون الجرافات لتنفيذ عملية هدم القرى الفلسطينية مثل القباب والبرية وسلبيت.
بدأ هدم القرى الفلسطينية المذكورة في 22 سبتمبر عام 1966، لكن هدم قرية القباب كاملة تم في شهر فبراير من عام 1967 بما في ذلك كل المواقع الأثرية في المكان[133].
وفي عام 2007 تعرضت الأثار المدفونة تحت أرض قرية القباب، التي لم تصل إليها الجرافات الإسرائيلية في المرات السابقة إلى الهدم والتدمير مرة أخرى، عندما قامت الجرافات الإسرائيلية بتوسيع شارع ما يسمى بغابة "مقاتلي الليحي"، وهي من العصابات الإرهابية التي قاتلت الفلسطينيين العرب في القرى المتخلفة من ضمنها قرية القباب، التي تضم نصبا نذكاريا لأفراد هذه المجموعة الارهابية من الذين قتلوا خلال معارك السيطرة على فلسطين[134].
شارك في اتخاذ قرار عملية هدم قرية القباب، وغيرها من القرى بعد عام 1950، كل من الصندوق القومي الإسرائيلي "الكيرن كييمت، ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع ودائرة أراضي إسرائيل، التي استأجرت الأرض وَمُنحت حق التصرف بأملاك اللاجئين الفلسطينيين.
لم يتوقف الأمر على هدم المنازل فقط، فقد أدخلت الجرافات في أوائل سبعينيات القرن الماضي إلى أراضي القرى الفلسطينية، ومن ضمنها قرية القباب، التي ازيلت منها الحدود الفاصلة بين أراضي أهل قرية القباب الأصليين كي لا يتكمن أصحابها من التعرف على أراضيهم مستقبلا[135].
اليوم لا توجد في قرية القباب سوى بعض المنازل المستخدمة، وبقايا بعض المباني والابار المحفورة في باطن الأرض التي أغلق معظمها بالتراب وبعض الأثار والأطلال والمزروعات وشهادات الطابو التي تروي الرواية التاريخية والدينية للشعب الفلسطيني ذو الأصول الفلسطينية والكنعانية.
الفصل العاشر
تهويد قرية القباب
بعد النكبة
شكل تهجير الشعب الفلسطيني من وطنهم التاريخي، حقبة جديدة في تاريخ المأساة والكارثة التي حلت بهم، بمن فيهم سكان قرية القباب التي هجر وطرد كل سكانها منها، بمن فيهم بعض كبار السن من الذين فضلوا البقاء في القرية، حيث قامت قوات الاحتلال بتجميعهم في إحدى الساحات وطردهم إلى الجانب الأردني من الحدود.
كان هدم المسجد الأثري والتاريخي، هو أول عمل يتم تنفيذه في القرية، بناءا على تعليمات دافيد بن غوروين، الذي أمر كمرحلة أولى هدم المساجد والكنائس في كل القرى العربية التي تم طرد سكانها منها مباشرة، ومن دون أي تأخير.
خلال الفترات الأولى من عام 1948، سلمت كل أراضي قرية القباب كغيرها من أراضي الشعب الفلسطيني، للصندوق القومي الإسرائيلي "الكيرن كييمت" الذي أصبح مالكا للأرض بالقوة المسلحة، وراسما لكل السياسات المستقبلية المتعلقة بها. لكن المنطقة ظلت منطقة عسكرية حتى عام 1967.
نتيجة ذلك، وبعد طرد الفلسطينيين من قرية القباب، أحضرت العصابات الصهيونية المختلفة 50 عائلة من يهود تشيكوسلوفاكيا، وأسكنتهم في بيوت أصحاب القرية، لمدة تترواح من 3-4 سنوات، ومنحت كل عائلة من المستعمرين الجدد 6 دونمات وبيت وحظيرة ومزرعة لتربية الدواجن وحديقة لزراعة الخضروات البيتية. واستخدم حتى شهر حزيران من عام 1956، ما يقارب 2200 دونم من أراضي قرية القباب، وفق صحيفة معاريف الإسرائيلية.
أقيم في قرية القباب مصنع إسرائيلي للألبان وصناعة الجبنة، التي اشتهرت بصناعتها القرية قبل النكبة، التي نقلها بعض سكان القرية معهم إلى أماكن لجوئهم.
واستبدل اسم قرية القباب بمستعمرة "مشمار أييلون" عام 1949[136]، التي ظلت في المساكن الفلسطينية حتى عام 1953، انتقلت بعدها إلى مكان قريب منها.
إضافة لذلك، أسست عام 1952 مستعمرة جديدة على أراضي قرية القباب باسم "مشمار أييلون أ" التي تحول اسمها فيما بعد لكفار بن نون، على اسم إحدى العمليات العسكرية. ومنح المستعمرين الجدد نفس الامتيازات التي منحت لمستعمري مشمار أييلون، التي عمل سكانها في التحجير في أحد محاجر القرية، إضافة إلى الزراعة وغيرها من الأعمال، التي لم تستمر طويلا نظرا لعدم اهتمام سكان المستعمرتين بالزراعة والفلاحة، واللتان هجر نصف سكانها نتيجة الاعمال الفدائية التي قام بها اللاجئين من ضمنهم لاجئين من قرية القباب الذين تجمع الكثيرون منهم في قرى يالوا وبيت نوبا وعمواس، التي خضعت لسيطرة سلطات المملكة الأردنية[137].
خبر الاعلان عن إنشاء مستعمرة كفار بن نون على أراضي قرية القباب
إضافة إلى المستعمرات، تمت المحافظة على غابة القرية الصغيرة، وأطلق عليها "مشمار أييلون"، التي غطت أوراق أشجارها دمار وحطام قرية القباب، في محاولة من الدولة العبرية مسح هذه القرية من الذاكرة الفلسطينية ومن ذاكرة سكانها.
على صعيد البنية التحتية، تم إنشاء سد ومضخة مياه ضخمة وحوض مائي اصطناعي تصل مساحته إلى 3 ألاف دونم، بسعة تصل إلى 25 مليون ميتر مكعب من المياه، على أراضي قرية القباب ليكون ناقلا للمياه من بحيرة طبريا إلى النقب. كما تم شق طريق رئيسية بطول 7 كيلو ميترات سمي بشارع 424 ليحل مكان الشارع التاريخي في القرية الذي كان يربط يافا-القدس وبالعكس.
مقاومة التهويد - المتسللون
أمام إجراءات التهويد الإسرائيلية، لم يُسلم أهل قرية القباب وغيرها من القرى الفلسطينية المحيطة بالقرية، التي كانت قريبة من الحدود الأردنية في ذلك الوقت، بتهويد قراهم، حيث شنوا عمليات فدائية متواصله على مدار فترة طويلة أوقعت العديد من القتلى من المستعمرين اليهود وجرحت الكثير منهم، حيث كانت تتم الهجمات بالمدافع الرشاشة والعبوات الناسفة. أدت مع غيرها من العمليات إلى شن القوات الإسرائيلية عدوانها على قرية قبية عام 1953 قتلت خلالها القوات المعتدية بقيادة أريئيل شارون 69 شهيدا فلسطينيا وفجرت وهدمت 45 منزل ومدرسة ومسجد[138].
علاوة على ذلك، تسلل سكان القرية بشكل يومي لاسترداد بعض حاجياتهم التي تركوها بعد طردهم من القرية، وقام المستعمرين وأفراد الجيش الإسرائيلي بسرقتها، حيث نجحوا باستعادة القليل جدا من الابقار والاغنام وبعض المواد الغذائية المخزنة، وتخريب بعض ممتلكات سكان القرية من المستعمرين اليهود. وذكر أحد سكان مستعمرة "مشمار أييلون" الجاثمة على القرية أن اللاجئين من قرية القباب موجودين في القرى الواقعة تحت السلطة الأردنية وهم متألمون لإبتعادهم عنها، أنها أجمل قرية رأيتها في البلاد، بيوتها لم تهدم مليئة بحقول زيت الزيتون[139].
وكان من بين المتسللين كل من وصفي حسن إبراهيم حمد (20 عام) و أحمد سليمان العاصي (21 عام) وإبراهيم رضوان (55 عام) ومحمد طه رضوان (22) وعيسى محمد سمرين (22) والعبد مصطفى عبان (23) ومحمد أبو مايلة (60) وعليان أبو روفة (60) ورقية حسن الطويل وفاطمة محمود منصور واحمد محمد سمرين (50) ومحمد احمد إبو الليل (24) ومحمد على صالح (55) وإبراهيم الدسوقي واحمد مطاوع وحسن الحاج هندي (50) وعبدالجواد سمرين (55) وفايز الهندي (40) وعلى محمد ابوعيشة الهندي (60) ومحمد خليل أبو التين (31) وجبر احمد الطويل (19)، وحسين خالد هندي.
القباب اليوم
تبقى من قرية القباب اليوم المدرسة التي حولتها قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى مقر لحرس الحدود، وما بين 20-30 منزل منتشرة على أراضي القرية، أعلن عن بعضها منازل أثرية، لكن تم إسكانها بالمستعمرين اليهود، الذين طلب منهم المحافظة على المنازل، مع توسيع مساحة السكن المجاورة لكل مبنى. كما استخدمت بعض المنازل كمخازن، في حين استخدم أحد المنازل الفلسطينية كمصنع ألبان "طيرا"، واستخدم منزل جميل يملكه محمود ياسين جدا كمقر لسكرتاريا مستعمرة "مشمار أييلون".
كما بقي من القرية القباب ركام المنازل، التي حاولت دولة الاحتلال الإسرائيلي طمرها بأوراق الأشجار، وانكشفت بعد أن شب حريق في الغابة الصغيرة التي أنشئت على قطعة أرض من القرية.
كذلك توجد بقايا المقبرة المهدمة، وقبرا يعود للمرحوم ذياب حسن، الذي حاولت سلطات الاحتلال الإسرائيلي هدمه أكثر من مرة في أوائل سبعينيات القرن الماضي، لكن سن الجرافة كسر مرتين، ما دفع القائمين على الهدم ترك القبر[140].
منزل محمود ياسين - سكرتاريا المستعمرة
رغم التهجير، ونتيجة لطبيعتها الزراعية، حافظت قرية القباب على طابعها القروي والزراعي حتى اليوم، حيث تزرع فيها الحبوب على مختلف أنواعها والفستق، وتنتشر فيها أشجار الزيتون بكثافة التي زرعها أجدادنا الفلسطينيين، وما زالت تنتشر أشجار الصبر بكثافة في محيط قرية القباب المدمرة. أما داخل القرية فتنتشر أشجار التين والعنب وغيرها من اللوزيات، وظلت تلك المزروعات شاهدة على الوجود الفلسطيني، وعلى الدمار الذي ألحقته دولة الاحتلال بالقرية. كما تباع الورود المزروعة في القرية على أطراف الشارع المؤدي إلى قطاع غزة حتى اليوم، التي تزرع في مشاتل خاصة، وتضم عدة أنواع من الصبريات المختلفة التي تنموا في الأميركيتين، ومزارع لتدجين الحيوانات المختلفة، خاصة الخيول. كما توجد مزارع اغنام وأبقار يسيطر عليها المستعمرين اليهود.
الأرض والمزارع في قرية القباب، كغيرها من الأراضي الزراعية في فلسطين يزرعها العمال والمزارعين الفلسطينيين، وليس اليهود الذين لا يهتمون بالزراعة، كما تدعي دولة الاحتلال
أقيم على انقاض قرية القباب مستعمرتان (مشمار أييلون وكفار بن نون التي منحت 3 ألاف دونم) وغابة صغير قسمت إلى عدة أحراش صغيرة أطلق عليها اسماء عبرية، كجزء من عملية تهويد المنطقة. وحسب احصاءات عام 2019 يبلغ عدد المستعمرتين سويا 1321 مستعمر. أي أنه وبعد أكثر من 73 عام من احتلال القرية لم يسكن قرية القباب العربية الفلسطينية، سوى أكثر من النصف بقليل من المستعمرين اليهود، بدلا من سكانها الأصليين الذين بلغ عددهم عند طردهم 2300 نسمة تقريبا.
وخلال الفترات السابقة، حاولت دولة الاحتلال الإسرائيلي تحويل القرية إلى مكان سياحي، نظرا لوجود الكثير من الاثار في المنطقة، وعين يردا التي تحول اسمها لعين "نحشون"، لكن هذه المحاولات لم تنجح.
خلاصة
فجاة وفي النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني عام 1948، أوقف نمو قرية القباب، لكن نمو سكانها لم يتوقف. ومسحت معظم شواهد الجريمة التي تعرض لها سكان القرية، أسوة ببقية المدن والقرى الفلسطينية، لكن ذاكرتها ظلت حية في العقول والقلوب.
أرادها الاحتلال الإسرائيلي مجرد مفتاح يحمله لاجيئ من القباب أإو من غيرها من القرى، لكن الشعب الفلسطيني أرادها عودة تتناسب مع الجغرافيا والدين والتاريخ والديموغرافيا، الذي انقطع فجأة من غير ميعاد.
أرادوها جزءا من حضارة غربية، لكنها أبت مع سكانها ولاجئيها الأصليين، إلا أن تظل عربية إسلامية، ما زالت شوارعها وحجارتها وأماكنها المقدسة الإسلامية والمسيحية وأثارها، تصدح بأن فلسطين هي قلب الأمتين العربية والإسلامية، وأن الوجود الغريب في هذه المنطقة سيعود غريب.
القباب ومنطقة السهل الساحلي الأوسط، هي تلخيص لتاريخ كل فلسطين منذ نشأت الحضارات حتى اليوم، حيث توطن فيها الكنعانيين والفلسطينيين والأراميين العرب، احتلها في ظل وجودهم الرومان والبيزنطيين والفرس والصليبيين وبريطانيا ،التي كانت لا تغيب عنها الشمس يوما، وخرجوا. وظل العرب الفلسطينيين بمسليميهم ومسيحييهم.
مهما ظل اليهود الموجودين في فلسطين، فسوف يخرجون، فوجودهم يتناقض مع الجغرافيا والتاريخ والدين والديموغرافيا، المحفوظ حصرا للشعب العربي الفلسطيني.
[1]. نمر عباس، قرية القباب قضاء الرملة، أحدى قرى الرملة المهجرة، باحث ومؤرخ وعضو اتحاد المؤرخين العرب، رابط المقال على المواقع الاليكتروني، www.abbasnimer.com/%D9%82%D8%B1.
[2]. البلاذري، احمد بن يحيى بن جابر، فتوح البلدان، الجزء الأول - صفحة: 165، تحقيق صلاح الدين المنجد - القاهرة (1956-1957).
[3]. جَازِر: تعني السور الشاهق.
[4]. قيان: جمع قنوات، المعاني الجامع - معجم عربي عربي، الرابط على الموقع الاليكتروني www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D9%82%D9%
[5]. بريمر توم، وصف تاريخي وجغرافي وأثري، كتاب من فلسطين، ص 83-84 ، من دون تاريخ.
[6]. اسم قرية سلبيت حولته دولة الاحتلال إلى "شعلابيم" أي الذئاب التي آتى بها الملك سليمان.
[7]. مصدر سبث ذكره، بريمر توم.
[8]. هيرتسوغ زئيف، التوراة - لا توجد أثار في المنطقة، حفرنا سبعون عاما ولم نجد شيئا، ملحق هأرتس، 29\10\1999، الرابط الاليكتروني للمقال .haaretz.co.il/special/bible/20656.asp
[9]. عبد الله محمد أبو علم، يردا: قد تكون من يَرَد بمعى ورد أو تكون تحريفا لكلمة ياريدا الآرامية بمعنى السوق السنوية يجتمعون للمقايضة، أسماء ومسميات فلسطينية وعربية وأجنبية، ص 55، الطبعة الجديدة، من دون تاريخ.
[10]. المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلات الفلسطينية "هوية" لقاء مع يوسف عبد الحميد هندي، مواليد قرية القباب عام 1932.
[11]. مصدر سبق ذكره، "غيزر"، ص 3، 214.
[12]. الدكتور أوري ميليشتاين، بداية المعارك على الطرق في الحرب، ص 281، مجلة معرخوت، 1981.
[13]. نفس المصدر.
[14]. عارف العارف، بلادنا فلسطين، ص 443، طبعة جديدة، الجزء الرابع، 1995.
[15]. مساحة قرية القباب باللغة العثمانية أكثر، نظرا لأن الدونم العثماني يساوي 918.3 ميتر، أي أقل من الدونم العادي بـ 82 ميتر تقريبا.
[16]. القباب، سجل احصائيات القرى لعام 1945، الصادرة عن ادارة المحتل البريطاني، Department of Statis tics, p 30، 1945.
[17] . مصدر سبق ذكره، من ريحة البلاد، ص 10.
[18]. إبراهيم محمد عبد اللطيف نعمة الله، الرملة في أواخر العهد العثماني 1281- 1333هـ /1864-1914م، من ص 230-231، 2004.
[19]. نفس المصدر
[20]. نفس المصدر
[21]. عينات طال، مخطط الاستيطان في التلال منذ قيام الدولة حتى عام 1967، ص 6، جامعة حيفا، 2016.
[22]. نفس المصدر.
[23]. د. عبد القادر مصطفى سطيح وعايد علي ناصر، دير قديس، تاريخ الأرض والانسان، ص 8، الرقمية، 2020.
[24]. حكومة عموم فلسطين، حادث مهلك بقرية القباب، عن الحادث منشور في أرشيف دولة إسرائيل، رابط الملف الاليكتروني www.facebook.com/photo/?fbid=10158831469800853&set=gm ، وقع الحادث بتاريخ عام 1944.
[25]. لقاء مع الدكتور عبد القادر مصطفى سطيح، مدير شعبة رام الله في المركز الثقافي التركي، الساعة العاشرة صباحا، 6\12\2020.
[26]. غوتا هيرمن، منشورات الجمعية الالمانية-الفلسطينية، الجزء الثاني من المجلة، ص 145، 1878.
[27]. تشالرز كليمنت-جانتو، تعرف على فلسطين، الجزء الثاني، من ص 84-85، ترجمه إلى اللغة الانجليزية جون ماكفرين لصالح صندوق اكتشاف فلسطين. زار جانتو فلسطين عام 1896، حيث ادعى أنه يعمل كطرف علمي، لكن عمله بالأساس كان التجسس على فلسطين قبل احتلالها من قبل بريطانيا.
[28]. نمر عباس، القباب إحدى قرى الرملة المهجرة، ص 20.
[29]. نفس المصدر.
[30]. نفس المصدر.
[31] . مصدر سبق ذكره، دير قديس، تاريخ الأرض والانسان، ص 18.
[32]. أرنون غولان، تغيير القرية من عربية إلى يهودية، ص 231.
[33]. الاحصاء العثماني تحدث عن المنزل باسم خانة.
[34]. 1538 \ BOA.TD.945، دفتر التحرير لعام 1538.
[35].49-1548\BOA. TD.955، دفتر التحرير لعام 1556.
[36]. BOA. TD.9594\1557، دفتر التحرير لعام 1556.
[37]. 97-1596\KK. TD. 1005 ، دفتر القيود لسنة 1596.
[38]. مصدر سبق ذكره، غوتا هيرمن، ص 145، 1878
[39]. مصدر سبق ذكره، دفتر القيود لسنة 1596.
[40] . يبدو أن المقصد هنا هو الأراضي المروية التي تزرع في الصيف، فحسب كل الشهادات تعتبر أرضي قرية القباب معظمها أراضي زراعية.
[41]. مصدر سبق ذكره، دير قديس، ص 6.
[42]. أبو البلول ونجمة صوات وأبو غارس وجورة عبد الرحمن والظهور والعماير والحبال وام الحياة وأبو السحالي والجدي وام العرايس وحبال القتاه والبصة والبستان والرسوم والعليق والقصمة وخلة يردا وخلة البصل وخلة ابراهيم والمعلقات والغطايس والسلاق ومقبة ونجم الخبة وباع هندو والمروج والنبابتة وغياضة وام الحميد والصوانة.
[43]. مصدر سبق ذكره، عباس نمر، قرية القباب.
[44]. اسماء دافعي الضرائب في قرية القباب خلال الحكم العثماني :ربيع بن سليمان، مفرح بن ربيع، ذياب بن سليمان، سليمان بن عبد الله، محمد حاج احمد، اسماعيل بن اسماعيل، محمد بن حلمي، محمد بن نزال، نزال بن عمار، محمد بن فضة، علي بن علي، محسن بن ثابت، عواد بن عواد، عبد الله بن خلف، محسن بن عبد الله، عميرة بن عالول، سالم بن عالول، زين بن عبادي، عفان بن عليان، عليان بن عليان، زين بن عمر، عمر بن زين، نمر بن عمر، عمر بن نمر، ثابت بن احمد، مرعي بن عبادي، محمد بن عبادي، شاور بن علي، صالح بن اسماعيل، اسماعيل بن عليان، حجاج بن دهروج ،سعد بن رجب، عبد الله بن رجب، ربيع بن كردي، نمر بن سعد، رمضان بن علي، زين بن ربيع، ربيع بن منصور، سليمان بن ربيع، عبد الله بن عبد الله، منصور أبن ابو حسن، محمد بن بدوي، احمد بن كردي، سيف بن يوسف نوح، ابن عديه احمد، محمد بن أبو سعيد، علي بن محمد، احمد بن خليل، عيسى بن موسى ، رمضان بن شعبان، مسلم بن ربيع، نمر بن سليم، حسن بن مفر، ابراهيم بن عمر ، مصطفى بن حسين ،عيسى بن حسن .
[45]. الغرارة: وحدة وزن تساوي 12 كيلة. والكيلة 6 أمداد، لهذا تساوي الغرارة 72 مد. وزن الغرارة في المدن يختلف من منطقة إلى أخرى، لكنها في تساوي في بلاد الشام رطل وثلث، أي 4.5 كيلو.
[46]. الأقجة :عملة عثمانية قديمة مصنوعة من الفضة، كانت قيمتها عالية في بداية الدولة.
[47]. الجريدة الرسمية، أوامر ترتيب شئون الأراضي في قرية القباب في 1 ديسمبر عام 1932، ص 11، نشرت في الجرية الرسمية تحت رقم 328، يوم الخميس من شهر نوفمبر عام 1932.
[48]. د. محمد عثمان الخطيب، الوقاف الإسلامية في العهد المملوكي، 1250-1517، ص 125، دار الكتاب الثقافي، 2007.
[49]. د. أمين أبو بكر، أوقاف الحرم الإبراهيمي الشريف 1858-1918، ص 433، جامعة القدس المفتوحة، من دون تاريخ.
[50]. من ريحة القباب ص 41 أخذت المادة كاملة تقريبا من الكتاب.
[51]. العارف عارف، المفصل في تاريخ القدس، ص 341، المؤسسة العربية للنشر، 2003.
[52]. المدني زياد، مدينة القدس وجوارها في أواخر العهد العثماني 1831-1918 ، ص 38-39، الدستور التجارية - عمان، 2004.
[53]. نفس المصدر.
[54]. مصدر سبق ذكره، حادث مهلك، 1944.
[55]. برنامج عين على فلسطين، حلقة 63 وهي منشورة على yutube منشورة بتاريخ 24/5/2020 بعنوان قرية القباب المهجرة - قضاء الرملة.
[56]. أطلق عليها سكان القرية المستشفى.
[57]. من أعضاء النادي والمسئولين عنه نذكر كل من محمد النجار ومحمد العنيسي وسعيد احمد رشيد وإبراهيم مصطفى وعبد الرازق خليفة وعبد العزيز الحاج حسن.
[58]. المشروع الوطني للمحافظة على الهوية الفلسطينية "هوية"، لقاء مسجل علىyoutube للسيد احمد علان حسن حمد هندي المولود عام 1930 في قرية القباب.
[59]. مصدر سبق ذكره، الرملة في أواخر العهد العثماني، ص 493 -499. الاسماء موجودة ضمن جداول تضم اسماء من الرملة وقضاها.
[60]. نفس المصدر
[61]. فلسطين في الذاكرة، تسلسل التاريخ الفلسطيني منذ العصور الأولى حتى عام 1949، الرابط الاليكتروني
www.palestineremembered.com/Articles/General/Story2430.
[62]. مصدر سبق ذكره، بلادنا فلسطين، ص 364.
[63]. شبيط ألون، "غيزر" ، ص 3، 214، غيزر هو الاسم العبري لمنطقة جازر التي تضم أبو شوشة والقباب وغيرها من القرى الفلسطينية.
[64]. الدباغ مراد مصطفى، بلادنا فلسطين، ص 421، دار الهدى-كفر قرع، 2013.
[65]. مصدر سبق ذكره، شبيط ألون، "غيزر"، ص 3، 214.
[66]. نفس المصدر.
[67]. مصدر سبق ذكره، شبيط ألون، "غيزر"، ص 19.
[68]. مصدر سبق ذكره، هيرتسوغ زئيف، التوراة لا توجد أثار في المنطقة.
[69]. ابن كثير الدمشقي، البداية والنهاية، طاعون عمواس وعام الرمادة، جزء 10، دار عالم الكتب، صفحة 76، من دون تاريخ.
[70]. حس اشتيوي حسن مبارك، قطاع اللطرون، ص 20، رسالة ماجستير، جامعة النجاح، 2007،
[71]. قلريسا حيزمون-بيستسكي، مجلة سياحية لأرض إسرائيل طولا وعرضا، الطريق إلى القدس، 2019.
[72]. نفس المصدر.
[73]. د. احمد حسين عبد الجبوري، القدس في العهد العثماني 1640-1799، ص 157، دار الحامد للنشر والتوزيع، 15\4\2011.
[74]. نفس المصدر.
[75]. مصدر سبق ذكره، المفصل في تاريخ القدس، ص 341.
[76]. مصدر سبق ذكره، القباب - من ريحة البلاد ص 49-50.
[77]. محمد محمود خليفة، برنامج التاريخ الشفوي للنكبة الفلسطينية، لقاء فيديو، أجرى اللقاء الاستاذ راكان محمود، الأردن، اللقاء منشور في الموقع الاليكتروني - فلسطين في الذاكرة، 28\7\2007
[78] . يادين رومن، المياه للملك سليمان - التاريخ والأثار، 2014.
[79]. نفس المصدر.
[80]. المُكُر: أحواض صخرية اكتشفت جانب عيون المياه في فلسطين لسقاية الماشية. ويعود تاريخ المُكُر إلى العصور السابقة المختلفة.
[81]. مصدر سبق ذكره، اللجنة الثقافية، القباب - من ريحة البلاد، من صفحة 22-23.
[82]. مصدر سبق ذكره، اللجنة الثقافية، القباب - من ريحة البلاد، من صفحة 22-23.
[83]. اللجنة الثقافية، القباب-من ريحة البلاد، من ص 22-23، جمعية رابطة أهالي القباب-الأردن، 2018.
[84]. نفس المصدر.
[85]. نفس المصدر.
[86] . يادين رومن، المياه للملك سليمان - التاريخ والأثار، 2014.
[87]. المداس: عبارة عن ساحة مائلة وفيها قنوات صغيرة تسير باتجاه بئر يقع على حافة الساحة، بهدف تجميع عصير العنب لصناعة الدبس أو النبيذ، كان العنب يعصر واسطة الدوس عليه بالأقدام الحافية، وجد منها في المنطقة 400 مداس.
[88]. غدعون سوليماني وراز كالتر (عالمي آثار إسرائيليين)، الدمار القابل للفحص، علم الآثار الإسرائيلي والقرى الفلسطينية المهجرة، مجلة قضايا إسرائيلية الصادرة عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار"، ص 72، ترجمها للعبرية سعيد عياد، العدد 57، 6/7/2015.
[89]. شاخر دان، القباب – التقرير النهائي، سلطة الأثار الإسرائيلية، 23\7\2019، رابط المقال الاليكتروني،
hadashot-esi.org.il/report_detail_eng.aspx?id=25573&mag_id=127
[90]. هيرتسوغ زئيف، التوراة لا توجد أثار في المنطقة، حفرنا سبعون عاما ولم نجد شيئا، ملحق هأرتس، 29\101999، الرابط الاليكتروني للمقال www2.haaretz.co.il/special/bible/20656.asp.
[91]. رونيت لوبو، القباب – تقرير نهائي، سلطة الأثار الإسرائيلية، 12\9\2010، رابط المقال الاليكتروني،
hadashot-esi.org.il/report_detail_eng.aspx?id=25573&mag_id=127.
[92] . نفس المصدر.
[93]. هايمن مردخاي، القباب – تقرير نهائي، سلطة الأثار الإسرائيلية، 21\7\2010، رابط المقال الاليكتروني، .hadashot-esi.org.il/report_detail_eng.aspx?id=25573&mag_id=127
[94]. مصدر سبق ذكره، غدعون سوليماني وراز كالتر، 6/7/2015.
[95]. نفس المصدر.
[96]. نفس المصدر.
[97]. نمر عباس، القباب إحدى قرى الرملة المهجرة، ص 20، جريدة القدس، 27\5\2014.
[98]. معظم المادة المتعلقة بالاحتلال البريطاني مقتبسة من كتاب القباب "من ريحة البلاد" الصادر عن اللجنة الثقافية في جمعية رابطة أهالي القباب عام 2018.
[99]. قام ابرهيم ومحمود بقتل اثنين من أفراد العصابات الصهيونية والاستيلاء على سلاحهما.
[100]. مصدر سبق ذكره، برنامج عين على فلسطين، حلقة 63.
[101]. ألقي القبض على خليل أبو تايه واودع سجن بئر السبع قبل أن ينقل إلى سجن اللد، وسجن يوسف أبو تايه وحكم عليه بالاعدام، واعتقل حسن ندا بتهمة التستر على الثوار ومساعدته لهم من خلال إيوائهم، ونفي حسن الحاج هندي الذي عمل على إحضار السلاح من مصر إلى الثوار
[102]. خلال أحد الانفجارات في اللد أصيب عدد كبير من الفلسطينيين ومن بينهم الحاج أبو لطفي الواوي الذي فقد ساقه وحسني علي عيشة الهندي.
[103]. العقيد يسرائيل بار، معارك اللطرون، ص 11، من 15\5\1948- 11\6\1948، منشورات الجيش الإسرائيلي.
[104]. العقيد يسرائيل بار، معارك اللطرون - من 15\5\1948- 11\6\1948، منشورات الجيش الإسرائيلي.
[105]. اللواء في الجيش الإسرائيلي يضم جنود من 3 ألاف جندي مشاة، إضافة إلى المدرعات والمدفعية وغير ذلك من الأسلحة الميدانية.
[106]. لهذا السبب أقيم نصب تذكاري لعصابات الليحي في قرية القباب.
[107] . نفس المصدر، ص 13.
[108]. ميلشتاين أوري، هروب رابين من ساحة المعركة، الفصل التاسع، 2\8\2013، رابط المقال على الموقع الاليكتروني، news1.co.il/Archive/002-D-85634-00.html#PTEXT36124.
[109] . مصدر سبق ذكره، بار يسرائيل، ص 14.
[110]. رابط المعركة الاليكترونيي – تدمير جسر القباب، moreshet-map.org.il/step-2/%D7%9E.
[111] . أييلون أ، الحرب الوجودية، لواء غفعاتي، من ص 463-462، تل أبيب 1959.
[112]. زخر القاموس الصهيوني والجيش الإسرائيلي بالمصطلحات، التي تكون بالعادة غير واضحة مثل "تليين القرية" أي قصفها بشكل عشوائي لطرد السكان منها، واستعدادا للهجوم عليها. وفي الوقت الحاضر مثلا تستخدم كلمة "تحييد" للإشارة إلى قتل فلسطيني.
[113]. استخدم نفس الاسلوب في عدوان عام 1967 بحق الجنود الأردنيين في منطقة اللطرون وغيرها من ساحات المعارك، ما تسبب باستشهاد العديد من الجنود الأردنيين.
[114] . أوري ميلشتاين، استراتيجية دافيد بن غوريون - ترحيل العرب، رابط المقال على الموقع الاليكتروني، www.news1.co.il/Archive/002-D-133508-00.html. 8\2\2019.
[115]. غايئ أفيعاد، كتيبة 54 غفعاتي، الجنرال تسفي تسور، رئيس الأركان السادس، ص 11، 2016.
[116]. أييلون "أ"، لواء غفعاتي في الحرب على الوجود، من ص 462-463، تل أبيب، 1959.
[117]. إيهود عاين غيل، خطأ بيني موريس، 13\10\2016، رابط المقال على صحيفة هأرتس
haaretz.co.il/opinions/.premium-1.3092345، 13\10\2016.
[118]. أفنيري أوري، كان مقاتلا في "ذئاب شمشون" التابعة للواء غفعاتي، غوش "شالوم" الموقع الاليكتروني
gush-shalom.org/home/he/channels/avnery/1524232069،21\4\2018. كتب يوميات المعارك التي شارك فيها في كتاب سمي "في بلاد بليست".
[119]. المعلومات عن الكثير من المعارك أخذت من أرشيف "البلماخ". الرابط الاليكتروني عن قرية القباب في الارشيف الصهيوني :.palmach.org.il/archive/galleries/galleryphoto/?itemId=54885
[120]. احتلال قرية القباب، ورد الخبر في صحيفة هبوكر الصادرة في 7 حزيران عام 1948.
[121]. نفس المصدر.
[122] . اسماء الشهداء اقتبست من كتاب "من ريحة البلاد".
[123]. عرف من الشهداء احمد محمد سمرين، والدكتور احمد محمد منصور الذي استشهد إثر انفجار لغم من المفخخات التي زرعتها ،في جسد أحد الشهداء، العصابات الصهيونية بعد خروجها من القرية.
[124]. خلال العودة استشهد حسن الحاج الهندي وعبد الجواد سمرين وفايز رمضان الهندي وعلي محمد عيشة هندي ومحمد خليل أبو التين وجبر احمد الطويل.
[125]. مصدر سبق ذكره، أوري ميلشتاين، استراتيجية دافيد بن غوريون - ترحيل العرب.
[126]. أوري ميلشتاين، استراتيجية دافيد بن غوريون - أخلينا البلاد من، رابط المقال على الموقع الاليكتروني، www.news1.co.il/Archive/002-D-133508-00.html. 8\3\2019.
[127]. أوري ميلشتاين، استراتيجية دافيد بن غوريون - حرق وتدمير القرى العربية، رابط المقال على الموقع الاليكتروني، www.news1.co.il/Archive/002-D-133508-00.html. 2\4\2019.
[128] . أ غولان، السيطرة على الأراضي العربية من قبل السكان اليهود في حرب الاستقلال، كاتدرا، العدد 63، 1992.
[129]. شاي أهارون، مصير القرى العربية في دولة إسرائيل عشية حرب الأيام الستة وما بعدها، ص 224، عدد 105، سبتمبر 2002.
[130]. ميليشتاين أوري، الحقيقة عن حرب الاستقلال: استغلال النجاح، الفصل 42، ربط المقال new.l.co.ilarchiv\002-d-d-133360-00.html
[131]. موشيه (أوسي) روبنشتاين، شهادة من صفحة واحدة لرجل من العصابات الصهيونية، المجلس الاقليمي "غلبوع"، رابط المقال الاليكتروني hagiboa.org.il\yizcor، موقع يخلد ذكرى رجال العصابات الصهيونية الذين قتلول خلال تصدة القوى الفلسطينية والعربية للعدوان الصهيوني.
[132]. يشاي أهارون، مصير القرى العربية في دولة إسرائيل عشية حرب الايام الستة وما بعدها، ص 169، مجلة كاتدرا الإسرائيلية، للدراسات، 2002.
[133]. غدعون سوليماني وراز كتلر، علم الأثار الفلسطيني والقرى الفلسطينية المهجرة، الدمار القابل للفحص، مجلة قضايا إسرائيلية الصادرة عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار"، ص 72، ترجمها للعبرية سعيد عياد، العدد 57، 6/7/2015.
[134]. نفس المصدر.
[135]. لقاء مع داوود سمور محمد مصلح من قرية خربثا المصباح الذي عمل في القرية على مدار العقود السابقة، عقد اللقاء في منزل المؤلف، 2\1\2021
[136]. نشر في الصفحة الثانية من صحيفة "عل همشمار" في 26\10\1949 خبرا مفاده أن لجنة الأسماء أطلقت اسم "مشمار أييلون" على قرية القباب.
[137]. ورد الخبر في صحيفة عل همشمار في 5\6\1950.
[138]. م أغمون، على بعد كيلو ميترين من اللطرون، ص 2، عدد 318، صحيفة هبوكر (الصباح)، 9\7\1953.
[139]. نفس المصدر.
[140]. لقاء مع حبيب محمد شحادة حمدالله بمنزله في بيت سيرا، عمل فترات طويلة في قريته القباب وهو يذكر قصة القبر من بعض اليهود الذين عاشوا في المكان. ولد حبيب عام 1953 في بيت نوبا، 2\1\2020.