الهجرة:
دفعت الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية المعقدة في القرن الماضي مع تحسين وسائل النقل العالمية، العديد من شباب بيت لحم للتوجه للهجرة إلى الأمريكيتين، ويقال بأن أول من بدأ هذه الهجرة ثلاثة أخوة من آل حنضل حيث غادروا مدينتهم بيت لحم في عام 1854، ليعرضوا منتجاتهم من صناعات الأراضي المقدسة الصدفية والزيتونية والمطرزات في معرض واشنطن الدولي أقيم في ذلك العام.
كنا قد أشرنا سابقاً إلى أن إحتلال السلطات الصهيونية لأجزاء واسعة من فلسطين عام 1948، كان سبباً في طرد وتهجير العديد من سكانها العرب الذين لجأوا إلى المواقع القريبة، ومنها مدينة بيت لحم التي أشرنا إلى أن ما يزيد عن 5 آلاف منهم قد إستقروا فيها في مخيمات ثلاث، أخذ البعض منهم مع تطور الأحداث وتفاعل السكان وحسب تطور الوضع المعيشي للفرد بالإنتقال إلى مدينة بيت لحم والإقامة فيها.
شهدت الأعوام التي تلت عام 1948 ظروفاً صعبة جداً، عاش فيها سكان الأردن والضفة الغربية، لعوامل متعددة، منها إستمرا تحكم الإستعمار البريطاني بإقتصاديات الأردن وفرض التبعية عليها، وإعاقة التطور الداخلي ومنها تواجد بعض الحكومات غير المعنية كثيراً بالتطور الداخلي، وتحقيق الإستقلال الإقتصادي، وتنمية المواد المحلية وإطلاق يد السكان ومنحهم الحريات الديمقراطية الشاملة كل هذا كان عاما مساعدا أيضاً في أن تكون الظروف الإقتصادية والإجتماعية في عقد الخمسينات من أصعب الظروف وأسوأها التي أضافت إلى مآسي التهجير من الأرض وفقدان الوطن مآسي جديدة، مما ساعد بالطبع على تشجيع الهجرة للبحث عن العمل، وقد توجهت بمعظمها في عقد الستينات وما تلاه إلى دول الخليج النفطية التي فتحت فيها آفاق عمل لليد العاملة العادية والفنية ولذوي الخبرات.
الهجرة بعد إحتلال 1967:
شهدت المناطق المحتلة بعد عام 1967 وكما يظهر ذلك بشكل واضح في الرسم البياني لتطور سكان الضفة الغربية وقطاع غزة (1931-1984)، إنخفاضاً حاداً إستمر عامي 1967و 1967، بحيث هجر قسرياً عن هذه المناطق ما يقارب 307 آلاف إنسان نتيجة الحرب التوسعية وإغلاق الحدود أمام عودة من كان قبل الحرب يعمل أو يدرس في الدول العربية المجاورة أو في دول العالم الأخرى، وقد رأينا أن بيت لحم كمدينة فقدت في هذا الحال ما يقارب ثلاثة آلاف من أبنائها إضطروا قسراً للبقاء خارج حدود وطنهم بسبب الإحتلال.
المصدر: كتاب قصة مدينة بيت لحم
الدكتور وليد مصطفى