الكاتب: كمال محمد عثمان (اليازوري)
القائد الميداني الشهيد القطناني (2012.11.23)
ولد الشهيد فادي موسي سمير القطناني عام 1984 في مخيم جباليا, وينتمي لعائلة مناضلة هاجرت من بلدة يازور الفلسطينية- بجوار يافا علي أثر اغتصاب فلسطين عام 1948- إلي مخيم جباليا, درس الشهيد في مدارس وكالة الغوث للاجئين و أنهي دراسته الثانوية بالمخيم ثم التحق بالجامعة الإسلامية وحصل علي البكالوريس في الشريعة الإسلامية. لقد نشأ الشهيد وترعرع منذ نعومة أظفاره علي حب فلسطين والجهاد في سبيل الله, وآمن بأن طريق المجد لا تعمّد إلا بالدماء و الأرواح, وأن طريق الحرية والنور لا يرسمها إلا المجاهدون الذين يخطون سطور الكرامة والعز والفخر لأبناء شعبهم, بعد أن تداس هامات العدو. التحق شهيدنا بصفوف حركة فتح "كتائب شهداء الأقصي" من 1998-2002م, ثم انتقل إلي صفوف حركة المقاومة الإسلامية "حماس-كتائب عز الدين القسام" عام 2003م وعمل كقائد ميداني. مارس الشهيد عدة أنشطة كتوزيع المساعدات علي الفقراء وكان ذلك بمبادرة طيبة منه نابعة عن شعور بالإحساس بالمسؤولية تجاه فقراء الشعب الفلسطيني, لم يميز بين أحد, فالكل سواء. شغل مسؤولية اللجنة الاجتماعية في منطقة غرب بيت لاهيا, حيث عمل كمسئول للجمعية الإسلامية ليقدم المساعدات وكفالات الأيتام, إضافة إلي مسؤولية اللجنة الدعوية.
نال الشهيد رضي الوالدين وحرص علي أداء الصلوات الخمس في المساجد وكان يصطحب معه إلي المسجد ابنه موسي ليتعلق قلبه بالمساجد, ولم يكن الشهيد يتطلع إلي تقلد مناصب حساسة لمعرفته أنها زائلة, حيث أنه رفض تقلد منصب مسئول فصيل كامل ورضي بنائب مسئول فصيل.
عمل كنقيب في الشرطة الفلسطينية " إدارة المكافحة" .و شارك في كل الاجتياحات السابقة في الأعوام 2004-2006-2008 حتي استشهاده في 2012. وكان في الصفوف المتقدمة من الرباط نحو تخوم عسقلان كما كان يقوم بتوزيع وتجهيز وتأمين المرابطين ويقوم بزرع العبوات الناسفة ولقد شهد له الجميع بالجرأة ورباطة الجأش والإرادة التي لا تلين. استشهد فادي يوم الأربعاء الموافق 21/11/2012 بصاروخ استهدفه في بلدة بيت لاهيا أثناء تأديته لواجبه الوطني دفاعا عن الحق مستبشرا بفجر جديد يهبه الله لمن يستحق من المجد والرفعة, حيث واجه العدو بروح مؤمنة مجاهدة في سبيل الله إدراكا منه أن المجاهدين المرابطين سيزفون بشائر الحرية لأبناء شعبهم من دنس المحتل الغاشم.
رحم الله شهيد فلسطين فادي وأسكنه واسع جناته. لم يكن الشهيد فادي الأول في العائلة فقد سبقه علي الدرب أخوه علي الذي استشهد في 4/1/2009 وتميز بدماثة الخلق والتواضع رغم صغر سنه وكان من مجموعة الشهيد أيمن جودة "كتائب شهداء الأقصي", وشارك في عدة دورات تدريبية وكان يوزع العتاد العسكري للشباب في الأماكن المتقدمة, واستشهد بينما كان يحاول إسعاف أحد أقرانه بعد إصابته برصاص الاحتلال, غير أن العدو بادره بطلق ناري في الرأس مباشرة وألحقه بقذيفة مدفعية وجهت مباشرة للإسعاف المكلف بنقل المصابين للمشفي. وفي 4/1/1991 قدمت عائلة الشهيد فادي عمه الشهيد محمد الذي كان من كوادر حركة فتح ومؤسس الشبيبة الطلابية في جامعة بيرزيت حيث درس سنة فيها ثم اعتقل ورُحل إلي غزة ومنع من العودة لجامعته, ومن ثم توجه الشهيد محمد لليمن لإكمال دراسته ثم عاد إلي القطاع ومنع من السفر مرة أخري.
قام الشهيد محمد بعملية جرئية أثناء قيادته لباص نقل ركاب حيث كان قد نقل قبل استشهاده أهالي الأسري الفلسطينيين لزيارة أبنائهم في السجون وحين عودته قال للأهالي لا تنتظروني ابحثوا عن وسيلة مواصلة غيري لأنني لن أعود إليكم, وفي أثناء عودته إلي غزة وقبل الوصول لمنطقة إيرز قام بمصادمة مجموعة من السيارات الصهيونية لمجندين أسفرت عن مقتل 5 من الصهاينة باعتراف العدو أحدهما برتبة جنرال ولم يكتف الشهيد محمد بذلك بل نزل من الباص حاملا قضيب حديد وأخذ بمهاجمة ما تبقي من الأحياء منهم إلي أن تمكنوا منه بإطلاق زخات من الرصاص علي جسده الطاهر. لقد سطرت عائلة القطناني أروع ملاحم البطولة والفداء فها هو الشهيد عماد وهو عم الشهيد فادي الذي كان مسؤولا في الانتفاضة الأولي 1987 عن القوات الضاربة للجان الشعبية " القيادة الموحدة".
اعتقل عماد وتنقل بين السجون إلي أن حط به الترحال إلي سجن النقب وحوكم 10 سنوات, غير أنه تمكن مع 4 من زملائه من الهرب من السجن إلي مصر فليبيا فتونس لينتهي به المطاف إلي الهند وهناك تقلد منصب مسؤول قوات ال17 في منطقة جنوب شرق آسيا كما حصل علي الماجستير في الإدارة, عاد عماد إلي الوطن بعد قدوم السلطة برتبة رائد في استخبارات ال17 الفلسطينية ثم تقلد منصب مدير عام بوزارة المالية إلي أن استشهد في 4/4/2007 بعد سنوات قضاها في النضال والبذل والعطاء لأبناء شعبه عن عمر 38 عام. وتستمر عائلة القطناني المناضلة بتقديم الشهداء فها هو الشهيد زياد موسي القطناني من مناضلي فتح يستشهد في السجون الأسدية في عام 1990 دفاعا عن الإرادة الفلسطينية التي أراد نظام حافظ الأسد سلبها. ولا ننسي أيضا الشهيد عثمان القطناني الصحفي الذي استشهد في نابلس مع البطلين الجمالين "جمال منصور وجمال سليم"...
هذا وما زالت العائلة صابرة ومرابطة إلي أن يتحقق النصر والعزة. هذه التضحيات تعتبر نموذجا مصغرا لعائلة جسدت الوحدة الوطنية بين أبنائها من أجل فلسطين لا من أجل حزب معين حيث أن الحزب وسيلة والهدف الأسمي هو فلسطين.