الاحتلال يريد أن يهدم حقًّا شواهده "صفائح (زينكو)"
53 فردًا من "عائلة الكعابنة"مهددون بـ"الترحيل القسري"
"صفائح (الزينكو)" التي تشكل _مجازًا_ "بيتًا" يؤوي علي كعابنة (62 عامًا) وزوجته، متوسطة سجنًا كبيرًا أسواره هي "جدار الفصل العنصري"؛ قد تصبح في أي لحظة "كومة حديد مهترئ" في حال هدمتها سلطات الاحتلال.
كعابنة هو واحدٌ من 53 فردًا يشكلون ثماني عائلاتٍ من عشيرة العكابنة، التي يقطن جزءٌ منها في تجمع يقع في الجانب المقدسي من جدار الفصل العنصري، قرب بلدة "بير نبالا" المعزولة عن مدينة القدس منذ عام 2003م بسبب الجدار.
ذنبهم الوحيد أنهم يحملون الهويات الفلسطينية، لذلك حدود حياتهم تحصرهم في نطاق (2) كيلو متر مربع فحسب، وتمنعهم سلطات الاحتلال من الحركة، سواء داخل مدينة القدس أم في الضفة الغربية المحتلة.
وأصدرت قوات الاحتلال يوم الثلاثاء 11-6-2013م أوامر بترحيل عائلات الكعابنة المقيمة على أراضي بلدة بيت حنينا، بمحاذاة بلدة "بير نبالا"، ما دعا القاطنين في المنطقة إلى تنفيذ اعتصام مفتوح؛ تحسبًا لتنفيذ أوامر الترحيل.
يروي علي كعابنة لـ"فلسطين" تفاصيل الوجع الذي تعيشه العائلات منذ عام 1995م، فيقول "عمل الاحتلال على نقلنا من منطقة إلى أخرى، بادعاء أنه ليس لنا حق في هذه الأرض، وأن المنطقة التي سننتقل إليها تقع ضمن حدود الضفة الغربية؛ نظرًا إلى أننا نمتلك الهويات الفلسطينية، علمًا أن أجدادنا من البدو عاشوا فيها منذ مئات السنين، متنقلين من منطقة إلى أخرى".
ويضيف: "وكلنا محاميًا إسرائيليًّا، وتمكن بعد رفع قضية إلى محكمة العدل العليا من الفوز بها، مُنحنا من خلالها في عام 2007م تصاريح للتحرك في الضفة الغربية والقدس مدة ستة أشهر، لم تجدد بعد ذلك".
ورغم ذلك عاد الاحتلال إلى مضايقاته، ولم يتمكن الأهالي من توفير تكاليف الأتعاب الإضافية التي طلبها المحامي، فتوقف عن متابعة القضية، بحسب ما يذكر كعابنة.
"رامينا بالسلة"
ويتابع: "توجهنا إلى "محافظة القدس"، ووكلت لنا محاميًا فلسطينيًّا، إلا أنه تقاعس عن متابعة قضيتنا".
"كان رامينا بسلة مهملات" يقصد كعابنة المحامي الذي يتهمه بـ"عدم الالتفات إلى قضيتهم رغم تكفل المحافظة بالأعباء"، مشيرًا إلى أنه لم يلبث أن "رفع يده من القضية".
وكّلَ الأهالي محاميًا آخر بعدما تكفل محافظ القدس بأتعاب المحاماة، إلا أنه _بحسب ما يبين كعابنة_ "زاد الطين بلة، ولم يفد بشيء"، حتى وصل المطاف بهم إلى أن تنذرهم سلطات الاحتلال بشكل شفوي بـ"هدم المنازل، وترحيلهم من هذه المنطقة في أية لحظة".
"أوامر الترحيل القسري التي يواجهونها" قد تصبح حقيقةً، لذلك قرروا الاعتصام وناشدوا المحافظة التي زارت ممثلةً بمحافظها عدنان الحسيني التجمع إلى جانب متضامنين، ووعدت ببذل "ما تستطيع".
وفي حين يحمّل كعابنة تقصير المحامين جانبًا من المسؤولية، ويثني على جهد محافظة القدس التي يعتقد أنها ساندتهم "ماديًّا ومعنويًّا"، إن أنياب الاحتلال قد تطبق في أي لحظةٍ على صفائح (الزينكو) التي يسكنونها ليصبحوا مشردين.
وعندما سرد كعابنة تفاصيل حياتهم في تلك البقعة المعزولة قال: "إن صفائح (الزينكو) التي لا تحمينا من حر الصيف ولا من برد الشتاء لا نتمكن من إصلاحها أو تغييرها؛ نظرًا إلى ضيق ذات اليد، فضلًا عن منع سلطات الاحتلال إيانا من التحرك من منطقة السكن".
أما مقومات الحياة الأساسية فـ"لا بنية تحتية ولا مياه صالحة للشرب"، و"هناك ما يزيد على 20 شخصًا قادرين على العمل إلا واحدًا منهم يعمل في أعمال الحراسة، التي لا تمكنه من توفير قوت يومه حتى يساعد غيره من العائلات" والكلام لكعابنة.
"الغنمات"
"الغنمات" قالها في لهجة بدوية أصيلة، مجيبًا عن سؤالنا عن مصدر توفير قوتهم اليومي، فهم يمتلكون (500) رأس غنم يعتمدون عليها في توفير قوت 53 فردًا.
قومٌ الجدار من أمامهم ومن خلفهم وعن شمالهم، أما يمينهم فهو مفتوحٌ للأفق، ويمنحون حق النظر إليه فقط لا أكثر، حتى إنهم أقاموا المستوطنة الصناعية (عطاروت) بجوارهم، ومن يقترب منها فمصيره "الأسر والضرب والإهانة".
ومع ذلك إنهم يصنعون لأبنائهم مستقبلهم، فيرسلون أبناءهم للدراسة في مدارس خاصة، بعد أن رفضت المدارس الحكومية استقبالهم، عبر طرق التفافيةٍ تضعهم في دائرة الخطر.
ما يزيد على عشرة من الطلبة نجحوا وتفوقوا في دراستهم الابتدائية رغم كل هذه الظروف، ومازال ثلاثة من الطلاب كحاتم حسين كعابنة ينتظرون موعد الامتحانات النهائية للثانوية العامة ليجتازوها للمرحلة الجامعية.
إلى جانب هذا الصمود إن مطالبهم التي هي حقوقٌ في الأصل لا تعدو إصرارهم على البقاء في أرضهم، وعدم ذهابهم إلى أي مكان آخر.
ويطالب الأهالي أيضًا بتوفير صهريجٍ من المياه الصالحة للشرب، والأعلاف للأغنام، والمساهمة في إبقاء مصدر الدخل الوحيد لهم على قيد الحياة.
المصدر: فلسطين أون لاين