نضال اهالي الكابري في فلسطين
كانت الكابري محاطة بالمستعمرات من جهات ثلاث : حانوتا معصوب و الجليل ( جوليا) من الجهة الشكالية الغربية نهاريا من الجهة الغربية و جدين من الجهة الشرقة. كانت اراضيها مطمعاً لشهوة الوكالة اليهودية اليت حاولت بواسطة بعض النافذين اغراء الفقراء من اصحاب الاراضي لبيع اراضيهم باسعار مغرية، و لكن المحاوات باءت بالفشل الذريع.
معركة الكابري
شهادةالحاج بدر الدين الجشي
ولج منزلنا مختار القرية المرحوم قاسم ديب الصفدي في ضحى يوم المعركة، القى التحية على والدي: الله يستر من هذا اليوم يا شيخنا لان قافلة الصهاينة ستمر الى جدين و شباب القرية يصرون على تدميرها. لكن قائد جيش الانقاذ (علوش) يرفض قتالها قائلاً:" لا اوامر لديه للمواجهة خارج حدود القرية. و احفادك يا شيخنا و ابناء عائلتك يصرون على التصدي مع ابناء القرية بامكانياتهم العسكرية الضعيفة، فما رايك"؟
اجابة الوالد رحمه الله:" إهدأ يا مختار و ارتشف القهوة. ان في طليعة الشباب رجلاً كباراً لهم خبرة عسكرية ، ثم اني فخور باحفادب و شباب القرية و لا تنس قوله تعالى:" و الشهداء عند ربهم لهم اجرهم و نورهم". و اني اخشى عليك من تهم تسيئ اليك اترك الامر لله سبحانه و تعالى هو الناصر و المنقذ".
اضطج المختار ارضاً و غاص في سبات عميق. و بعد لاي دوت الاصوات القنابل و توالى ازيز الرصاص، و دوت صيحات التكبير في ارجاء طرقات القرية.
اندفع الرجال و النساء و الولدان نحو المقبرة زرافات ووحدانا يتمنطقون بالاسلحة او يحملون العصي و السكاكين، كانت النساء يزغردن و على رؤوسهن جرار الفخار يروين ظمأ المجاهدين.
كانت الساعة المختار تشير الى الثانية من بعد الظهر . هرع الى ساحة القرية الرئيسة بجوار حائط بركة ينابيع عين العسل، كان يمنع الصبية من اللحاق بلمعركة،
و كان الحاج عبد القادر المتصوف يصيح الله اكبر الله اكبر! و يدفع بلجنود الاردنييت للحاق بالمجاهدين على المقبرة. كنت احد المندفعين من الصبية. عدت الى سطح منزلنا المشرف على الشارع العام شرقاً. بعد وقت قصير وصلت آلية الصهاينة و توقفت بجوارتين " قوطين الوعرية" . و يبدو انها كانت تنتظر بقية الاليات، ترجل منها اربعة عناصر بالبسة عسكرية. بدأ رشاش جيش الانقاذ من على سطح دار عاطف سرحان العالية يرشق افق الآلية الصهيونية بوابل من النيران المتلاحقة حتى هرعت نحو جدين. شوهد في اليوم التللي قطرات الدماء على الشارع العام بدءاً من محاذاة المقبرة حتى نقطة التحول الى قلعة جدين.
في تمام الساعة الرابعة من يوم المعركة انخفضت وتيرة جلجلة المعركة الا من رصاصات تنطلق حيناً تتبعها رشقات ثم هدوء فازيز رصاص متقطع فدخان متصاعد، واذ بخبر يعم القرية ان الشباب قضوا على الصهاينة و احرقوا آليات و شاحنة و مصفحة، تمكنت المصفحة الامامية من الفرار الى القلعة، و استطاعت المصفحة الخلفية العودة الى المفشوخ و لم يبق الا باص مصفح و ناقلة بترول. كان المجاهدون يتعاملون مع الباص بعيارات النارية لان الصهاينة، المتواجدين فيه رفضوا الاستسلام.
كان الباص و ناقلة البترول في وسط طلعة الريس. هب شباب قرى الجوار من الغابسية و الشيخ داوود و عمقا و كوويكات و النهر و ام الفرج تشارك في المعركة.
و في الساعة الثامنة ليلاً تقريباً بدأت تنهال على ارض المعركة قذائف مدفعية الجيش البريطاني عوناً للصهاينة. غادر المجاهدين من جميع القرى الى قراهم. و في ضحى اليوم التالي قدمت ثلة من البوليس بقيادة الضابط عبد المعطي من عكا تحرسها قوات بريطانية جمعت الجثث من ارض المعركة و قيل انها بلغت اربعة و ثمانين جثة بينهم جثة فتاة صهيونية في ربيع العمر.
اشيع في القرية ان شاباً من الشيخ داوود يدعى حسين ديب الخليل احرق شاحنة البترول و اصيب بعيار ناري في صدره ثم نقل الى عكا للمعالجة، كما اشيع شاباً اخر من كويكات يدعى ديب سنونو القى قنبلة على الباص في طلعة الريس و اصيب في يده. تناقلت الالسن كذلك عن شاب من بلدة ترشيحا يدعى محمد حمود الملقب بالدقي احرق الباص باوامر من قائد جيش الانقاذ في ترشيحا السيد خليل الكلاس.
المصدر: سفر قرية الكابري
الحاج بدر الدين الجشي