جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
بما أن وسائل الاتصال لم تكن ميسرة بين القرى لندرة السيارات وعدم وجود الهاتف، فقد جاء نبأ المعركة مع خالد الجشي أحد أبناء الكابري وكان ممتطياً حصاناً، وذلك في شهر كانون أول 1947 وقت العصر. وتنادى رجال القرية للنجدة. وتجمعوا في ساحة البيادر قرب الجامع، وكان غانم عطعوط يملك سيارة نقل (بيك أب)، فأحضرها على جناح السرعة، واستقلها المسلحون وتوجهوا إلى أرض المعركة، والذين لم يتسنَّ لهم ركوب السيارة ذهبوا مشياً على أقدامهم وشاركوا في المعركة. وقد علمنا من الذين شاركوا فيها أن الأهالي كانوا على علم مسبق بأن القوات اليهودية ستتوجه من مستوطنة نهاريا، في جهة الغرب إلى قلعة جدين في جهة الشرق، وهي قلعة قديمة قيل أنها منذ زمن الرومان، وعلى قول آخر، أنها منذ زمن الصليبيين، فأعدوا الكمائن بانتظار مرورهم بالقرية، وكانوا قبل ذلك قد وضعوا سداً من الحجارة والصخور في وسط الشارع بعد رصد سيارتين تكرر مرورهما باتجاه القلعة. بعد وضع السَّد تحول اليهود بالصعود إلى القلعة عن طريق الجبيل شمالي كويكات، وفي صباح اليوم التالي كانوا يشاهدون انكفاء الزرع بسبب دوس أقدامهم. ثم أخذوا ينقلون التموين وغيره بواسطة إحدى الطائرات الصغيرة، تلقيها إليهم من الجو بواسطة (الباراشوت). وبوصول القوات اليهودية إلى منطقة الريّس تتقدمهم جرافة ومصفحة حراسة، وفي المؤخرة مصفحة ثانية، يتوسطهما خمس سيارات شحن وباص وصهريج وقود، فوجئوا بإطلاق النار عليهم من الكمائن التي كانت لهم بالمرصاد، فتقدمت الجرافة وفتحت فجوة في السد ووصلت إلى القلعة، وتعطلت المصفحة الأولى التي كانت وراءها، ولم تتمكن القافلة من التقدم، وأثناء القتال الذي شارك فيه خمسة من جيش الإنقاذ بقيادة الضابط علوش، إلى جانب أهالي قرى المنطقة، صدرت نداءات من المقاتلين إلى اليهود تطلب منهم التسليم، ولكنهم رفضوا واستمروا بالمقاومة. وطلب المقاتلون وقوداً لإحراق الآليات، فأتوهم بكمية من البنزين، أخذها شحادة علي شحادة، وأسرع إلى المصفحة الأولى وأشعل النار بها، وأثناء قيامه بالعملية فوجئ بقنبلة يدوية ألقيت عليه، فأخذها بيده وأعادها بسرعة إلى المصفحة. انتهت المعركة عشاء، وأسفرت عن قتل جميع أفراد القافلة وعددهم 84 جندياً بينهم امرأة. ومن الجانب العربي، استشهد ثلاثة أحدهم جندي من جيش الإنقاذ، وأحمد حِسِن من الكابري، والثالث من لوبية، كان ماراً بجمله محملاً بالبرتقال من أحد البساتين إلى قريته. وجرح ثلاثة، اثنان من كويكات وهما شحادة علي شحادة، وقد أصيب برجله، وذيب محمد سنونو، وقد أصيب بيديه، والثالث حسين خليل من الشيخ داوود، وقد أصيب بصدره. ومع انتهاء المعركة، أطلقت قوات الاستعمار البريطانية قذائف المدفعية من مواقعها في تل السميرية على أرض المعركة، ولم يصب أحد بأذى. وكان ذلك اليوم يوم فخر واعتزاز بالانتصار على القوات اليهودية، وعاد المقاتلون من الأهالي إلى قراهم بالأهازيج، وعم الفرح والابتهاج جميع القرى التي شاركت في المعركة، وبعد ثلاثة أيام من انتهائها حضرت قوة من جيش الاستعمار البريطاني إلى المكان، وجمعت قتلى اليهود ونقلتهم إلى مستوطنة نهاريا.