أقيمت آلاف الخيام في إسرائيل احتجاجا على الأزمة السكنية وأصبحت هذه الخيام علم الاحتجاج الاجتماعي الإسرائيلي على غلاء المعيشة، لكن هذه الخيام التي 'احتلت' الحائق العامة في المدن والبلدات الإسرائيلية لم يهددها أحد ولم تجرؤ السلطات المختصة على إخلاء هذه الخيام.
لكن هناك خيمة واحدة أقيمت في وادي عاره وطالبت 'إدارة أراضي (إسرائيل)' بإخلائها، هذه الخيمة أقيمت احتجاجا على الأزمة السكنية في وادي عارة واحتجاجا على إقامة مدينة يهودية للمتدينين فقط.
الخيمة أقيمت على أراضي من المقرر إقامة المدينة للمتدينين، تدعى حريش، الهدف منها تهويد وادي عارة وإسكان متدينين متطرفين في هذه المنطقة، حتى أن اليهود العلمانيين الذين يسكنون في المنطقة انضموا إلى العرب في نضالهم ضد إقامة المدينة للمتدينين (الحرديم).
'وفا' التقت أحمد ملحم من كفر قرع، رئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن الأرض والمسكن في وادي عارة، والذي يناضل من أجل منع إقامة مدينة للمتدينين على حساب المواطنين العرب في وادي عارة، وقال 'بعد ثورة الاحتجاج للمجتمع الإسرائيلي، خرج وزير الداخلية الإسرائيلي ايلي يشاي، وتباهى بأنه أقر إقامة أكثر من أربعة آلاف وحدة سكنية في بلدة حريش في وادي عارة، من اجل تحويلها إلى مدينة يسكن فيها فقط المتدينين اليهود (الحرديم).. هذه التصريحات الوزير أثارت حفيظتنا وقررنا إقامة الخيمة على أراضي المستوطنة لكي نسمع المجتمع الإسرائيلي أننا نعاني من أزمة في السكن، وأن حكومة (إسرائيل) تنوي بناء للمتدينين اليهود فقط'.
بلدة حريش أقيمت عام 1992 من قبل رئيس الحكومة آنذاك اريك شارون، ضمن مخطط ما أطلق عليه 'مشروع النجوم السبع' لحماية إسرائيل من الجهة الشرقية لـ'الخط الأخضر'. البلدة فيمت على أراضي البلدات العربية، باقة الغربية، وبرطعة، وعرعرة، التي صودرت وتسيطر عليها 'دائرة أراضي الدولة'. البلدة الجديدة آنذاك، أقيمت من اجل نقل الأزواج الشابة اليهودية إلى المنطقة وتحويل المنطقة إلى يهودية.
وأوضح ملحم: 'قبل أربع سنوات، وصلت إلينا معلومات بالصدفة عن قيام وزارة الداخلية الإسرائيلية بإعداد الخرائط لإقامة المدينة 'حريش' على مساحة 28 ألف دونم، هذا يعني السيطرة على جميع الأراضي بين البلدات العربية، باقة الغربية، وبرطعة، وأم القطف، وعارة، حتى مشارف مدينة أم الفحم'.
وأضاف أن هذه الأراضي هي الاحتياط لتطوير البلدات العربية التي تعاني من نقص في الأراضي للبناء. 'الخرائط أودعت في اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء في حيفا وقبل ثلاثة أيام فقط من إقرارها علمنا بالأمر وبدأ نضالنا المستمر حتى يومنا هذا'.
ملحم توجه إلى القضاء واستطاع إصدار أمر بمنع عقد اللجنة وإقرار الخارطة والسماح للمواطنين بتقديم الاعتراضات عليها. وقال 'بعد أن قمنا بفحص الخرائط تبين لنا أن التخطيط هو مشروع وطني صهيوني يقضي بتهويد وادي عارة وهو حلم صهيوني من الدرجة الأولى'.
في الخيمة يجلسون في ساعات الصباح والمساء عربا ويهودا من المنطقة ويرفعون شعارا واحدا وهو إيجاد حلول للسكن ومنع احتكار المدينة الجديدة حريش للمتدينين اليهود فقط.
المسؤولون عن الخيمة قرروا دعوة شخصيات يهودية وعربية، خاصة من قادة الاحتجاجات إلى وجبة إفطار رمضانية في الخيمة لكي يقف الجميع عن قرب حول أزمة السكن في المنطقة وتجاهل العرب في الدوائر الحكومية الإسرائيلية وعدم التطرق إلى مشاكلهم، خاصة بكل ما يتعلق بالأرض والمسكن.
'هذه الخيمة الوحيدة المشتركة لليهود والعرب في المنطقة، لأن الحكومة تنوي إدخال جسم غريب للمنطقة لأن المتدينين يفضلون السكن في القدس وبني براك، لكن وزير الداخلية يريد إسكانهم في منطقة وادي عارة لسلب ما تبقى من الأرض وتهويدها' قال ملحم.
النضال ضد إقامة المدينة الجديدة نجح إلى حد كبير حيث كان من المقرر أن تقام المدينة على مساحة 28 ألف دونم، لكن وبعد تقديم الاعتراضات تم الموافقة على مساحة 16 ألف دونم، لكننا رفضنا وواصلنا النضال إلى أن وصلت مساحة الأرض التي سيقوم عليها البناء هي 4 آلاف دونم فقط تابعة اليوم لكيبوتس في المنطقة.
وأكد ملحم 'لن نسمح أن تكون هذه المدينة مخصصة فقط لليهود المتدينين ويحق للمواطنين الفلسطينيين أن يسكنوا في هذه المدينة لأنها ستقام في قلب الوسط العربي، ولأننا أصحاب الأرض والوطن ويحق لنا السكن في كل مكان'
وأضاف أن بلطجية 'دائرة أراضي إسرائيل' وصلوا إلى الخيمة وطلبوا بإخلائها على الفور لكننا رفضنا بشدة وعاد هؤلاء البلطجية وهم يحملون أمرا إداريا بإخلاء الخيمة وهددوا باستعمال كل الوسائل لإخلائنا، لكننا سنبقى هنا وفي حال تم الإخلاء سنقوم بنصب الخيمة في مكان آخر. 'لن نرحل من هنا حتى نحقق مطالبنا العادلة'.
وقال 'نحن نصر على السكن في المدينة الجديدة رغم موقف وزير الداخلية'، وكشف النقاب عن أن عدد سكان وادي عارة اليوم 140 ألف مواطن عربي، وتعاني المنطقة من نقص في الوحدات السكنية تصل إلى 4 آلاف وحدة وستصل إلى أكثر من 20 ألف وحدة عام 2020 في حال عدم إيجاد الحلول السريعة.
وأضاف 'لا توجد اليوم قسائم للبناء في البلدات العربية في وادي عارة، ناهيك عن سياسة هدم البيوت ومئات البيوت العربية مهددة بالهدم بسبب عدم حصولهم على ترخيص بسبب عدم وجود خرائط هيكلية للبلدات العربية ورسوم التراخيص الباهظة'.
المصدر: وكالة وفا