إحتلال القرية وتطهيرها عرقيا:
كانت إجزم، إلى جانب عين غزال وجبع، جزءاً من منطقة مثلثة جنوبي حيفا، صمدت في وجه الهجوم الإسرائيلي حتى أواخر تموز/يوليو 1948. ويذكر ((تاريخ حرب الاستقلال)) أن تلك القرى ((الجريئة والعنيدة... لم تصمد فحسب، وإنما أيضاً واصلت منع حركة مواصلاتنا على الطريق الساحلي)). وتشير هذه الرواية إلى محاولتين أوليين (فاشلتين) لاحتلال القرية، جرتا في 18 حزيران/يونيو و8 تموز/يوليو 1948. كما وُضعت خطة لمحاولة ثالثة على أساس ((عملية بوليسية ضد سكان متمردين على الدولة، يرفضون الاعتراف بالسلطة الشرعية صاحبة السيادة)) وقد اعتُمِدَت هذه الصيغة لإخفاء حقيقة كون العملية خرقاً واضحاً لاتفاقية الهدنة الثانية في الحرب، ووُسمت بعملية ((شوتير)) (الشرطي). لكن ((تاريخ حرب الاستقلال)) يذكر أنها ((كانت من الناحية التنفيذية عملية عسكرية)) [T: 252-54].
يشير المؤرخ الإسرائيلي بِني موريس إلى أن الهجوم بدأ في 24 تموز/يوليو، وأدى بعد يومين إلى احتلال القرى الثلاث في إثر قصف مدفعي وجوي عنيف. وقد أطلع وسيط الأمم المتحدة، الكونت فولك برنادوت (Folke Bernadotte). مجلس الأمن لاحقاً على أن القوات الإسرائيلية هاجمت هذه القرى في 18 تموز يوليو، مع بداية الهدنة الثانية، وأن الهجوم الجوي والبري استغرق سبعة أيام كاملة. وذكرت وكالة إسوشيتد برس، في 26 تموز/يوليو، أن الهدنة الفلسطينية خُرقت نتيجة هجوم قامت به الطائرات الإسرائيلية ومشاة الجيش الإسرائيلي على ثلاث قرى عربية. وفي 30 تموز/يوليو، لاحظ مراسل ((نيويورك تايمز)) بطريقة غامضة أن الوضع ((هدأ، فيما يبدو، بفضل المساعي العاجلة التي بذلها مراقبو الأمم المتحدة)). بينما صرّح هؤلاء أن الوضع ((خطِر)). ويذكر بني موريس أن وحدات من ألوية غولاني وكرملي وألكسندروني احتلت القرى الثلاث، وأن معظم من بقي من السكان أُكره على الرحيل، أو ((نزح تلقائياً في اتجاه الشرق)). وروى سكان هذه القرى لاحقاً أنهم تعرضوا مراراً لنيران الجنود والطائرات، في أثناء فرارهم من قراهم. وقال برنادوت، في أيلول/سبتمبر، إن السكان ((حاولوا التفاوض مع الجيش اليهودي)). وقد نقلت صحيفة ((نيويورك تايمز)) عنه قوله إن 8000 شخص طُردوا من منازلهم في القرى الثلاث، وعُلم أنهم يبحثون عن ملاذ في منطقة جنين. كما صرح الأمين العام لجامعة الدول العربية يومها أن 4000 شخص حُوّلوا إلى لاجئين، وأن 10000 غيرهم أُسروا، بينما قتل الكثيرون في أثناء الهجوم. وجاء في تحقيق أولي للأمم المتحدة أنه عُثر على جثتين في القرى الثلاث مجتمعة. لكن في أيلول/ سبتمبر، قدر محققو الأمم المتحدة عدد القتلى والمفقودين بمئة وثلاثين شخصاً. وفي 13 أيلول/ سبتمبر، أصدر برنادوت أمراً إلى إسرائيل بإعادة اللاجئين إلى القرى الثلاث، وبترميم منازلهم المدمرة، أو إعادة بنائها، فرفض الإسرائيليون الإذعان لأمره[M: 213-14; NYT: 26/7/48, 31/748, 14/9/48].
القرية اليوم:
دُمرت القرية جزئياً، وتُرك المسجد عرضة للخراب. لكن عدة منازل ما زالت قيد الاستعمال. وقد حُوّل ديوان مسعود الماضي ؟ وهو بناء من طبقتين شُيّد ف القرن الثامن عشر- إلى متحف، وحُوّلت المدرسة إلى كني، والمقهى إلى مكتب للبريد. ويزرع الإسرائيليون السهل المجاور، بينما حُوّلت المناطق الجبلية إلى متنزهات.
المصدر : كتاب كي لا ننسى
للمؤرخ : وليد الخالدي