جهاد ابو ريا
الأربعاء, 17/1/1923, الساعة 17:15 , وبينما تواجد توفيق بك الغصين في بيته الفخم في قرية وادي حنين القريبة من مدينة الرملة, أطلق احد أعضاء العصابات الصهيونية, ويدعى يرحميئيل لوكتشر, النار على توفيق بك السعيد, في حي المنشية في مدينة يافا, وأرداه شهيدا.
هل كان المقصود من عملية الإغتيال توفيق بك الغصين, ونجا منها نتيجة لخطأ في التعرف على هويته, فتم إعدام توفيق بك السعيد مكانه!!
في عيد العمال , 1/5/1921, أقامت أحزاب العمال الاشتراكية الصهيونية في تل ابيب مظاهرتين بذكرى هذه المناسبة, وبعد الانتهاء من التظاهر قام المشاركون, تحرسهم القوات البريطانية, بالهجوم على حي المنشية العربي في يافا, في محاولة للانتقام على قتلاهم في أحداث هبة النبي موسى في القدس, والتي امتدت من الرابع وحتى العاشر من نيسان من العام 1920.
تصدى الفلسطينيون في المنشية ويافا لهجوم المتظاهرين الصهاينة, وقاموا بالرد على الهجوم, وخاصة في مركز القادمين الجدد في يافا, "بيت هحلوتس" القريب من المستشفى الفرنسي وقتلوا عددا منهم.
في اليوم التالي أعاد الصهاينة الهجوم على يافا وعلى قرية اليهودية ( العباسية ) وقاموا بقتل الأهالي الأبرياء, فرد عليهم الفلسطينيون, وخاصة عشيرة أبو كشك, يقودهم الشيخ شاكر ابو كشك, بالهجوم على بيتح تكفا ( ملبس ), فتصدت لهم القوات البريطانية, وقتلت منهم نحو 60 فلسطينيا.
توسعت الانتفاضة, فيما باتت تعرف بانتفاضة يافا أو ثورة يافا, وقدا راح ضحية هذه الأحداث نحو 157 شهيدا و 700 جريح من الفلسطينيين, بينما سقط من الصهاينة والبريطانيين 57 قتيلا و 146 جريحا.
اتهم الصهاينة توفيق بك الغصين بدعم هذه الانتفاضة, والوقوف وراءها ووراء المقاومة ضد محاولة سيطرة الصهاينة على البلاد, والتحريض عليهم, وقدموا الشكاوى ضده إلى المندوب السامي، متهمين إياه بالوقوف وراء الهجوم على مستعمرة ريشون لتسيون ( ملبس ), وعلى بيت القادمين الجدد " بيت هحالوتس" في يافا، وكذلك اتهموه بالتحريض على مهاجمة المستعمرات نيس تسيونا ( وادي حنين ) ورحوفوت ( دران ) وريشون لتيسون ( عيون قارة ).
قدم الصهاينة للمندوب السامي اعترافات احد الجرحى الفلسطينيين الذين هاجموا بيتح تكفا ( ملبس )، يعترف من خلالها ان توفيق بك الغصين هو من أمدهم بالسلاح, كذلك قدموا تقريرا من اجتماع اقيم في مدينة الرملة بتاريخ 2/4/1920 ، شارك فيه قيادة الفلسطينيين من جميع انحاء البلاد، دعا بها توفيق بك الغصين إلى تنظيم المقاومة ضد الصهاينة وهزمهم.
توفيق بك الغصين هو أحد وجهاء مدينة الرملة ولد في الرملة سنة 1867، وكانت عائلته العريقة مسؤولة عن تنظيم موسم النبي صالح في المدينة . شغل الغصين عدة مناصب رفيعة، وكانت له علاقات قوية مع زعماء كبار في المنطقة.
بنى توفيق بك الغصين بيتا فخما على احدى التلال في قرية وادي حنين، وكان بيته مقرا للمقاومين، استضاف توفيق بك العديد من الاجتماعات في بيته دعما للمقاومة والجهاد ضد الصهاينة والبريطانيين، حتى وفاته عام ١٩٣٧، نذكر ان حين وفاته، كان ابنه يعقوب منفيا الى جزيرة سيشيل بعد اغتيال المفوض البريطاني لمنطقة الجليل، لويس اندروز، في مدينة الناصرة، يوم الاحد 26/9/1937ط ولم يستطع المشاركة في جنازة والده.
عمل الشهيد توفيق بك السعيد شرطيا في الشرطة البريطانية، شأنه شأن المئات من رجال الشرطة العرب الذين خدموا في الشرطة، لم يكن لتوفيق بك السعيد دورا يذكر ضد الاستيطان الصهيوني في فلسطين، ولم يشكل تهديد على عليهم.
شموئيل جيلر هو مهندس وباحث من تل ابيب، عمه يتسحاك كان من بين القتلى في بيت القادمين الجدد في يافا " بيت هحلوتس". قام شموئيل باجراء بحث عميق عن عملية اغتيال توفيق بك السعيد، وتوصل الى قناعة تامة ان السعيد لم يكن مقصودا من عملية الاغتيال، وانه لم يكن هناك سببا لاغتياله، وان المقصود من هذه العملية كان توفيق بك الغصين.
رحم الله التوفيقين: الغصين والسعيد