جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
د. معين جبر
الرحلة الأخيرة
رحلتْ في مثل هذا اليوم... عن عمر ٍ تجــــــاوز الخمس والستين عاما ً... كانت تعاني من مرض أقعدها زمن ... رحمها الله في مثواها الأخير... ما زلت ُ أذكر ذلك اليوم الذي انتظرتْ فيه (أم غازي) تصريح الزيارة لأحد المستشفيات الإسرائيلية الواقع في (كفار سابا)... قالت أن اسمها كفرسابا... هي قريتنا التي دمرها الاحتلال يا ولدي عام (48)... كنتُ صغيرا ً يومها... لم أنتبه لحرارة الكلمات التي خرجت منها وهي تخبرني عن قريتها المدمرة... قلت: سنذهب غدا لزيارتها... وفي الصباح... اتجهنا نحو قريتها كفرسابا... وما أن وصلنا مشارفها ... تسمرّّت عيناها في المكان ... فتحتْ باب السيارة... ونزلتْ... وأخذت تعدو كطفلة صغيرة ... هذا هو مقام النبي يامين!! ... وهذه المقبرة يا ولدي!! ... أنظر ، هي ما تبقى شاهدا ً على أن هذه الأرض ما زالتْ لنا!!... هنا كان بيتنا... (شوف)!!... و(نبشتْ) قليلا ما تجمع من تراب ... أنظر يا ولدي: هذا أساس البيت الذي بناهُ والدي... كان هنا بيتنا.... ثم ارتجلتْ إلى بقايا أشواك متجمعة... أزاحتها قليلا وأردفتْ: هذا هو البئر الذي سقط فيه عمّك أبو هاشم... وبلحظة ضعفي... انتبهتُ فجأة ... بأنها كانت تمشي على قدميها اللذين أقعداها عن الحركة لثلاث سنوات مضتْ.