جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
تقع قرية منصور الخيط غرب نهر الأردن، إلى الشمال الشرقي من مدينة صفد، ترتفع 175م عن سطح البحر. تبلغ مساحة أراضيها (6735) دونما، تحيط بها أراضي قرى (طوبى الهيب) و(مزرعة والدردارة.) وقدر عدد سكانها عام 1922 حوالي (437) نسمة، وفي عام 1945 (200) نسمة. تضم القرية مزار (الشيخ منصور) التي نسبت القرية إليه، مر بهذه القرية الرحالة الأمريكي (ادوارد روبنسون) في القرن التاسع عشر وقال عنها: يوجد في قرية منصور الخيط مخيم تركمان قيل أنهم استقروا في هذا المكان منذ زمن قديم، ويوجد أيضاً مخيم أكراد وقبائل عربية أخرى تسكن الخيام. ومع هذا الخليط من النسيج الاجتماعي الفلسطيني إلا أن تربة فلسطين الطاهرة وحدت الدم والعرق، وعاش أهالي القرية دروب طويلة من الزمان يفلحون الأرض الخصبة معاً، ويتزاورون ويتبادلون الحياة النقية الطيبة معا، حتى جاء الجراد الصهيوني الحاقد ليعلن بدء موسم الجفاف، وغياب الحب زمن الغزو والعدوان. وتنفيذا للإستراتيجية الصهيونية في احتلال المواقع المفصلية، قامت مجموعات من عصابة الهاجانا بالهجوم الهمجي البربري على قرية منصور الخيط، وارتكاب مجزرة ومذبحة تهدف إلى تهجير سكانها الآمنين لتحقيق الحلم الاستراتيجي الصهيوني الامبريالي نظراً- لموقع القرية المفصلي الاستراتيجي- القريب من صفد ونهر الأردن وطريق صفد – طبريا - وبحيرة الحولة وسورية ! وبكل وقاحة اعترف المؤرخ الصهيوني (بينى موريس) بالمذبحة الذي قال إنها كانت تهدف لخدمة مصالح الصهاينة دون الخوض بالتفاصيل، ومما يلفت النظر أن هذه المجزرة المؤرخة بتاريخ 8-1-1948، حدثت إبان الانتداب البريطاني لفلسطين، وقد أشارت مجلة( نيو يورك تايمز) إلى تلك المذبحة ولكنها لم تشر إلى تورط بريطانيا بالمذبحة، حيث كان الأهالي لازالوا تحت الاحتلال البريطاني، وتواطأت بريطانيا مع عصابات الهاجاناة لإقتحام القرية مرتين كانت الثانية تحت سمع وبصر القوات البريطانية المتواجدة في المكان بتاريخ 7-2-1948. ونظرا لأهمية موقع القرية وبعد اتفاقية الهدنة مع سوريا وقعت القرية في المنطقة المجردة من السلاح ، ومع ذلك وكما هو المعتاد تنصلت إسرائيل من عهودها وطردت بالقوة سكان القرية لأسباب ادعت إنها سياسية وإستراتيجية واقتصادية ، تتعلق بتجفيف بحيرة الحولة ، ولا يخفى على احد أهمية المنطقة من ناحية عسكرية لدولة الكيان الصهيوني ، وذلك بعد التصريحات التي أدلي بها وزير الحرب الصهيوني موشى ديان حين قال بعد طرد سكان قرية منصور الخيط ( لقد أصبحت سوريا بلا حدود طبيعية ) إذا المؤامرة على القرية كانت تقصد الشعبين السوري والفلسطيني معا. وتغيرت معالم قرية منصور الخيط و قامت المنظمات الصهيونية المسلحة بهدم القرية وتشريد أهلها البالغ عددهم عام 48 (232) نسمة، وكان ذلك في 18-2-1948، ويبلغ مجموع اللاجئين من هذه القرية في عام 1998 حوالي (1425) نسمة، وأقاموا عليها الصهاينة مستعمرة (كفار هناسي) والناظر بأسف إلى بقايا قرية منصور اليوم يجد الغابات تكسو جزءاً من موقعها، وتكسو الحشائش الجزء الآخر. ولا يظهر من معالم القرية شيء للعيان. أما الأراضي المحيطة، فيزرعها مكان مستعمرة كفار هنسي، هذه الأرض الشامخة التي اختلطت بدماء شهداء فلسطين والعراق وسوريا والأردن، لا تزال أشجارها واقفة تحافظ على طهارة الدماء التي سالت فيها لتعلن حلم لم يعد يردد عن وحدة الدم العربي المغيب ؟ !
صحيفة الحوار