دير ياسين (مذبحة ـ 1948)
وقعت مذبحة دير ياسين ليلة 9 وصباح 10/4/1948. وقد لعب الدور الأول فيها أعضاء منظمتين صهيونيتين إرهابيتين هما الإرغون تسفاي لئومي (المنظمة القومية العسكرية) المعروفة أيضاً باسم «اتسل» وكان يترأسها ويدير عملياتها أثناء وقوع المذبحة ؟؟؟ بيغن؛ وشتيرن نسبة إلى مؤسسها أبراهام شتيرن، وتعرف باسم «ليحي». وقد لعبت الهاغاناه في المذبحة دوراً هاماً ؟؟؟ إخفاءه. ولما كان اسم هذه القرية العربية التي أبيد أهلها ؟؟؟ ولم ينجُ منها إلا أفراد قلائل قد أصب رمزاً للإجرام صهيوني المرتبط بدوره ارتباطاً عضوياً بالعقيدة الصهيونية. ولما ؟؟؟ لهذه المذبحة آثارها المباشرة والبعيدة في تطور معركة فلسطين بكاملها، وفي إخراج العرب منها بقوة السلاح والإرهاب فلا بد من ؟؟؟
أ. بالعقيدة الصهيونية وما قامت عليه من عنصرية جذرية ؟؟ وغذّت وبرّرت الأعمال الإجرامية التي ارتكبها صهيونيون، من قتل وذبح متعمدين للعرب.
ب. الاستراتيجية العسكرية الصهيونية التي خُطِط لها سنوات قبل التقسيم وترمي إلى احتلال الأراضي العربية ـ سواء أوقعت ضمن ما نص عليه قرار تقسيم أم لم تقع ـ وطرد أهلها وتشتيتهم واحتلال أوسع رقعة ممكنة من الأراضي العربية وإسكان المهاجرين الصهيونيين مكانهم. فجريمة الإبادة العنصرية التي كانت القدر المأسوي لسكان هذه القرية العربية حدث صهيوني مزدوج من حيث الإيديولوجية (العقيدة) التي قام عليها أو السبل الإجرامية التي سُلكت لوضع هذه الأيديولوجيا مكان التنفيذ.
إن المؤرخين الصهيونيين الذين كتبوا عن دير ياسين يرجعون المذبحة إلى القاعدتين العقائدية والاستراتيجية:
أ. العقيدة الصهيونية: إن الأسس العقائدية التي ارتكزت عليها مذبحة دير ياسين وغيرها من المذابح، وعمليات العنف والإرهاب الصهيونية، بنيت على اعتماد قانون «الحق المطلق» الذي يضع الصهيونيين في جهة أعلى من بقية البشر، وعلى الإيمان بالحقد الأعمى على العرب ونقض حقوقهم الطبيعية نقضاً كاملاً إلى درجة تصبح فيها جريمة إبادة الجنس العربي عملاً مطلوباً بحدّ ذاته (رَ: الإرهاب الصهيوني).
لقد مرت الآن عدة عقود على مذبحة دير ياسين ولا حاجة لشروح وإيضاحات لها. فما حلّ بدير ياسين وسكانها، وبالمدن والقرى العربية، حتى تلك التي أعطيت للعرب بموجب التقسيم، أصبح معروفاً. ولم تنتظر دير ياسين أربع حروب إسرائيلية ـ عربية ليتقرر مصيرها بل تقرر في 10/4/1948 ضمن إطار الخطة الاستراتيجية الصهيونية الإرهابية.
ب. الاستراتيجية الصهيونية: تقع مذبحة دير ياسين في إطار الخطة الإسرائيلية دال التي جاءت مكملة للخطط الثلاث «أ» و«ب» و«ج». فأين تأتي مدينة القدس وضواحيها في هذه الاستراتيجية العسكرية الصهيونية؟ لقد افترض قاعدة الهاغاناه وعلى رأسهم بن غوريون وييغال يادين وإسرائيل غاليلي أن هدف العرب سيكون عزل النقب والجليل الشرقي لدخول وادي سارونه وحفر في قلقيلية باتجاه ناتانيا وهرتسليا، ثم عزل المدن الكبرى الثلاث القدس وتل أبيب وحيفا ووقف الخدمات الرئيسية كالماء والكهرباء وتموين النفط في فلسطين بكاملها.
وانطلاقاً من هذه الفرضية تم في آذار 1945 وضع الخطة «د» لتحل محل الخطط السابقة الثلاث «أ» و«ب» و«ج». ووفقاً لهذه الخطة يقوم الجيش الصهيوني ـ بفِرَقِه التي تقدّم ذكرها ـ بالانتقال من الدفاع إلى الهجوم للسيطرة على المناطق المخصصة للدولة اليهودية وللدفاع عن حدودها والاستيلاء على جميع المراكز والقلاع العسكرية التي يخليها البريطانيون واحتلال أية قرية أو مدينة عربية يشكّل احتلالها ضرورة عسكرية لتنفيذ «عملية دال»، وللدفاع عن المستعمرات اليهودية وسكانها الذين يقعون خارج حدود الدولة اليهودية ضد عدو يقود فِرَقاً نظامية أو غير نظامية تعمل من قواعد خارج الدولة اليهودية. ويكشف بيغن بدوره في فصل عنوانه «غزوة يافا» من كتابه «الثورة» عما يلي:
«كان هدفنا أن نسيطر أكثر فأكثر على الأرض. ففي نهاية كانون الثاني (1948) في اجتماع لقادة الإرغون اشترك فيه قسم التخطيط حدّدنا أربعة أهداف استراتيجية لكي نقوم باحتلالها: (1) القدس (2) يافا (3) سهل اللد ـ الرملة (4) المثلث». والمقصود بالمثلث نابلس ـ طولكرم ـ جنين.
وبالعودة إلى مشروع التقسيم وخريطته يتضح أن منطقة القدس كان مقرراً أن تصبح منطقة دولية، وأن يافا ـ وهي مدينة عربية بكاملها ـ أتبعت للدولة العربية وإن كانت محاطة بمنطقة يهودية، وأن المثلث بكامله كان تابعاً للدولة العربية.
أما القسم المخصص لاحتلال القدس من عملية «دال» فقد سمّي «عملية ناخسون» وهدفها فتح طريق من تل أبيب إلى القدس ـ على جانبي الطريق المؤدية إلى بيت المقدس ـ عرضها ستة أميال في السهول، وبين ميلين وثلاثة أميال في الجبال. وهذا يقتضي احتلال جميع القرى العربية في هذا الممر ومنها القسطل ودير ياسين. وقد خصص لهذه العملية 1.500 مقاتل من البالماخ والهاغاناه. وأما احتلال دير ياسين فنيط أمره بإرهابيّي الإرغون وعصابة شتيرن بمساعدة الهاغاناه.
ولما كانت الترتيبات تتمّ من أجل تنفيذ عملية «ناخسون»، فقد تمكنت إحدى فرق الهاغاناه من تسلّق سفح أحد التلال وفاجأت العرب في القسطل، وتمكنت فرقة أخرى من تفجير مقر قيادة حسن سلامة فقضت على جميع من فيه باستثنائه. وأما في القدس فكان قائد الهاغاناه شالتيل في حالة يائسة من أجل الحصول على المزيد من الرجال، فاتصل بمردخاي رعنان قائد الإرغون في المنطقة، وكان قد اتصل من قبل بقائد عصابة شتيرن بهوشع زتلر. غير أن قائدي الإرغون وشتيرن كانا في جهة وقائد الهاغاناه في جهة أخرى. وقد اتفق الأولان على القيام بعملية من جهتهما وإنْ بالتنسيق مع عملية ناخسون. وهذه المعلومات التفصيلية عن مذبحة دير ياسين ضرورية لأنها تثبت تواطؤ جميع الفرق الإرهابية، وفيها الهاغاناه والبالماخ، رغم إنكار الأخيرتين مشاركتهما فيها.
قرر رعنان وزتلر أن أفضل ما تستطيع قواتهما المشتركة القيام به الاستيلاء على دير ياسين القرية العربية الصغيرة الواقعة إلى الغرب من القدس. ولكنهما توقعا أن يدفع هجوم مفاجئ على القرية وتحذير بمكبر للصوت وإطلاق لعيارات نارية، أن يدفع ذلك كله سكان القرية إلى الهرب.
بدأ تنفيذ عملية ناخسون يوم 6 نيسان بهجوم على طرفي ممر باب الواد فدار قتال قوي عنيف حول القسطل. وكان عبد القادر الحسيني في طريق عودته من دمشق ليقود المعركة. وتمكّن العرب من إخراج فرقة البالمـاخ الضاربة التي دخلت المنطقة (رَ: القسطل، معركة). وعادت الهاغاناه فاحتلّت القسطل، وقام العرب بهجوم معاكس فاستردّوها. وفي 7 نيسان وجه قائد الهاغاناه شالتيل رسالة إلى كل من رعنان وزتلر يقول فيها: «أعلمُ أنكما تخططان لهجوم على دير ياسين واحتلالها. وأودّ أن أشير إلى أن احتلال دير ياسين هو إحدى المراحل في خطتنا العامة. وليس لديّ اعتراض على القيام بهذه العملية شرط أن تكونوا قادرين على المحافظة على القرية. وإذا كنتم غير قادرين على ذلك فإنني أحذركم من تفجير القرية الذي قد يؤدي إلى هرب سكانها واحتلال منازلها من قبل قوى معادية. وإن وضعا كهذا سيزيد من مصاعبنا في كفاحنا العام، وإن غزوة ثانية لهذا المركز سوف ندفع ثمنها ضحايا كثيرة. وعلاوة على ذلك فإنه إذا احتلّت قوى أجنبية المكان فإن هذا يفسد خطتنا العامة من أجل إقامة مطار».
في 7/4/1948 قتل الشهيد عبد القادر الحسيني. وتهيأت قوة من العصابتين الإرهابيتين إرغون وشتيرن قوامها أكثر من ثلاثمائة مقاتل لاحتلال دير ياسين بعملية عسكرية متفرعة من عملية ناخسون اسمها عملية «أحدوت» وتعني الوحدة.
في الساعة الثانية من صباح 10 نيسان أعطي الأمر بالهجوم على دير ياسين. وتحركت وحدات الإرغون بالإضافة إلى عناصر من إرهابيّي الهاغاناه والبالماخ لاكتساح دير ياسين من الشرق إلى الجنوب. وتبعتهم جماعة شتيرن بسيارتين مصفحتين وضع عليهما مكبر للصوت. ويروي بيغن في حديثه عن المذبحة أن العرب دافعوا عن بيوتهم ونسائهم وأطفالهم بقوة فكان القتال يدور من منزل إلى منزل، وكلما احتل اليهود بيتاً فجّروه على من فيه بالمتفجرات القوية (ت. ن. ت) التي أحضروها لهذا الغرض. وبعد تقدم بطيء في الظلام، وقبيل ساعات الصباح الأولى بدأ احتلال القرية بكاملها وتدميرها على من فيها. ودخل إرهابيو عصابة شتيرن تتقدمهم سيارة مصفحة تحمل مكبراً للصوت وهدفهم أن يصلوا إلى قلب القرية. وكان المذياع يقول للعرب:
«إنكم مهاجَمون بقوى أكبر منكم. إن المخرج الغربي لدير ياسين الذي يؤدي إلى عين كارم مفتوح أمامكم فاهربوا منه سريعاً وأنقذوا أرواحكم».
لكن سكان القرية الذين صدقوا النداء وخرجوا من بيوتهم هاربين اصطيدوا برصاص الإرهابيين الصهيونيين. وأما الذين بقوا في بيوتهم ومعظمهم من النساء والأطفال والشيوخ فكان لا بد من الإجهاز عليهم. فأخذ اليهود يلقون القنابل داخل البيوت فيدمرونها على من فيها. وعندما بدا أنّ تقدّم الإِرهابيين الصهيونيين كان أبطأ مما توقعوا، واستغرق الوصول إلى قلب القرية نحو ساعتين، أرسل لابيدوت قائد مجموعة الإرغون المشتركة في الهجوم إلى رعنان الذي كان يتابع تطوّر المذبحة من حفصات شاؤول يطلب منه شحنة كبيرة من المتفجرات. وكانت الأوامر تقضي بتدمير كل بيت. وقد سار وراء فرق المتفجرات محاربو الإرغون وشتيرن يقتلون كل من يتحرك، أو من كان داخل أي بيت، أو كل من بدا أنه يشكل تهديداً. وأخيراً كل عربي ظلّ حياً في دير ياسين. واستمر تفجير المنازل الآمنة وإطلاق الرصاص حتى قبل ظهر 10/4/1948 بعد أن تمّ احتلال القرية بكاملها. ثم جاءت وحدة من الهاغاناه بقيادة ينشورين شيف فحفرت قبراً جماعياً دفنت فيه مائتين وخمسين جثة عربية أكثرهم من النساء والشيوخ والأطفال. وعلّق قائد وحدة الهاغاناه شيف على ذلك بما يلي: «كان ذلك النهار يوم ربيع جميل رائع وكانت أشجار اللوز قد اكتمل تفتح زهرها، ولكن كانت تأتي من كل ناحية من القرية رائحة الموت الكريهة ورائحة الدمار التي انتشرت في الشوارع ورائحة الجثث المتفسخة التي كنا ندفنها جماعياً في القبر».
أما عن هذا القبر الجماعي وعدد العرب الذين دفنوا فيه فإن جاك دي رينيه رئيس بعثة الصليب الأحمر الدولي في فلسطين عام 1948 قام بنفسه بزيارة دير ياسين وفحص القبر الجماعي وشاهد أكوام القتلى من العرب ووضع تقريراً عن ذلك بالفرنسية ونشرهاليدوية. وكان القسم الأكبر منهم لا يزال ملطخاً بالدماء وخناجرهم الكبيرة في أيديهم. وعرضت فتاة جميلة تطفح عيناها بالجريمة يديها وهما تقطران دماً، وكانت تحركهما وكأنهما ميدالية حرب.
كان هذا فريق «التنظيف» وكان واضحاً أنه ينفّذ مهامه بجد متناهٍ».
ثم يقول: «حاولت دخول أحد المنازل فأحاط بي أكثر من 12 جندياً مصوَّبين بنادقهم الرشاشة نحوي. ومنعني ضابط من التحرك قائلاً: إذا كان ثمة موتى فسيحضرونهم لي. أثار كلامه غضبي الشديد، فقلت لهؤلاء المجرمين رأيي فيهم وهددتهم ودفعتهم جانباً ودخلت المنزل. كانت الغرفة الأولى مظلمة وكل شيء مبعثراً ولم يكن هناك جثث. وفي الغرفة الثانية المليئة بالأثاث الممزق وكافة أنواع الشظايا رأيت بعض الجثث الباردة. هنا تمت التصفية بواسطة الرشاشات والقنابل اليدوية والسكاكين. وتكرر الأمر نفسه في الغرفة المجاورة. وعندما هممت بمغادرة المكان سمعت الأمر نفسه في الغرفة المجاورة. وعندما هممت بمغادرة المكان سمعت أصوات تنهدات. وبحثت عن مصدر الصوت مقلباً الجثث فتعثرت بقدم صغيرة حارة، وكانت فتاة في العاشرة من عمرها مزقت بقنبلة يدوية ولكنها لا تزال على قيد الحياة. وعندما هممت بحملها حاول أحد الضباط منعني من ذلك فدفعته جانباً كاملاً كنزي الثمين. ثم واصلت عملي وأصدرت أوامر بإخلاء البيوت من الجثث. ولم يكن هناك من الأحياء غير امرأتين إحداهما عجوز اختبأت خلف كومة من الحطب. وكان في القرية ما يزيد على 400 شخص. وقد هرب ما يقارب الأربعين. وأما الباقون فقد ذبحوا دون تمييز وبدم بارد. عدت إلى مقرّ الوكالة اليهودية في القدس وواجهت زعماءها الذين يتصنّعون عدم الرضا عن مثل هذا العمل ولكنهم لم يفعلوا شيئاً من أجل منع ارتكاب مثل هذه الجريمة التي لا توصف».
ثم يذكر رئيس بعثة الصليب الأحمر الدولي أنه قابل العرب فطلبوا منه أن يعودوا إلى دير ياسين لدفن جثث الأموات، ويتابع قائلاً: «قبلت المهمة وعدت إلى دير ياسين حيث واجهت قادة الإرغون وهم في حالة عصبية. وحاولوا منعي من دخول القرية ففهمت مغزى تصرفاتهم لدى مشاهدتي عدد الجثث المعروضة في صف واحد على حافة الطريق العام. وطلبت بحزم المباشرة بعملية الدفن. وبعد نقاش طويل بوشر بحفر قبر جماعي في بستان صغير. ويعد يومين انسحبت الإرغون واحتلت الهاغاناه مواقعها».
انتشر خبر مذبحة دير ياسين لا في فلسطين فحسب وإنما في العالم أيضاً، فحاول قادة الهاغاناه العسكريون، كما حاول بن غوريون نفسه والوكالة اليهودية التنصّل من هذه الجريمة النكراء، واعتذر بن غوريون للملك الأردني عبد الله. ولكن السفّاح بيغن كان له موقف آخر من هذه المذبحة. فقد فاخر بها في كتابه «الثورة» وفضح رياء الوكالة اليهودية. فبعد أن تحدث عن معركة القدس وعدم تمكن القوات الصهيونية من احتلال القدس القديمة التي كان العرب يدافعون عنها، قال: «قمنا، قبل أن تسقط القدس القديمة، بأعمال كثيرة جليلة. فقد استطاع رجالنا أن يخترقوا باب العمود وباب الخليل ويكبّدوا العدو العربي خسائر جسيمة، وهاجم رجالنا قرية شعفاط. وفي 9/10 نيسان قاموا أيضاً مع رجال شتيرن باحتلال دير ياسين. وأما تنصّل الهاغاناه وقائدها من عملية دير ياسين فقد جابهناه برسالته التي وجهها إلى قائدنا وقائد شتيرن في المعركة في 7 نيسان».
وأما عن اعتذار بن غوريون للملك عبد الله فيقول بيغن بعد أن فضح تواطؤ الوكالة اليهودية: «إنه كان من الأفضل لبن غوريون ألا يرتدي هذا الثوب من الرياء». ثم يقول: «لقد استغلت الهيئات الصهيونية الرسمية التي كانت خائفة من انتصارات الإرغون والدعم الشعبي اليهودي لها الرواية العربية عن مذبحة دير ياسين. وقد كان لهذه الحملة الصهيونية ـ العربية المشتركة نتائج كبيرة غير متوقعة فقد أصيب العرب بعد أخبار دير ياسين بهلع قوي لا حدود له فأخذوا بالفرار للنجاة بأرواحهم. وسرعان ما تحول هذا الهرب الجماعي إلى اندفاع هائج جنوني لا يمكن كبحه أو السيطرة عليه. فمن أصل 800.000 عربي كانوا يعيشون على أرض إسرائيل الحالية لم يتبقّ سوى 165.000 فقط. إن الأهمية الاقتصادية والسياسية لهذا التطور لا يمكن المبالغة فيها مهما قيل».
أما من الناحية العسكرية فقد جاءت النتائج لصالح (إسرائيل). يقول بيغن: «لقد حاولت دعاية العدو أن تلطخ أسماءنا ولكنها في النتيجة ساعدتنا. فلقد طغى الذعر على عرب أرض إسرائيل. فقرية قالونيا التي ردّت قبلاً كل هجوم قامت به الهاغاناه سقطت دون أي قتال. وكذلك أخلى العرب بيت إكسا. وكان هذان المركزان بطلان على الطريق الرئيس للقدس. ولكن سقوطهما، مع استيلاء الهاغاناه على القسطل، مكنّنا من إبقاء الطريق إلى القدس مفتوحاً. وأخذ العرب بالهرب بذعر من باقي أجزاء البلاد حتى قبل أن يصطدموا بالقوى اليهودية. فما وقع في دير ياسين وما أذيع عنها ساعدا على تعبيد الطريق لنا لكسب الظفر في معارك حاسمة في ساحة القتال. وقد ساعدتنا أسطورة دير ياسين بصورة خاصة على إنقاذ طبرية وعلى غزو حيفـا».
المصدر: الموسوعة الفلسطينية