في خيمة اعتصام مترامية حول 86 شقة سكنية مبنية منذ أمد بعيد في أراضي ومباني "بطن الهوى" (5 دونم و700 متر)، يتقاسم عدد من أصحاب المنازل المكان، يتبادلون أطراف الحديث، ولكل منهم قصته وفيها الأمل والصمود.
إلياس دويك أحد سكان الحي يعيش يومه هو وحوالي 17 فردا منهم أطفال ونساء من عائلته في عمارة مكونة من 4 طوابق، غير آبهين بمحاولات الجمعيات الاستيطانية المستمرة للاستيلاء على المبنى، بداعي أن ملكية الأرض كانت "قرية" تعود لـ"يهود يمينيين" استولى عليها الفلسطينيون قبل عام 1948.
"سلموني منذ 12 عاما 3 قرارات متتالية تقضي بالإخلاء، بالإضافة إلى عروض تعويض بناء خارج سلوان"، يقول الدويك لـ"وفا".
ويضيف "بالنسبة لي ولإخوتي الـ4 كنا نعتقل على يد الاحتلال منذ أن كنا أطفالا لا نتجاوز 12 عاما، وهذه الأساليب من اعتقالنا والاعتداء علينا وفرض الأمر الواقع وتهجيرنا لن تؤثر فينا، فما زلنا صامدين وسنظل، ونزرع المزروعات والورود ونحاول أن نعيش حياة طبيعية في الحي".
إلى الجوار حيث تعيش عائلة كايد الرجبي عضو لجنة الدفاع عن أراضي وعقارات أهالي "بطن الهوى"، يعيش واقرباءه في 3 شقق سكنية تضم نحو 27 فردا، تسلمت عائلته في العام 2015، أوامر من المحكمة بإخلاء الأرض، رغم أنه سكن الحي منذ عام 1967 بعد تهجير عائلته حي الشرف في باب المغاربة.
ويقول الرجبي، صحيح أن يهود اليمن كانوا يقطنون في حي بطن الهوى قبل عام 1948، لكنهم كانوا يعيشون إلى جانب المقدسيين ويعدون أنفسهم فلسطينيين، وهناك وثائق تثبت انهم فلسطينيون يتبعون الديانة اليهودية.
ويضيف، رغم أنهم عرضوا علينا البناء في بيت حنينا بالقدس، لكننا "لن نعيد النكبة مرة أخرى ولن نساوم على حفنة تراب في القدس، وسنظل متواجدين داخل الخيمة بصمودنا، حتى لو متنا".
ويعتبر بطن الهوى أصغر أحياء سلوان.
ويقول أمير مراغة (25 عاما) أحد سكان سلوان، إن 86 منزلا وأسرة مهددة بالترحيل في بطن الهوى سجلت، ارتقى من بينهم 4 شهداء سابقا، منهم شقيقان من عائلة شويكي، بالإضافة إلى العديد من الأسرى والجرحى والمبعدين عن "الأقصى" بقرارات كيدية.
ويضيف، "لا تخلو خيمة الاعتصام من إقامة أنشطة وفعاليات فنية وثقافية لحصد التأييد الإعلامي للحي، وتعزيز صمود سكانه، رغم ما تختلط مشاعر سكان الحي من حزن وألم على يجري في بقية أحياء سلوان".
وتتعدد حجج الاحتلال لتهجير أهالي حي بطن الهوى، وهي ذات الحجج التي يستخدمها في حي الشيخ جراح الذي يواجه أعتى مشاريع التهويد والتطهير العرقي، ومنها البناء دون ترخيص أو الملكية اليهودية للأرض والبيوت.
الباحث في شؤون القدس، والمهدد بيته بالهدم أيضا في حي البستان بسلوان فخري أبو ذياب يرى أن ضغط سلطات الاحتلال وأذرعها العسكرية والقضائية على سكان حي بطن الهوى ما هي إلا خطوة لتشتيت وحدة وجهود المقدسيين ووحدة الأهالي في هبتهم بالأقصى والشيخ جراح، ومحاولة للالتفاف على الانجازات والانتصارات المقدسية.
وفي ظل حالة الضغط على الأهالي من عمليات قمع ومداهمات يومية ومنع السكان من الاعتصام، يشير ذياب إلى أن صمود المقدسيين في الحي وثباتهم على الأرض، وتحملهم البقاء بالقرب من المسجد الاقصى وجيرانا له، هو ما يؤجل مشاريع الاحتلال.
وحسب نتائج دراسة ميدانية للمنظمة الحقوقية الإسرائيلية «بتسيلم»، فقد قسم حي «بطن الهوى» إلى 50 قسما، تسعة منها نقلت إلى «عطيرت كوهنيم» الجمعية الاستيطانية، وخمسة أخرى يسكنها المستوطنون بشكل فعلي، فيما قدمت الجمعية الاستيطانية دعاوى إخلاء ضد 81 أسرة، وذلك
وفقا لمعطيات منظمتي "السلام الآن" و"عير عَميم" الإسرائيليتين، فقد حصلت قفزة من (2009 إلى 2016) بنسبة 70٪ في عدد المستوطنين الذين يعيشون في الأحياء الفلسطينية في البلدة القديمة بالقدس. كذلك حصلت زيادة بنسبة 39٪ في عدد من مجمّعات البناء الاستيطانية الجديدة لليهود في الأحياء الفلسطينية شرقي القدس.
وقسمت بلدية الاحتلال الإسرائيلي بالقدس، بلدة سلوان إلى 12 حيا يسكنها 55 ألفا، 6 أحياء منها معرضة لخطر هدم منازلها أو الاستيلاء عليها وهي: وادي حلوة (6000 نسمة)، والبستان (1500 نسمة)، وبطن الهوى (726 نسمة)، ووادي الربابة (1000 نسمة)، ووادي ياصول (1000 نسمة)، وعين اللوزة (500 نسمة).
المصدر: وكالة وفا