جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
عند الأطراف الشمالية الشرقية لقطاع غزة، وعلى ارتفاع حوالي 50 مترًا عن سطح البحر الأبيض المتوسط، تستقر بلدة "بيت حانون"، وتطل مباشرة على السياج الحدودي الفاصل بين القطاع وأراضي 48. ووفقًا لكثير من المؤرخين فإن "بيت حانون" كانت "قرية"، أسسها ملك وثني يدعى "الملك حانون"، كي تكون مصيفًا له، وكان فيها "بيتٌ لعبادة الآلهة والأصنام"، حتى إذا تواترت الحروب بين "الملك حانون" وبين ملك يُلقّبُ بـ"اليافي"، نسبةً إلى مدينة يافا الفلسطينية، أهلكا بعضهما البعض، فصمّموا له تمثالًا ووضعوه في بيت العبادة السابق ذكره، ومن هنا جاء اسم القرية "بيت حانون".. وورد في تاريخ بئر السبع عام 720 قبل الميلاد: "مشى سرجون بجيوشه إلى جنوب فلسطين فأخضع الفلسطينيين وبني يهوذا.. ليدخل أهلها الإسلام منذ الفتح الإسلامي، وقد جرت فيها وقائع وحصلت نواحيها معارك دموية لأنها باب غزة الشمالي، وفي الأحد؛ الرابع عشر الأول من عام 637 هجرية وقعت حرب بين الفرنجة والمسلمين انكسر فيها الفرنجة، كما نقش على قطعة الرخام المُثبتة فوق مسجد القرية الذي بني خصيصًا لذكرى هذه الموقعة، وسمي مسجد النصر إحياء لذكرى هذه الواقعة". في الوقت الحالي، تحتل بلدة "بيت حانون" موقعًا متميزًا، باعتبارها الممر الشمالي الوحيد لقطاع غزة مع الداخل الفلسطيني، من خلال معبر يسميه الفلسطينيون معبر "بيت حانون"، بينما تطلق عليه دولة الاحتلال معبر "إيرز"، غير أن هذا الموقع المتميز لم يكن على الدوام "نعمة" بالنسبة إلى البلدة وسكانها، ولكنه في أحيان كثيرة كان "نقمة"، بسبب تعرض البلدة إلى عمليات توغل واعتداءات احتلالية مستمرة، أهلكت مساحات واسعة من أراضيها التي كانت بمثابة "السلة الغذائية" لقطاع غزة. آثار وتاريخ... يقدر رئيس بلدية "بيت حانون" الدكتور محمد الكفارنة مساحة البلدة بما يزيد عن 14 ألف دونم بقليل، ويبلغ عدد سكانها حوالي 40 ألف مواطن، يقطنون داخل حدود البلدة وفي مناطق العزبة والأبراج السكنية التابعة لها. وتمتلك بلدة "بيت حانون" من المقومات السياحية ما يجعلها مركز جذب سياحي، حيث تبرز أهمية موقعها الجغرافي في أنها بوابة الثغر الشمالي، بالإضافة إلى مناخها المعتدل وما تتمتع به من مناظر طبيعية جذابة.. كما أن المواقع الأثرية تشكل عاملًا مهمًا وشاهدًا حيًا على الحضارات المتعاقبة، ودليلًا مرئيًا على التطور في فن العمارة خلال الحقب التاريخية المتلاحقة التي مرت بالبلدة وعايشتها. ويوجد في البلدة مسجد النصر، الذي يرجع تاريخه إلى عام 637 هجرية، ودمرته قوات الاحتلال خلال اجتياحها للبلدة في شهر تشرين الثاني من العام 2006، فضلًا عن وجود "قبة أم النصر"، التي انتصر فيها المسلمون على الفرنجة. وقد سمي مسجد النصر بهذا الاسم قبل ثمانية قرون، تيمنًا وافتخارًا بالنصر الذي حققه المسلمون على الصليبيين وقتذاك، في معركة سميت بمعركة "أم النصر"، دارت رحاها بين غزة وعسقلان. ويتحدث الكفارنة بكثير من الغضب والألم عن البلدة، التي باتت "شبه جرداء"، بعدما كانت في يوم من الأيام "السلة الغذائية" لقطاع غزة، وذلك جراء تعرض مساحات واسعة من أراضيها الزراعية إلى الجرف والتدمير من جانب قوات الاحتلال. وتشتهر "بيت حانون" بزراعة الحمضيات والخضار، التي تمد البلدة والمناطق المجاورة لها بالمنتجات الطازجة التي تحتاج إليها، وتشكل "المساحة المخصصة" للزراعة نسبة 45 في المئة من إجمالي مساحة البلدة. وكانت "بيت حانون" تحتضن منطقة صناعية على مساحة 261 دونمًا، تضم مصانع وورشات لصناعة الخرسانة والبلاط والأقمشة والبلاستيك وغيرها، لكن هذه المنطقة باتت اليوم أثرًا بعد عين، إذ دمرتها قوات الاحتلال خلال انتفاضة الأقصى في العام 2000.
المصدر: صحيفة صوت الحق والحرية