(بيان شبيب)
تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أسئلة سريعة عن انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع متلقيه. "لا يمكن للعالم أن يجد سلاماً دون حرّية فلسطين وتحقيق العدالة لشعبنا"، تقول المسرحية الفلسطينية في حديثها مع "العربي الجديد".
■ ما الذي يشغلكِ هذه الأيام؟
- أكثر ما يشغلني هذه الأيام على المستوى الثقافي العام، تقلّص مساحة حريات التعبير والاعتداءات المتكرّرة على المؤسّسات الفنية الفلسطينية والفنانين الفلسطينيين، وعدم حماية القطاع الثقافي الفلسطيني من قِبل المؤسّسات الأمنيّة والثقافية الرسمية، وذلك بعد تعرُّض "مسرح عشتار" وفنّانيه لاعتداء جسدي ومنع قافلة "مهرجان مسرح الشباب" من العرض في مدينة رام الله، ويرادف ذلك منعُ فنانين فلسطينيّين عديدين من المشاركة بمهرجانات عربية ومحلية. حالياً، يشغلني جداً دورُنا كفنّانين للوقوف والتصدي لمن يُصادرون حرية التعبير في فلسطين، لأن المشروع الثقافي الفلسطيني من أهم أشكال المقاومة ضدّ الاحتلال وسياساته الإجرامية.
■ ما آخر عمل صدر لكِ، وما عملكِ القادم؟
- صدر لي أخيراً عملان مسرحيّان افتُتحا بالتوازي في شهر أيار/ مايو 2022. الأوّل عمل مونودراما من تأليفي باللغة الإنكليزية تجوّل في ألمانيا وفلسطين بعنوان "2077: من يريد البقاء؟". من تمثيل إميل سابا وإخراج سايمون أيفلر. أمّا العمل الثاني، فهو مونودراما من تأليفي وتمثيلي وإخراج إيمان عون بعنوان: "فنتولين العودة".
■ هل أنتِ راضية عن إنتاجك ولماذا؟
- أشعر بالرضا عن العَملين المسرحيّين، إلّا أن تجربة كتابة المونودراما المبنيّة على تجربتي الحياتية كانت الأصعب. وأخُصّ بالذكر أنّ الكِتابة المسرحية ودراماتوجيا تأليف مسرحية "فنتولين العودة" كانت لها خصوصية كبيرة على المستوى النفسي والوعي الذاتي. وكانت الكتابة حالة تجريبية مع المخرجة والدراماتورج إيمان عون، فقد دخلتُ مختبر الكتابة لمدّة عام كامل تعرّض فيها النص المسرحي في أثناء فترة الحَجر المنزلي في زمن الكورونا، لعملية بناء وهدم وبحث في العديد من المونولوجات والذكريات التي تَقاطَع بها الشخصي مع العام الفلسطيني.
استطعنا من خلالها اكتشاف الطريق الأمثل لسرد الحكاية الذاتية بمعزل عن التكرار، والنمطية، والانغماس في خطاب الضحية أو خطاب البطولة بل على العكس من ذلك. واعتمد الإخراج على التجريد والعبث، وكذلك النص المسرحي أيضاً جاء ساخراً وناقداً. النص المسرحي مبني على تجربتي الشخصية كابنة أحد العاملين بـ"منظمة التحرير الفلسطينية" وتجربة والدي الكاتب والصحافي الفلسطيني سميح شبيب، فكان تحدّياً كبيراً أن أجد مساحة موازية للبوح الشخصي تُحاكي الجُمهور بالتحوّلات التاريخية والسياسية العامة التي شهدها كلُّ الفلسطينيين.
شغفٌ منذ الصغر بالحكاية والسرد وحفظ الذاكرة
■ لو قيض لكِ البدء من جديد، أي مسار كنت ستختارين؟
- لو قيض لي البدء من جديد، كنتُ سأختار المسار نفسه الذي اتّخذته لحياتي، فأنا أؤمن بأنّني اخترتُ المسرح، وأنّ المسرح اختارني. فمنذ الطفولة في حياتي لم تكن لي مساحة أُخرى للتعبير عن ذاتي، وفهم محيطي، والتغييرات الكبيرة التي تعرّضتُ لها بسبب تغيير البلدان والتنقّل بحكم الترحال، والشتات الذي عشته كلاجئة فلسطينية سورية، وأحد أبناء العاملين بـ"منظمة التحرير الفلسطينية". فشغفي بالحكاية والسرد وحفظ الذاكرة زُرع بوجداني منذ الصغر، فرغم الشتات إلّا أنّ المسرح كان وطني البديل كلّما شعرت بالاغتراب أو عدم الاستقرار.
■ ما التغيير الذي تنتظرينه أو تريدينه في العالم؟
- التغيير الذي أحلم به هو فلسطين حرّة جغرافياً وسياسياً وإنسانياً، وكلّي إيمانٌ بأنه لا يمكن العالم أن يجد سلاماً دون حرّية فلسطين وتحقيق العدالة لشعبنا.
■ شخصية من الماضي تودين لقاءها، ولماذا هي بالذات؟
- أودّ لقاء الملكة زنوبيا التي عُرفت بقوّتها في حكم إمبراطورية تدمر في سورية، وقيادتها تمرداً على السلطة الرومانية التي احتلّت الأراضي السورية والمصرية آنذاك، فأنا معجبة بحكاية المرأة المقاتلة والمدافِعة الشُّجاعة عن أرضها و شعبها.
المونودراما المبنيّة على تجربتي الحياتية كانت الأصعب
■ صديق/ة يخطر على بالك أو كتاب تعودين إليه دائماً؟ وماذا تقرئين الآن؟
- كتاب أعود إليه دائماً: Actions: The Actors’ Thesaurus وهو بمثابة قاموس للممثل/ ة، أعود إليه دوماً للتأكُّد من انتقائي لأداء الفعل المسرحي بعد قراءة أيّ عملٍ مسرحي وإعدادي للعب الأدوار. فهذا الكتاب يوجّه الممثّل للأفعال السيكولوجية، ويعزّز إدراك المكنون النفسي لبناء الشخصية المسرحية.
■ ماذا تسمعين الآن وهل تقترحين علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟
- أستمع، حالياً، إلى موسيقى بلقانية، وبشكل خاص إلى ألحان الموسيقي Shantel.
أنصحكم بالاستماع إلى لحن Good night Amanes.
بطاقة
ممثّلة وكاتبة مسرحية فلسطينية من مواليد بيروت عام 1980. حاصلة على ماجستير من East 15 Acting School بـ"جامعة إسيكس" البريطانية، عملت مدرّسة في عدّة مؤسّسات أكاديمية منها: "جامعة بيرزيت"، و"أكاديمية فلسطين الدولية للفنون المعاصرة" و"جامعة فريدريش شيلر" في ألمانيا، كما عملت ممثّلة ومدرّبة في "مسرح عشتار" منذ 2005، حيث شاركت في معظم المسرحيات التي أنتجها؛ مثل: "مونولوجات غزة"، و"عشرون دقيقة"، و"نساء تحت الأضواء"، و"الملك ريتشارد".
من أعمالها الأُخرى: في المسرح: "صفد - شاتيلا من وإلى" التي نالت عنها جائزة أفضل ممثلة في "مهرجان القاهرة التجريبي" (2006)، و"حب ع الرف" (2019)، و"2077: من يريد البقاء على قيد الحياة؟" (2022)، ومونودراما "فنتولين العودة" تمثيلاً وتأليفاً. وفي السينما: الفيلم القصير "من الشباك" (2020).