المحتوى |
أسامة العيسة من القدس: في عام 1914 هاجر ميخائيل سليمان اليتيم من بلدة بيت ساحور الفلسطينية المجاورة لمدينتي بيت لحم والقدس، بلدته مهاجرا إلى تشيلي، كما فعل وسيفعل الالاف من مواطنيه إلى بلاد المهجر، والذي وصل عددهم الان في تشيلي لوحدها 350 ألف وهم يشكلون أضعاف من بقي في الوطن.
|
ميغيل ليتين سعيدفي بيت عائلته في بيت ساحور
|
وكما يحدث دائما فان المهاجر الجديد إلى تشيلي، بسبب الفقر والاستبداد في نهاية الحكم العثماني، كان كثير الحنين إلى بلدته ووطنه والحديث عن نشاته في فلسطين بقيت سمة ملازمة له طوال حياته.
ولم يتحقق له حلم العودة إلى وطنه، فتوفي ودفن هنالك في تشيلي التي كانت له (بلد المهجر) ولكنها كانت لأبنائه وأحفاده وطنهم الذي لا يعرفون وطنا غيره.
ومن بين هؤلاء الأحفاد ميغيل ليتين المخرج التشيلي العالمي، الذي تعرف عليه محبو الفن السابع من خلال أعماله ومشاركته في مهرجانات السينما وعرف على نطاق واسع عندما وضع عنه الكاتب العالمي حائز نوبل غبريال ماركيز كتابا عنه، يتحدث فيه عن تجربة ليتين مع حكم بينوشت العسكري في تشيلي، ونجاته من الموت بأعجوبة في المجازر التي ارتكبها نظام بينوشت بعد الانقلاب على حكم الرئيس الليندي.
وترجم كتاب ماركيز إلى لغات العالم المختلفة وصدر باللغة العربية بترجمة صالح علماني.
وبعد زوال حكم بينوشت العسكري، وعودة المنفيين إلى وطنهم ومن ضمنهم ليتين نفسه، بدا الأخير يسال عن جذوره ويخرج من الذاكرة بقايا حكايات جده ميخائيل اليتيم وجدته الفلسطينية العربية هي الأخرى، التي كانت تجلس مع العربيات الأخريات يتحلقن للحديث ليس لهن غير الحنين إلى الوطن وحكايته إلى لا تنتهي.
وسنحت فرصة للتين عندما دعي في أواسط تسعينيات القرن الماضي (العشرين) ليترأس لجنة التحكيم في إحدى دورات مهرجان دمشق الدولي، فلبى الدعوة فورا يحمل على كتفيه حكايات الجد والجدة وأيضا صورا قديمة لهما ولأقربائهما في الوطن.
وفوجئ ليتين عندما كان عددا من أبناء بلدته بيت ساحور في دمشق ينتظرونه، فلم يكن يتوقع أن يجد آخرين مهتمين بأصله العربي الفلسطيني، والذي عرف بعد كتاب ماركيز (هو الآخر تربطه صلة نسب بالعرب عن طريق زوجته مصرية الأصل: مرسيدس..!)
وتولى الترجمة بين ميغيل ليتين وهؤلاء المترجم الكفء صالح علماني، وعندما رأوا الصور التي تحمل شرحا بالعربية تم بسهولة معرفة العائلة التي ينتمي إليها ميغيل: هي عائلة اليتيم إحدى عائلات مدينة بيت ساحور.
وتحدث ميغيل مع الذين التقاهم عن من بقي من العائلة في بيت ساحور وسال كثيرا عن بلدة جده، , ولم يكن أحد يقدر مدى حماس ميغيل لأرض الأجداد، فبعد انتهاء مهرجان دمشق الدولي، قصد فلسطين وتحديدا مدينة بيت ساحور، , وحل ضيفا على ابن عمه الياس اليتيم، وطلب من مضيفيه أن ينادونه باسمه الجديد (ميخائيل اليتيم)..!
ورغم قصر زيارته فانه حرص على زيارة منزل الجد وما تبقى من منازل العائلة وأماكن أخرى، وغادر بيت ساحور ولم يكن أحد من العائلة يعرف متى سيلتم (الشمل) مرة أخرى.
ولكن ميغيل ليتين عاد مرة أخرى إلى بيت ساحور ومعه هذه المرة ابنه الذي يحمل نفس الاسم (ميغيل ليتين) وهو شاب يعمل في إخراج الأفلام التسجيلية، وطوال السنوات الخمس الماضية تكررت زيارات ميغيل ليتين إلى بيت ساحور وبيت لحم والقدس، وعندما كان يواجه بالسؤال التقليدي حول إذا كان ينوي عمل فيلم عن القضية الفلسطينية، لم يكن يجيب إجابات مباشرة ولكنه تحدث على انه يعمل على إعداد فيلم.
وفي الصيف الماضي وصل ميغيل ليتين مع طاقمه إلى الأماكن التي اصبح يعرفها جيدا ليصور فيلمه (القمر الأخير) مقتفيا آثار جده الذي يحمل اسمه.
وبميزانية قدرت بنحو مليون ونصف مليون دولار أنجز ليتين فيلمه الذي أنتجته كما قال إحدى اكبر شركات الإنتاج في أمريكا اللاتينية، وبمساهمة حكومة تشيلي، وسيتم عرضه في مختلف دول العالم وسيترجم للعربية.
وقال ليتين انه عاد إلى فلسطين ليصور فيلمه الذي يحمل رقم& 21بين أفلامه ليس كسائح ولكن كفنان يصور حياة الشعب الفلسطيني خلال النصف الأول من القرن العشرين.
واعتبر ليتين فيلمه (القمر الأخير) فيلمه (الفلسطيني الأول) مؤكدا انه لو لم يكن مقتنعا بعدالة القضية الفلسطينية لما صنع هذا الفيلم.
وحول موضوع الفيلم الذي شارك فيه العشرات من الفنيين والممثلين والكومبارس الفلسطينيين اكتفى بالقول بأنه يجمع بين الوثائقية والخيال والروائية، ويحمل رسالة إلى العالم بان الحياة في فلسطين ليست فقط عنف وحرب ولكن أيضا تحفل بالأمل والإبداع.
وقال ميغيل (اشعر بان هذا الفيلم هو جزء من تاريخ أجدادي الذي لم يستطيعوا العودة إلى هنا، فصنعت الفيلم لهم ولذكرى جدي ميخائيل اليتيم).
واسم الفيلم مأخوذ من أغنية قديمة لطفل فلسطيني يخاطب جده قائلا ( لا تدع التنين يأكل قمرنا)، يقول ليتين أنها تروي حكايات مهاجرين فلسطينيين.&
ولنا عودة مرة اخرى مع ميغيل ليتين.&&&
|
Preview Target CNT Web Content Id |
|