عين الزيتون
تقع إلى الشمال من صفد وتبعد عنها 1 كيلومتر ونصف، وقد أقيمت على سفح جبل شديد الانحدار على الجانب الشرقي لوادي "الدلب"، وهو الوادي الذي سماه الدمشقي وادي "الدليبة"، وقال عنه أنه يقع بين ميرون وصفد.
إن الأمطار المتساقطة على عين الزيتون وقديثا وطيطبا وميرون تلتقي في وادي الطواحين ثم يطلق على الوادي "وادي الليمون" و"وادي عكبرة" إلى أن يصل إلى وادي "عمود".
ترتفع القرية 700 متر عن سطح البحر، وكان يرتوي سكانها من نبع وبئر تقع في شمال القرية، قد امتازت بعذوبة مياهها.
تحيط بها من الشرق أراضي قرية بيريه، ومن الشمال أراضي عين البرانية وأراضي قديثا وميرون، ومن الجنوب أراضي صفد والظاهرية التحتا.
بلغ عدد سكانها سنة 1945 (820) نسمة وكانوا يتألفون من أربع حمائل كبرى وعائلات صغيرة أخرى منها:
آل الشعبي، آل حمد (الحمامدة)، آل الخطاب، آل سمارة.
كان عميد آل الشعبي كامل حميد الشعبي الذي اشغل وظيفة مختار في الثلاثينات، وقد عزل عن المخترة.
وكان زعيم آل الخطاب (إبراهيم عبد الرحمن خطاب أبو حسين) وكان مختاراً وله نفوذ كبير.
مازالت آثار بساتين عين الزيتون ظاهرة للعيان حتى يومنا هذا، عمل سكانها بالمحاجر وصناعة الكلس.
ذكرها "إدوارد روبنصن" في القرن الماضي وقال عنها:
"إلى يميننا في الوادي قرية عين الزيتون وكرومها الجميلة الخضراء وهي واقعة إلى الشمال من صفد وقد ظهرت لنا عن بعد عامرة، مع أن الزلزال قد ضربها بشدة".
لقد شاركت عين الزيتون في ثورة سنة 1936، وكان قائد فصيل عين الزيتون المجاهد "فؤاد حمد"، وفي 13/تموز / 1936 قتلت القوات البريطانية في وادي الطواحين الشهيد محمود شحادة من عين الزيتون بعد تعذيبه والتنكيل به، والشهيد أحمد خليل من قرية (بيريه).
نشط من أبناء القرية في الثورة. فؤاد حمد قائد فصيل عين الزيتون وقد حكم عليه بالإعدام ثم خفف الحكم إلى السجن المؤبد.
وأحمد سليم الشعبي الذي ألقي اقبض عليه بعد أن أصيب في إحدى المعارك فنقل إلى مستشفى صفد للمعالجة، مما دفع ثوار عين الزيتون لمهاجمة المستشفى وإخلاء سبيله.
كما شارك في الثورة أبو عاطف خطاب، وأحمد عبد الهادي، ومحمد الشيخ حمد.
وجاء في وثيقة موقعة باسم شقيقتكم علياء جاء ما يلي:
"إنه في صباح يوم السبت 20 من شهر تشرين أول سنة 1938، طوقت قوات الجيش القرية، ولا أستطيع أن أصور لكم ولا بشكل من الأشكال، الفظائع والتخريب والنهب والخشونة التي استعملها الجند مع السكان، لقد حرقوا أربعة بيوت بما فيها من الأثاث والمؤن، كما كانوا يجمعون الثياب والفرش والحصر ويقذفون بها في النار، وقد عذب رجال القرية طيلة نهار أمس، تحت الأمطار المتعبة وكانوا يجمعون سكان القرية عراة ويأمرونهم بالجري، والويل ثم الويل للذي يتأخر أو يلتفت حوله".
التوقيع شقيقتكم عليا
(عبد سليمان اللحام)
وجاء في وثيقة أخرى موقعة باسم المجاهد فؤاد أسعد حمد أمر فصيل عين الزيتون ومؤرخة بـ 10/2/1939، 21 / ذو الحجة 1357 ما يلي:
"بدأت بالمرابطة في محل الحرج الذي يبعد عن صفد (750) متراً حيث يتنزه اليهود والإنجليز هناك، أطلقت الرصاص عليهم فقتل منهم اثنان، وانسحبنا مسافة 200 متر وكمنا في الموقع، جاءت بعدها نجدة لهم، وبدأت بإطلاق النار واستمرت المعركة حوالي ثلاث ساعات ونصف وكان عددنا خمسة هم:
فؤاد أسعد حمد، أحمد سليم حسن ذيب، محمد عبد الهادي,. ومن قرية فارة حميد وخليل، وجرح حميد أثناء الاشتباك. ووقع محمد عبد الهادي على الحجارة على ركبتيه، وقتل من الأعداء أحد عشر وكان ذلك على مشهد من أهالي قرية عين الزيتون".
أما في سنة 1948 فكان المصاب ثقيلاً ودامياً أكثر.
وقد كتب جريدة نيويورك تايمز في عددها الصادر في 3/ كانون الثاني /1948 ما يلي: "قامت وحدة من فرقة البلماخ بدخول قرية عين الزيتون وقتلت أحد الفلاحين كما نسفت 4 بيوت على من فيها واستمر إطلاق النار طيلة اليوم".
يقول بيني مورس في كتابه ص 103 ما يلي:
"كانت القرية من أوائل القرى التي تعرضت للهجوم في عملية (يفتاح) بتاريخ 6/5/1948 وقد عمت قوات البلماخ في هجومها الأول إلى دحرجة براميل مملوءة بالمتفجرات والقنابل اليدوية من أعلى الجبل إلى القرية، ثم تقدم الجيش واحتل القرية، واستسلم السكان ورفعوا الأعلام البيضاء وجمعوا السكان وأخذوا منهم 70 أسيراً من بينهم 37 طفلاً وشاباً وقد قتل غالبيتهم وأيديهم مربوطة إلى الخلف يوم 3، 4 أيار في الوادي بين عين الزيتون وصفد من قبل اثنين من جنود البلماخ بناء على أوامر من قائد الكتيبة الثالثة (موشه كلمان)، أما الأطفال فلم يعرف مصيرهم حتى يومنا هذا. أما بقية السكان فقد تم طردهم بقوة السلاح".
في يومي 2، 3 أيار سنة 1948 حاول بعض شباب القرية العودة إلى بيوتهم لكن جنود البلماخ أطلقوا النار عليهم وقتل بعضهم وهرب الآخرون.
بعد احتلال القرية تم نسفها وبقي المسجد وقنطرة حجرية واحدة ويستعمل الطابق السفلي من المسجد كحظيرة للأبقار أما المقبرة فمازالت بارزة للعيان.
المصدر: كتاب من بلادنا المهجرة في فلسطين