ضعف الثقافة الوطنية يقلق الفلسطينيين
يبدي مثقفون وباحثون فلسطينيون قلقا كبيرا بسبب ما يعتبره البعض ضعفا في الوعي والثقافة الوطنية الفلسطينية بمكوناتها المختلفة، إضافة إلى ضعف المعلومات العامة لدى الأجيال الناشئة بشأن وطنهم تاريخا وحضارة.
واعتبر عدد من المختصين ضعف الثقافة الوطنية نتيجة لضعف مناهج التدريس. وأوصوا في أحاديث منفصلة بحلول عدة يعتقدون أنها قد تساعد في تنمية الوعي والثقافة الوطنية تتعلق معظمها بوزارة التربية والتعليم.
النجاح في الامتحان
يقول رئيس دائرة التاريخ والآثار في جامعة بيرزيت نظمي الجعبة إن الاحتلال فرض على الفلسطينيين هوية محددة وهي "الفلسطينية"، وبالتالي فصل الفلسطينيين عن هويتهم الأوسع كشاميين وعرب وغير ذلك.
وأضاف أن للهوية مكونات كثيرة، بينها التراث الثقافي الذي لا يزال الوعي بأهميته في تشكيل الهوية متدنيا جدا، والمواقع الأثرية والبلدات التاريخية والتراث المنقول والتراث المحكي، مشيرا إلى "فترة طويلة من الانقطاع بين الناس وهذا التراث".
واعتبر نظمي الجعبة إعادة إحياء التراث جزءا هاما من الهوية، مشيرا إلى عدم تغطية مناهج المدارس الفلسطينية لهذه المسألة رغم مساهمة بعض المشاريع في توعية الطلاب بالمكونات المختلفة للهوية الفلسطينية.
وذكر أن المبنى التربوي للتعليم في فلسطين لا يزال موجها نحو النجاح في الشهادة والامتحان وليس نحو توسيع المدارك والتثقيف.
وطالب نظمي الجعبة بإعادة النظر في منهجية التربية والتعليم، "فالمفروض تدريس منهجيات وطرق للتفكير ولتحفيز الوصول للمعلومات وليس الوصول للمعلومات بحد ذاتها وحشوها في أذهان الطلبة".
وعن تأثير الضعف على تمسك الفلسطينيين بحقوقهم في الصراع مع الاحتلال، أوضح أن "الوعي مسألة جمعية وليست فردية"، مشيرا إلى أن عدم وصول الوعي لمرحلة تكون مكافئة لحجم الصراع وأهميته يجعل أداءها كمجموع في هذا الصراع متدن جدا".
من جانبها تشير عبير حامد المشرفة على مشروع "ضعف الثقافة الوطنية وتأثيره على استحقاق الدولة" المتضمن في مشروع "المواطنة" الذي تقوم به وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع مركز إبداع المعلم منذ سنوات إلى "نتائج غير مرضية".
وأوضحت مشرفة المشروع الذي أنجز العام الماضي أنه تم توزيع استبيانات تشخيصية مكونة من عشرة أسئلة تتعلق بالنكبة والنكسة وقرارات واتفاقات وتواريخ ومناسبات تخص فلسطين، مضيفة أنها تعاملت مع الاستبيان كامتحان، ووزعتها في مناطق مختلفة وعلى شرائح متعددة في رام الله، فكانت النتيجة أن قرابة نصف المشاركين لم يعرفوا الإجابة رغم وجود خيارات.
وقالت إن 49% ممن أجابوا على الأسئلة العشرة في شارع مدينة رام الله لم يجيبوا إجابة صحيحة، وقرابة 40% في عدد من المدارس أجابوا إجابة خاطئة، مرجحة أن مواجهة المشكلة تبدأ من المدارس.
وقالت إن المشروع أوصى بعلاج هذا الخلل من خلال "تغيير منهاج التربية الوطنية" و"زيادة عدد حصص التربية الوطنية واستبدالها بحصص ثقافة وطنية جذابة" و"إنشاء محطة إذاعية لطلاب المدارس".
مشروع المواطنة
من جهتها تؤكد وزارة التربية والتعليم الفلسطينية استمرار مساعيها وتعدد برامجها ضمن رؤيتها لتقديم تعليم نوعي بما يحقق مفاهيم المواطنة لدى طلبة المدارس.
وأوضح وكيل الوزارة ثروت زيد أن المشروع برنامجٌ كبير، يتم من خلال توظيف ما يتعلمه الطلبة في المباحث المختلفة في المدارس لتنعكس على شكل تطبيقات حياتية.
وأضاف أنه يتم من خلال مشروع "المواطنة" الذي بدأ عام 2003 تحديد مشاريع وقضايا تلامس حياة الطلبة وما تعانيه البلاد من مشكلات ثقافية واقتصادية وصحية وبيئية وغيرها، مشيرا إلى نتائج إيجابية لمختلف المشاريع، لكنه انتقد تدني مستوى التعاون من وسائل الإعلام.
المصدر: الجزيرة نت