القرية قبل الإغتصاب
(إقتباس من كتاب كي لا ننسى للدكتور وليد الخالدي)
كانت القرية تنتشر على رقعة كثيرة التلال، في السفوح الغربية لجبال الخليل. وكانت طريق فرعية تصلها بالطريق العام الممتد بين بيت جبرين وطريق القدس-يافا العام. ويُعتقد أن اثنتين من الخرب المجاورة لها، جنابة الفوقا وجنابة التحتا كانتا موقع معركة أجنادين (سنة 634م) الشهيرة التي انتصر فيها المسلمون على البيزنطيين .
ويوحي طراز القرية المعماري القديم، ولا سيما مبنى الوقف، بأن عجور الحديثة أنشئت في الأعوام الأولى من حكم الفاطميين (909-1171) [أبو فداء 1985: 92]. وذكر المؤرخ المقدسين مجير الدين الحنبلي (توفي سنة 1522 تقريباً)، أنه مر بعجور بعد أن غادر غزة في طريقه إلى القدس [الخالدي 1968: 165].
في سنة 1596، كانت عجور قرية في ناحية غزة (لواء غزة)، وعدد سكانها 193 نسمة. وكانت تؤدي الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير والفاكهة، بالإضافة إلى عناصر أخرى من الإنتاج والمستغَلات كالماعز وخلايا النحل وكروم العنب.
في أواخر القرن التاسع عشر، كانت عجور قرية صغيرة فيها بعض أشجار الزيتون. وكان سكانها في معظمهم من المسلمين، ومنازلها متجمعة بعضها إلى بعض، وإن كان عدد منها ينتشر على امتداد جانبيها الغربي والجنوبي. وكان فيها مدرستان: مدرسة أبي حسن الخاصة التي كان يؤمها التلامذة منذ أيام العثمانيين، وكانت قائمة في مبنى الوقف المشار إليه أعلاه؛ ومدرسة ثانية فتحت أبوابها في سنة 1934. وكان أبناء القرى الأخرى في المنطقة يؤمون مدرستي عجور. كما كان في القرية مسجدان: مسجد قديم أنشئ أيام الفاطميين؛ وآخر أحدث منه بناء. وكان ثمة أربعة مقامات ضمن أراضي القرية، وأربعة أخرى في جوارها [أبو فداء 1985: 79-81، 92، 174]. وكان يقام في عجور سوق الجمعة على رقعة واسعة إلى الشرق من القرية، وكانت تجذب الناس والتجار من مختلف مدن فلسطين وقراها [أبو فداء 1985: 148].
كانت القرية تعتمد في اقتصادها على الزراعة البعلية، وكان القمح والزيتون أهم محاصيلها. في 1944/1945، كان ما مجموعه 24227 دونماً مخصصاً للبساتين. وكانت تربية المواشي، ولا سيما الماعز، النشاط الاقتصادي الثاني من حيث الأهمية بعد الزراعة. وكان امتلاك المواشي مصدراً للمكانة الاجتماعية الرفيعة وللاعتزاز، ويظهر ذلك من الأسماء المحبّبة التي كان القرويون يطلقونها على حيواناتهم؛ فمن ذلك أنهم ربما سمّوا البقرة السوداء الجسم، والبيضاء الوجه، "صبيحة" تشبيهاً لها بالصباح. وقد استلزم رغي المواشي تنقلاً موسمياً من بعض القرويين، الذين كانوا يأخذون قطعانهم بعيداً عن الحقول المزروعة خلال مواسم الشتاء، ويعيشون في منازل ثانوية تبعد بعض الشيء. وقد أظهرت الإحصاءات البريطانية للمنطقة هذا النمط من التنقل الرعوي المحدود؛ إذ أدرج الإحصاء الرسمي الذي أُجري في سنة 1931 خربة الصورة، والإحصاء الرسمي الذي أجري في سنة 1945 خربة عمورية، في جملة الأراضي الواسعة التابعة لقرية عجّور؛ وكان القرويون، في أرجح الظن، يقيمون في هاتين الخربتين خلال جزء من السنة فحسب. زد على ذلك أن بعض السكان كان يشتغل بمهن أخرى اشتملت على النجارة والدباغة وصناعة الأحذية [أبو فداء 1985: 143-144، 148-153].
وكانت عجور تقع في منطقة غنية بالمواقع الأثرية. فقد كان ثمة إلى جانب القرية نفسها اثنان وعشرون موقعاً أثرياًن على الأقل، وكلها يقع ضمن أراضي القرية.
إحتلال القرية وتطهيرها عرقيا
(إقتباس من كتاب كي لا ننسى للدكتور وليد الخالدي)
قام لواء غفعاتي التابع للجيش الإسرائيلي، تنسيقاً مع عملية يوآف التي شنت في تشرين الأول/أكتوبر 1948 لاحتلال القطاع الساحلي الجنوبي، بسلسلة عمليات متوغلاً شمالاً لاحتلال بعض القرى في قضاء الخليل. وكانت عجّور واحدة من القرى التي احتلتها الكتيبة الرابعة من ذلك اللواء، في 23 تشرين الأول/أكتوبر، بحسب ما يذكر "تاريخ حرب الاستقلال". ويشير التقرير إلى أنه باحتلال هذه القرية تم توحيد العمليات على الجبهتين الجنوبية والوسطى. ويذكر المؤرخ الإسرائيلي بِني موريس أن السكان نزحوا في معظمهم قبل الاحتلال، وأن من تخلّف منهم طُرد. ويشير موريس أيضاً إلى أن هجوماً عسكرياً آخر كان شُن على عجور في 23-24 تموز/يوليو 1948، وكان السبب الأول لنزوح السكان.
القرية اليوم
لم يبق إلا ثلاثة منازل: إثنان منها مهجوران، والثالث حُوّل إلى مستودع. أحد المنزلين المهجورين بناء حجري مؤلف من طبقتين، وله واجهة أمامية واسعة مثلثة القناطر. وينمو في أرض الموقع نبات الصبار وشجر الكينا والخروب، وتتخللها الأنقاض وحطام الحيطان الحجرية المبتورة. والموقع نفسه مسيّج، ويستخدم مرعى للمواشي. أما الأراضي المجاورة، فقد استولت عليها مستعمرة عغور.
عن (فلسطين في الذاكرة)